حزب الـ 6%
في قاعة مكيفة الهواء كان السيد الحسن الميرغني يمسك بالآلة الحاسبة.. مولانا الصغير بعد أن غرق في النقاش تحلل من بعض اللباس التقليدي.. شرح الحسن لمرافقيه الطامعين في السلطة خطته في اكتساح الانتخابات.. لا شيء يجعلنا ندفع ثمن تذكرة الوصول إلى السلطة إذا كان من بيده الحكم يحملنا إلى الهدف.. أحدهم تحدث عن التمويل.. هنا ابتسم الحسن وأوضح للاجتماع أنه سيتولى تدبير ذلك.. بالطبع لم يسأل سائل من أين؟.
أمس الأول سألت على الهواء وفي برنامج الميدان الشرقي الدكتور الحاج آدم نائب الرئيس السابق، عن الحصة التي نالها الحزب الاتحادي الكبير أن كانت تمثل حجمه بين السودانيين.. دون تردد رد النائب السابق بنعم.. عدت وقلت له يا سيادة النائب “إنها فقط ستة بالمائة”.. لم يتزحزح الدكتور آدم عن موقفه.
تلك النسبة كانت مفاجئة للبروفيسور بخاري الجعلي الذي أوضح أن الذين صوتوا للحزب الاتحادي الديمقراطي في انتخابات العام ١٩٨٦ زاد عن الخمسة ملايين مواطن.. وكان حزب الاتحاديين الأول على الساحة من حيث عدد المصوتين.. صحيح أن الكثافة الصوتية ضاعت بسبب عدم التنظيم الذي أدى لتصارع أكثر من مرشح للحزب في الدائرة الواحدة.
حصاد السيد الحسن كان بائسا في هذا الموسم.. الحزب الذي كان عملاقا نال خمس عشرة دائرة جغرافية.. ثم عشر أخرى عبر قائمتي المرأة والقائمة النسبية.. الذين صوتوا لحزب الحسن لم يتجاوزوا (٢٤٩) ألف مواطن.. بينما نال حزب الأمة القيادة الجماعية الذي يتزعمه نجل الإمام الهادي (٢١٤) ألفا صوتوا لقائمته النسبية.. نجح الصادق الهادي في حصاد أربع دوائر من القائمة النسبية وذلك بالضبط ما ناله حزب السيد الحسن.
المقارنة مهمة بين حصاد الحفيدين.. الدكتور الهادي حقق ذلك النصر بأقل الخسائر.. لم يجهد نفسه في الانتخابات.. من شدة تواضع الصادق الهادي أنه زهد في قائمة المرأة وترك القائمة بيضاء.. الحسن الحفيد دخل المعركة بزخم أكبر.. بدا المنافسة بإطلاق نار على رموز حزبه.. في يوم واحد وبجرة قلم فصل عشرات القيادات التاريخية بحجة أنهم لا يواكبون المرحلة الجديدة.. من شدة عجلة الحسن للحاق بالانتخابات أنه كان يكرر اسم المرشح الواحد في أكثر من دائرة.. بل إن بعض المرشحين تمت تسميتهم دون إخطارهم.
رغم هذا الحصاد البائس يطالب حزب الحسن بمنصب نائب رئيس الجمهورية الذي من المتوقع أن يشغله السيد الحسن شخصيا.. هنا يتضح لماذا كان السيد الصغير متحمسا للمشاركة في الانتخابات.. مطالب الحسن تشمل منصب والي الخرطوم ورئيس البرلمان وعدد مقدر من الحقائب الوزارية التي سيتم توزيعها على المقربين والهتيفة.
بصراحة.. الحزب الحاكم سيمنح السيد الحسن مكتبا فخما في القصر مملوءً بما لذ وطاب من الفول السوداني وبلح القنديل.. لكنه سيكون على هامش المشهد الحقيقي.. ولكن العاقل أحيانا لا يتعظ بغيره ولو كان في مقام الأخ الشقيق.
قراءة واقعية جدا” لحزب بتاريخ الحزب الاتحادي تحول الى قزم يستجدي الكراسي
من يزرع الشوك لن يحصد سوى الجراح …..