اختطاف مواطن..!!
في منتصف أبريل الماضي كان السفير السعودي يتلقى اتصالا عاجلا من وزارة الخارجية الإندونيسية.. لم يُتح للسفير استعدال العقال العربي الذي يرتديه.. كانت كل السيناريوهات ماثلة أمام السفير من الطرد إلى لفت النظر.. الغضب الإندونيسي سببه الحكم بإعدام خادمة منزلية تورطت في قتل طفلة بطريقة وحشية.. القضية تم تداولها بشكل مكثف في الأواسط الإعلامية والسياسية.. رغم اقرار حكومة جاكرتا بفظاعة الجريمة إلا أنها طالبت بفحص الحالة النفسية لمرتكبة الجريمة والظروف المحيطة بعملها داخل منزل أسرة القتيلة.
في السادس من يونيو الماضي كان المحامي محمد إبراهيم يطالب من السلطات السودانية إسقاط جنسيته بسبب اعتقاله عن طريق الخطأ.. حكومتنا لم تعترض على حالة هروب الأستاذ المحترم ولكن طالبته بالحصول على جنسية دولة أخرى قبل مباشرة إجراءات إسقاط الجنسية.. الأستاذ محمد إبراهيم الآن خارج الحدود في حالة بحث عن وطن بديل.. مصدر قانوني في الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية أفاد في خواتيم العام ٢٠١٣ أن إدارته تبحث في نحو خمسة عشر طلب إسقاط جنسية تقدم بها مواطنون سودانيون .
تذكرت كل ذلك وأنا اقرأ خبر اختطاف المواطن السوداني عياد معلا عيسى في صحيفة “التيار”.. المواطن عياد مختطف منذ التاسع من رمضان، وخاطفوه يطالبون بفدية مالية مقدارها خمسة عشر ألف ريال سعودي.. الخاطفون يدعون أنهم من تنظيم الحوثيين وأنهم قبضوا على المواطن السوداني أثناء محاولة تسلله عبر الحدود إلى السعودية.. حسب إفادات أسرة المواطن المختطف أن خاطفيه يتحدثون بلهجات غير سودانية ويحتجزون مع ابنهم سودانيين آخرين من بينهم فتاة والجميع يتعرض لتعذيب وحشي.
الحكومة السودانية استسهلت الاختطاف وقالت على لسان مصدر شرطي استطلعته (التيار) إن المسألة لا تتجاوز عملية الإتجار بالبشر وأن الشرطة تفك يوميا أسر نحو ثلاثمائة مواطن جلهم من اللاجئين.. شقيق المواطن المختطف قال إن السلطات طلبت منه مخاطبة وكيل النيابة عبر عريضة.. من جهة أخرى أسندت عملية التحريات لضابط صف برتبة صول.. أسرة المواطن المغلوب على أمره بدأت تطرق كل الأبواب.. لم تتمكن من مقابلة والي الخرطوم المشغول بكنس آثار الوالي السابق.. وزارة العدل أخبرت الأسرة أن الملف سيتم رفعه للنائب العام ولكن عقب عطلة عيد الفطر المبارك.. الأسرة المغلوب على أمرها في حالة قلق وترغب والحكومة تغط في نوم عميق.
في تقديري أن الحكومة ترتكب خطأ كبيرا حينما تتعامل بهذا البرود في قضية طرفها الآخر مواطنين سودانيين يتعرضون لأخطار تصل حد الموت.. سألت نفسي كيف ستكون ردة الفعل الحكومية لو أن المواطن المختطف كان ابنا أو شقيقا لمسؤول.. هل ستكون الإجابة (أمشو وتعالو بعد العيد).. اسوأ ما تنتجه هذه السياسة الباردة في التعامل مع قضايا ساخنة توليد الإحساس بأن الوطن لا يتعامل مع أبنائه بدرجة متساوية.. وفي قراءة أخرى أن أرواح السودانيين لا قيمة لها عند حكومتنا.
بصراحة.. إن لم يتم توطين التعامل بإنسانية مع المواطنين فسيشهد بلدنا الطيب حالات هروب جماعي.. الوطن ليس مجرد قطعة أرض ذات محيط جغرافي.. الوطن هو المكان الذي تشعر فيه بالأمان وأنك لست وحيدا.
في تقديري.. وبصراحة.. ما عندك موضوع !!..