متى ينصلح الحال
(شب حريق هائل بمستشفى السلاح الطبي بأم درمان وأتلف (كيبل) قيمته (5) مليارات جنيه. ونقلت مصادر خاصة لـ(المجهر) أن الحريق اندلع بقسم الطب النفسي إثر التماس كهربائي حدث في الكيبل وأدى إلى اشتعاله سريعاً، الأمر الذي أحدث هلعاً بين المرضى والمرافقين وطاقم المستشفى، وقبل أن يمتد الحريق وتتسع رقعته حضرت قوات الدفاع المدني واحتوت النيران، وكشفت من خلال تحرياتها أن سبب الحريق التماس كهربائي.. ولم تقع خسائر في الأرواح.)
هذا خبر اوردته احدى الصحف اليومية ، ويبدوا انه خبر كأي خبر من اخبار الحوادث ، ولكن حادثة كهذه يجب ان يكون لها اعتبار خاص ووقفة جريئة من المسؤولين لمعرفة الاسباب واوجه القصور ، وتحديد الحجم الطبيعي للذي تلف بسبب الخطأ و الجزء الذي تلف بشكل طبيعي من التلف الاول ..
ان اعطال الكهرباء معروفة ومعلومة لكل العاملين في هذا الحقل ، واي مهندس او متخصص في الكهرباء يمكن ببساطة ان يرسم خريطة ويضح فيها اين كان السبب لمثل هذا الحريق وبالتالي ليس بالصعوبة تحديد المسؤولية ..
هناك اساسيات يقرها العاملون في حقل الكهرباء وهي ان انتقال الكهرباء يتم بالتدرج من التوليد الى ان يصل الى المستهلك ومن وصوله الى المستهلك الى اجهزته ومعداته ، وكل مكّون معروف كم يستهلك وكم يحتاج وكم يصله .. وبالطبع كل مرفق يحتاج لتيار عالي وكمية من الفولطية تكفي حاجة المبنى لتعمل في امان ، فمثلا هذا المستشفى من البديهي ان تكون له محطة فرعية بها محولات ومثبتات وما الي غيره ، فالمحولات هي التي مناط بها تخفيض التيار من الضغط العالي الى الضغط المنخفض ومنها الى اجزاء داخل المبنى تقسم التيار بعناية وبكميات حسب الطلب ولها مرفقات تساعد او تمكن من الحماية في حالة ارتفاع الجهد لتفصل التيار وبالتالي تؤمن التلف من ان يصل الى باقي المزودات من كوابل ومولدات ومحطات ..
اعتقد انه يوافق قولي المختصون لو ان قاطعات الدوائر كانت تعمل بشكل طبيعي او انها من النوع الجيّد لم احترق الكيبل ولم انتقل حدث الحريق من بدايته وان حدث يكون بالأكثر في قواطع التيار.. وحاليا هناك تقنيات تساعد كثيرا في الحماية وفصل التيار قبل ان يسخن الكيبل ويؤدي الى الحريق .
ما ندر ان تسمع ان كيبلا قد احترق مالم يكن تحت الارض وتم اتلافه بمعدة حفر لا نه وكما ذكرت وسائل الحماية تقوم بذلك ..
وفي مثل هذه الحالة التي نشر خبرها فاني اعزي هذا الحريق لضعف التيار وزيادة الاحمال وربما كان المشغل بهذا الكيبل يعادل اضعاف حمولته .. والاهم لا توجد مراقبة دقيقة او قياسات في غرف ملحقة بالمنشآت يتم بها معرفة الخلل قبل وقوع التلف ,و قياسات الفولطية والجهد وخلافه ودرجة الحرارة كلها اجهزة صغيرة ويمكن تركيبها في غرفة لا تتعدى مترين في مترين وقيمة الاجهزة لاتصل الى مبلغ هذا الكيبل ..
بالطبع قيمة الكوابل هي اغلى جزء في الامداد الى جانب المحطات والمحولات فقد ذكر الخبر ان القيمة 5مليارات وتلقائيا سأقول بالطبع بالجنيه القديم لان صحافتنا لها عقدة ولم تنفك منها وهي عدم كتابة ارقام الاموال بالوحدة الجديدة والتي لم تصبح جديدة فلا ادري لم الاصرار على كتابتها او حصر تكاليف بالوحدة السابقة
.. 5 مليارات بالجديد ان كانت تعني ذلك في خبرها تعادل رقم غير مقروء بالقديم وهذه المليارات كافية ان توصل خط من خزان مروي الى موقع المستشفى ,, فأرجو من صحافتنا ان تواكب وتخرج من هذه العقدة وتكتب عملة الدولة التي اقرتها ..
أسوأ ما في هذا الامر هو دلالة على عدم التجويد ووقوف المسؤول بنفسه على دقة العمل . فنحن في السودان تقريبا نكون الدولة التي لا تعتمد كثيرا او في كثير من الانشاءات على الاستشاري وشروطه وشروط ومواصفات التشييد .. او ربما لم يكن هناك استشاري اصلا ..
كثير من الادوات لا تعتمد من قبل المواصفات القياسية وانما تأتي الشركة المنفذة بالمعدة او الادوات وتركب ، وقد واكبت ذلك في انشاء وتشييد مرافق صناعية تابعة للدولة فقد كنت اسمع اسم الاستشاري فقط ابان مرحلة العمل الخرساني والصبات الاسمنتية اما الكهرباء والتمديد لم اسمع برسومات معتمدة من الاستشاري ,, وان كانت اصلا موجودة.. فطيلة فترة التنفيذ لم ارى مندوبا من مكتب الاستشاري يزور موقع التنفيذ والوقوف على ان العمل يسير وبحسب المطلوب ..
ضعف مراقبة الاستشاري لتنفيذ المشاريع يؤدي الى مصائب كثيرة بعد الانتهاء فالمقاول اكيد سيسعى للتوفير ويستخدم مواد اقل تكلفة مع ان ذلك ممكن ايضا ان لم يكن الاستشاري نزيها .. ولهذا الاسباب ما من مشروع اكتمل الا وجّد فيه خلل اساسي ومعيب للعمل ككل ، كنفق عفراء الذي أنشئ من غير تفكير في التصريف المائي … او كإمداد مواسير مياه لحي ويتضح فيما بعد انها لا تكفي .. وملاحظات كثيرة في اعمال الطرق والكباري ..
أي مشروع يتم الانتهاء منه يتم تسليم كتيبات التشغيل والصيانة معتمدة من الاستشاري للمالك والذي بدوره يتبع خطواتها الدورية ويغير المطلوب تغييره في مواعيد محددة في الكتيب حتى لا تحصل الكارثة ..
في حالة هذا الكيبل اولا على شركة الكهرباء استلام تقرير من الدفاع المدني يحدد سبب الحريق ومن اين بدأ وهي بدورها تحدد السبب الذي انشأ الحريق وهل هو عيب تنفيذي ام رداءة اجهزة ام توليد ام انه بسبب عدم الصيانة الدورية داخل المبنى .. وحين يتم التحديد يجب ان تتحمل الجهة مسؤوليتها وتقوم بدفع هذه الخسارة كلها منفردة او مدمجة مع وحدة اخرى تتحمل نسبة من المسؤولية ..
مشكلتنا اننا لا نتعظ من الاخطاء ولا ترشف للرجوع اليها من وقت لآخر في اعداد مواصفات المشاريع الجديدة ، فمثل هذه تعتبر دراسات مجانية للجهات ذات العلاقة فعليها الاستفادة منها .