دستور أسيادنا ..!!
قبل عامين فوجيء والي الخرطوم، بخطاب استدعاء من رئيس المجلس الوطني.. رئيس البرلمان وقتها الفاتح عزالدين، كان يطلب تقريرا عن موقف السيول والأمطار والاحتياطات اللازمة.. الدستور الانتقالي منح البرلمان حق استدعاء الوزراء وشاغلي الوظائف العامة.. فيما ولاة الولايات انحصرت علاقتهم بالمجالس التشريعية في الولايات.. الوالي الخضر مارس قدر من الدهاء وارسل نائبه حتى يتفادى إحراج المشرع الأكبر.
أمس الأول بادر والي كسلا واصدر قرارا بإعفاء حكومته.. من قبله قام والي نهر النيل بعمل مشابه حيث أعفى معظم وزرائه.. معظم الولاة المنتخبين أدوا القسم في نهاية شهر مايو من العام٢٠١٠.. عليه وبعد مرور خمس سنوات من تاريخ أداء القسم يفتقد هؤلاء الولاة شرعيتهم الدستورية.. رغم تلك الحقيقة لم يبادر والٍ ويضع القلم.
توقعت أن يبادر رئيس الجمهورية بإعفاء هؤلاء الولاة بنهاية استحقاقهم الدستوري.. بالطبع من حق الرئيس بعد التعديلات الدستورية الأخيرة أن يعين من يشاء منهم أو يفوض من هم دونهم لتسيير دفة الحكم.. لكن الصمت يجب ألا يكون خياراً حينما يفصح الدستور.
التعامل مع الدستور في عهد الإنقاذ تنتابه حالة من عدم الحساسية.. بعض قادتنا يتعامل مع الدستور مثل تمثال العجوة.. يبذلون له مظاهر الاحترام ولكن حين يجوعون يلتهمونه طعاما طيبا.. مثلا الدستور نص بوضوح أن عدد أعضاء المحكمة الدستورية تسعة.. الآن ومنذ سنوات تسير المحكمة أمورها بسبعة أعضاء فقط.
قبل أيام دار نقاش تحول لاحقا لصراع بين وزارتي الصحة الاتحادية والولائية.. الصراع جوهره قانوني ويتعلق بحق ولاية الخرطوم في إنشاء مجلس صيدلة ولائي يتحكم في السيطرة على بعض السياسات الصيدلانية والعلاجية.. حسب الدستور أن المحكمة الدستورية هي من يفصل في مثل هذه المنازعات.. السيد وزير الصحة الاتحادي لجأ إلى النائب الأول لرئيس الجمهورية.. حسم النائب الأول الفريق بكري حسن صالح، الصراع لصالح وزارة الصحة الاتحادية عبر توجيه له قوة فوق الدستور.
في تقديري مطلوب من السلطة التنفيذية أن تتقيد بأحكام الدستور.. وأن لم تفعل على السلطات القضائية والتشريعية أن تلوِّح بنقطة نظام.. دستورنا مرن ولا يحتاج تعديله إلا رغبة الحكام وعامل الصبر الذي تحدده أجال زمنية بين تقديم تعديل وأجازته.. سبق لرئاسة الجمهورية أن طلبت نحو أربعة تعديلات تتعلق بتقييد حق المواطنين في انتخاب ولاة الولايات.. اللجنة المعنية بالأمر تكرمت بإجراء تعديلات طالت نحو خمس عشرة مادة في الدستور.
بصراحة.. احترام الدستور مظهر حضاري.. نأمل أن تكون الدورة الرئاسية الأخيرة عنوانها احترام الدستور.. هل قلت الدورة الرئاسية الأخيرة؟.
فعلا لن تكون الأخيرة الا برب العالمين او ملك الموت .