حفيد (ملوك العناقريب) بالسودان: ورثنا هذه المهنة أباً عن جد والعنقريب أصله (هندي).! .. الصين تهدد صناعتنا
يعتبر العنقريب من موروثاتنا السودانية التي لا يمكن الإستغناء عنها لأنها إرتبطت بالوجدان السوداني وشكلت هوية ونكهة خاصة بدخولها في العادات والتقاليد السودانية، وإحتفظ العنقريب بمكانته المرموقة كموروث يحمل على ظهره (الأموات) ويزف عليه (العرسان) بما يعرف بـ(عنقريب الجرتق)، ويرجع أصل العنقريب إلى الهند وأصل الكلمة باللغة النوبية هي (أن قريب)، وفي شارع العناقريب بسوق أم درمان إلتقينا بحفيد ملوك العناقريب مزمل إبراهيم قسم السيد المولود بأم درمان حي العرضة ليحدثنا عن هذه المهنة وكيف أصبحوا ملوكاً للعناقريب فماذا قال؟:
مهنة الآباء والأجداد
يقول مزمل إبراهيم إنهم ورثوا هذه المهنة أباً عن جد وكان العنقريب (يصنع) يدوياً بالكامل حيث يتم (نجره) بآلة قديمة تسمى (القدوم) ثم المخرطة اليدوية بواسطة الحبل ثم جاءت المخرطة الكهربائية الحديثة مؤخراً وساعدت على إنتاج كميات أكثر على عكس الآلات القديمة.
أسماء العناقريب
يمضي مزمل في الحديث بقوله إن أنواع العناقريب وأسماءها تؤخذ من (شكل الأرجل) فتوجد أسماء مثل (أبو السروج والساج) والأخير يأتي من جنوب السودان جاهزاً ويستخدم في الجرتق بجانب الأواني المكملة للجرتب كالـ(حق) الذي توضع فيه العطور المحلية، ثم عنقريب (أحفظ مالك) وهذا يتميز بوجود أساور من بداية الرجل حتى نهايتها، و(البلابل) وهذا يتميز بوجود ثلاث رمانات مستديرة، (الكادر) وفيه خمس رمانات وثلاث أساور ثم يأتي (الهبابي) وهو يتميز ببساطة تصميمه فهو بلا ميزات جمالية من ناحية الشكل وغالباً ما يستعمل في التنقل والسفر لخفته وسهولة حمله ويوضع في وسط الحوش عند إرتفاع درجات الحرارة وتستعمله الحبوبات وبعض التجار في الزرائب والأسواق الشعبية، ثم يأتي عنقريب (السوارات) وهو نوعان (مربع ومستدير)، وعنقريب (النحت وكأس حبل) وهذان آخر صيحة في عالم العناقريب.
أنواع الخشب المستعملة
يصنع العنقريب من أنواع خشب كثيرة من مناطق مختلفة في السودان وخصوصاً جنوبه وغربه وهي أخشاب (السدر والسنط والهجليج والمهوقني والتك والبان، ومعظم العناقريب تصنع من خشب السدر والسنط والبقية تصنع حسب الطلب لأن أسعار الأخشاب غالية جداً.
كيف يصنع العنقريب؟
يقول سليل ملوك العناقريب إن طريقة صنعه تقوم على أخذ المقاسات من الكتل الخشبية على حسب (رجل العنقريب) وسمكه وإرتفاعه ثم مرحلة (الخراطة) تعقبها عملية (التخريم)، تخرم الرجل بأربعة إتجاهات لتدخل من خلالها (الشوكة) أو المرق ثم صنع الوسادة التي تصنع بواسطة آلة (المقلام) ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي مرحلة (الركاب) أي تركيب وتجميع العنقريب، وتعالج الأرجل بالمعجون والصنفرة والجملكة والدهان، ثم يصبح العنقريب جاهزاً للجلاد وهي مرحلة تتخصص فيها فئة معينة تسمى الجلادين وهم يتقنون فنون المهنة بشكل كبير ويستوحون أنواعاً جديدة من الجلاد بجانب طلبات الزبون ورغباته إذ أن هناك أنواعاً كثيرة من الحبال المستخدمة في الجلاد كالسعف وحبال (الدبارة) التي تتميز بالنعومة والراحة وهناك (القد) وهو جلد البقر الذي يتم تقطيعه إلى شرائح بعرض (2) سنتمتر ويستعمل ليناً لأنه يجف بسرعة وأيضاً ظهرت حبال الخيوط المتينة والناعمة الملمس وهي مريحة أكثر من السعف.
دور كبير في الحياة الإجتماعية
يضيف مزمل أن للعنقريب دور كبير في الحياة الإجتماعية السودانية وتستخدمه طبقات المجتمع المختلفة، وقديماً كانت (غرفة النوم) عبارة عن عنقريب وسحارة ونملية، أما الآن فيطلب منا صنع (عنقريب دبل) للعرسان، وبالنسبة للأسر العريقة تستخدم العنقريب لمميزاته الكثيرة وشكلة الديكوري الجميل وبعضهم يشيد (رواكيب) تزين بالعناقريب والبنابر والسحارة والأدوات المنزلية التقليدية القديمة كنوع من المحافظة على البيئة السودانية الأصيلة كذلك بعض المطاعم تلجأ إلينا لتصنيع جلسات سودانية.
صناعة العناقيب مهددة بالإنقراض
بحسرة تحدث صانع العناقريب مزمل عن مستقبل هذه المهنة العريقة وقال إنها مهددة بالإنقراض بسبب غزو المنتجات الصينية لسوق العناقريب وبعض التجار تركوا السوق وإنضموا لركب الأثاثات الحديثة مقلصين عدد الدكاكين في شارع العناقريب من (17) دكاناً إلى ثلاثة فقط.
الخرطوم/ سندس الناظر/السياسي