ماتت (ناريمان) يا ريس !!
من الخدمات الأساسية التي من الواجب أن تسخر لها الدولة جهدها وإمكاناتها هي الصحة والتعليم فبدونهما ينفرط العقد الاجتماعي ويصبح الضياع والموت سيد الموقف.. ومن واجب الدولة أيضا أن تهتم بأمر رعاياها الذين غادروا ديارهم وأرض أجدادهم وارتضوا مسح قراهم من سطح الأرض من اجل إقامة مشروع قومي مثل سد مروي..
قرى أمري الجديدة التي تم تهجير مواطني قرى أمري لها والتي تقع بوادٍ غير ذي زرع يسمى بوادي المقدم أتى لها أهل أمري وفي خاطرهم أن أبواب الجنة قد فتحت لهم كما صورت لهم مفوضية التهجير التابعة لوحدة السدود.. ولكن لم يلبثوا أن واجهوا جملة من المصاعب والكوارث على رأسها مشكلة المياه للشرب والزراعة بل تكبد المزارعون خسائر فادحة بسبب العطش حتى وصل الأمر ببعضهم أن هجر الحواشات وضرب يبتغي رزقا في مناطق التعدين والأعمال الأخرى..
ومع الانتقال للمنطقة الجديدة ايضا بدأت تظهر أمراض لم تكن معروفة للمهجرين من قبل وأغلبها تعود لمياه الشرب..
ومن الأحلام الوردية التي رسمتها مفوضية التهجير وسرعان ما بانت حقيقتها المنازل التي تعجب الناظرين من الخارج ولكنها تصدعت بسرعة مذهلة وانهارت بعض مرافقها تماما..
كل ذلك كوم ووعودهم بتحسين الخدمات الصحية كوم آخر. فالمراكز الصحية بالقرى عبارة عن مبنى بلا معنى يفتقد لكل المعينات المادية والبشرية..
ولعل ما حدث للطفلة (ناريمان) ومن قبلها عدد من الأطفال راحوا ضحية لسعات العقارب وعدم توفر الأمصال خير مثال على نقص الخدمات الطبية..
أهل أمري لم يطلبوا المستحيل فقط توفير الأدوية الضرورية وعربة إسعاف مجهزة لن يكلف الدولة كثير عناء وهي التي صرفت على مهرجانات سد مروي المليارات..
ماتت (ناريمان) يا ريس لأن جرعة لا تكلف أكثر من 35 جنيها غير متوفرة بمركز صحي القرية 3.. ماتت (ناريمان) في أحضان والدها المكلوم وهو يهرع بها على متن عربة أجرة لمستشفى مروي عله يجد المصل هناك ولكن هيهات فقد أسلمت الصغيرة الروح لربها قبل أن تصل والله اعلم هل المصل متوفر في مستشفى مروي أم لا ؟
ماتت الصغيرة (ناريمان) يا ريس قبل أن تحفظ سورة الفاتحة وتحمل الإبريق والمصلاية لوالدها..
ماتت قبل أن (تقدل حلوة وبين أيديها كتابها).. وناريمان لم تمت وحدها فقد سبقها عدد من الأطفال بنفس السيناريو المؤلم والصمت هو سيد الموقف..
ماتت (ناريمان) في دولة المشروع الحضاري
ودولة العزة والكرامة التي يحظى فيه الدستوري بعربات مليارية وتترك المستشفيات والمراكز الصحية بلا إسعاف ولا دواء..
ماتت ناريمان يا ريس ويا وزارة الصحة ويا وحدة السدود تلك الإمبراطورية التي يحمل قادتها كل مظالم المهجرين على ظهورهم يوم البعث العظيم..
اللهم أجعل (ناريمان) شفيعا لوالديها وعوضهم خير يا أرحم الراحمين، وارنا عجائب قدرتك في القوم الظالمين..
وفي الختام أدعو كل المنظمات والجمعيات الطبية والمهتمة بأمر الطفولة للمساهمة في توفير الأمصال والأدوية الضرورية لأطفال القرى بالسودان قبل حلول الخريف.
والله ربنا يرحمها ويجعلها شفيعة لوالديها ..
اتمنى من الاخوة بدول الاغتراب الاهتمام بعمل صناديق خيرية تستخدم في شراء امصال العقارب والثعابين واذا توفرت الامانكانيات وتوسعت في شراء الاشياء الاكبر فخير وبركة
أضم صوتي لصوت الأخ osama mohmmed saad ، وارجو من اهل كل منطقة بالخارج السعي لتوفير
الخدمات الاساسية بنفسهم ولا ينتظروا من الحكومة شيئا.
نحن في منطقة الجيلي قمنا بشراء عربة اسعاف مجهزة بكافة المعدات رغم اننا على بعد خمس واربعين كم من القصر الجمهوري ولكن لا حياة لمن تنادي، فما بالك بمن هم في اصقاع السودان
وعايزين يترشحوا تاني وتاني وتاني وتاني وتاني .
نائحة بامتياز