رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: اللي شبكنا يخلصنا


اذا سمع احدكم بانني تخلصت من هاتفي الجوال ورميت به ذات يوم من النافذة ..لا يستغرب او تتملكه الحيرة ..فقد وصل بي ألامر الى تجاوز حد المرونة في التعامل مع هذا الشئ الذي اصبح يتحكم في حياتنا …اذكر انني كنت قد مررت قبل فترة بحالة اشتباك بين رقمي ورقم احدى المغنيات ..فابتليت باتصالات منتصف الليل وتساؤلات من شاكلة (وين انتي ؟ العروس جاهزة والناس متلمين!!!) ..او تلك المراة التي اتصلت للتاكد من رقم الحساب البنكي لتودع العربون ..او ذلك الذي اتصل وانا في خضم الاجتماع ليسالني (البنات الشيالات… الهايس جاتهم ..يمشوا قدامك ولا ينتظروك؟)..تلك ايام خلت والحمد لله ..واستطعت النوم اخيرا ..ولكن يبدو ان هاتفي لا يتعظ… فهاهو يشتبك هذه الأيام مع هاتف رجل يدعى ابراهيم …رن الهاتف (دغشا بدري).. ( السلام عليكم ..لو سمحت اكلم ابراهيم )..ارد بنصف عقل فقد كنت أغط في نوم عميق (ابراهيم منو؟)…فقال لي (ياخي بطلي هزار ..ادينا ابراهومة)…حلفت باغلظ الايمان انه لا يوجد من يدعى ابراهيم في منزلي ..وكذلك لم يستحضر عقلي شخصا أعرفه بهذا الاسم …الاتصال عاد مرة اخرى في الصباح التالي ( ابراهيم …وين انت ؟) …والله لو كنت أعرف مكانه لدللتك عليه …ولكني لا أعرف …اليس غريبا ما يحدث معي ؟ أين يكمن الخطأ؟؟ في الشبكة ؟ ام في هاتفي ؟ ..قلت لنفسي (اصلو لو في اشتباك كان اخير مع الفنانة ..على الاقل كان هناك احتمال ان يغذى حسابي بقروش العربون وكدا )…ولكن هذه الشبكة (بكسر الشين) يحلني منها الحل بلة …اعتقد وبعيدا عن هذه الدوامة التي أعيشها…. اننا نحن السودانيون الوحيدون الذين نتصل هاتفيا وندخل في الحديث دون التعريف بانفسنا أو دون التفكير لحظة بأننا نتحدث مع شخص اخر غير المراد الاتصال به…بل ان هناك من (يتظارف ) ويقول لك (ما عرفتيني؟ والله ما اقول ليك الا تتذكري؟) …وبعد اخذ ورد..تطلع النمرة غلط…لكن برضو دا ما مشكلتي …..مشكلتي هي ان هاتفي أصبح يتصل بأرقام لا أعرفها (لا ادري كيف يتم هذا تقنيا ) ..ويترك رساله فارغة يفهمها بعضهم بانها (حضرنا ولم نجدكم)..فيتصل علي صوت مهذب (لو سمحتي الرقم دا اتصل علي وخلى رسالة فاضية ) …واعتذر بأنني لم اتصل به ولا أعرف الرقم أصلا ….واتعلل بالشبكة والتشابك ولكن الامر فاق الاحتمال …حدث الأمر اكثر من عشرة مرات في الأيام الثلاثة الفائتة ..حتى حفظت الرد وصيغة الاعتذار ..ولكني سئمت وقلت (الروووب ) يعني هي الشبكة تعبانة وواقعة والنت تدفع فيهو وما يتواجد ..كلو عرفناه ..الا التلفون المجنون والشبكة المفوتة ديل ..ما سمعنا بيهم. والشئ الاغرب ان اتلقى رسائل من معارفي بان هاتفى كان مغلقا وهم يحاولون الاتصال بي ..والحق يقال انه لم يكن مغلقا ولكنه كان تائها في ملكوت هذه الشبكة العجيبة يتصل بمن يحلو له ويرسل لمن يخطر على باله رسائل خالية من اية احرف …وانا من ذلك بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب. عليه وجب عليا اتخاذ خطوات مهمة قبل التخلص نهائيا من هاتفي النقال …اولا ومن هذا المنبر اعلن عدم مسؤوليتي عن ما يقوم به هاتفى من اتصالات باناس لا اعرفهم ولا يعرفونني ..او بما يرسله من رسائل لاشخاص لم التقيهم من قبل …ثانيا يا ناس الاتصالات ..يا تصلحوا شبكتكم دي يا ترجعونا للتلفون اب قرص . وسط غيظي هذا كان المسجل العتيق يغني (راجيك في التلفون …لو مرة جرسه يرن)..وصباحكم خير

د. ناهد قرناص


تعليق واحد

  1. المثل السوداني هو (الشبكنا يحلنا) لكن المصريين بيقولوا (يخلصنا) ارجو ان تكونوا سودانيين في ما تكتبون ما مصريين