الى صاحب السمو الوالي..!!
قبل سنوات لفت نظري خبر ان نجل الملك سيتزوج في احدي صالات معرض الخرطوم الدولي بالخرطوم شرق..في البداية ذهب خيالي بعيدا وظننت وليس كل الظن إثما ان احد الملوك اختار بلدنا ليحتفي بزواج ابنا له ..لاحقت ادركت ان جلالة الملك المعني سوداني بلحمه وشحمه وعظمه ..لم يحوز الرجل على العرش بشكل رمزي..بل ان قبيلة كريمة ارتضت ان يكون كبيرها ملكا يورث العرش لمن يشاء..مناسبة زواج ابن الملك حضرها من كل فج بعيد عددامقدرا من رموز ووجهاء القوم.
بدأت اتتبع ظاهرة الحكم الملكي في جمهورية السودان..بعد تحريات ادركت ان حكومتنا بطوعها طرحت اللقب الملكي في سوق السياسة.. بدأت تخلع اللقب على عدد من شيوخ القبائل على سبيل الاستمالة..ناظر القبيلة تحول في كردفان الى أمير ..في البداية أغدقت الدولة على الأمراء الجدد حتى يفرضوا واقعهم السلطوي على الشعوب المقهورة..لاحقا حين كثرت جيوش الدستوريين باتت الحكومة تغل يدها حتى اصبح الأمراء (عمد بلا أطيان ).. أكتفي معظمهم من الغنيمة باللقب الساحر.
يبدو لي لاحقا ان الحكام الذين كان بيدهم القلم فكروا في منح انفسهم ألقاب ملكية..زرت بورسودان قبل أعوام ووجدت في مداخلها عبارات تمجد أمير الشرق..أمير الشرق المعني ليس البطل عثمان دقة..بل هو الاستاذ محمد طاهر ايلا والي البحر الاحمر ..ايلا منحه الاعلام ايضا درجة دكتوراة وباتت الصحف تسبق اسمه بلقب دكتور.. اغلب الظن ان دكتوارة ايلا منحت له بشكل فخري كما منحت لغيره من حكام البلد. ذات جرائدنا كانت تمجد والي شمال دارفور وتنعته بلقب السلطان..وخالجني احساس ان بعضهم سينسب الفاشر الى واليها فتصبح فاشر السلطان كبر عوضا عن فاشر ابو زكريا علي دينار.
في الحقيقة لا أمير الشرق ولا سلطان الغرب استخدم اللقب بشكل رسمي.. الا ان اخ لهما في الحكم استخدم لقب أمير بشكل رسمي..بل في سبيل الاشهار استخدم اموال دافع الضرائب للترويج..ولاية غرب كردفان نشرت امس اعلانا مدفوع القيمة بمساحة نصف صفحة في الزميلة الصيحة..الإعلان يتحدث عن مؤتمر صلح قبلي يشرفه الامير ابوالقاسم الامين بركة..ذات اللقب الجديد وضع أسفل صورة لا تحمل عقالا لسمو الوالي.
لا ادري من اين أتى والي غرب كردفان بلقب سمو الامير..لا يهم كثيرا ان كان اللقب منحة حكومية او ان بركة ورثه كابر عن كابر..لكن المهم جداً ان اللقب الملكي بدعة لا تليق بحكم جمهوري يفترض ان يقوم على الانتخابات..التدثر بألقاب ملكية مزيفة يجعل الحكام اكثر بعدا من قلوب شعوبهم..بل في الاستحواذ على اللقب احساس بالزهو والترفع على عامة الناس.
في تقديري ان مساحات الزيف توسعت في حياتنا العامة..الساسة يصرون على استخدام ألقاب علمية مكانها قاعات الدراسة بالجامعات ..اصحاب الخلفيات العسكرية يصرون على التعامل بمقدمة مملة على شاكلة فريق ركن مهندس طيار ..التبسط مهم في الحياة العامة..المنصب العام تكليف شاق وليس تشريفا..أقدار الحكام بين الناس لاتحتاج الى ألقاب ملكية ولا درجات علمية..الرئيس الازهري كان معلما بالمدارس ولكنه خلد في قلوب السودانيين..الراحل المفكر محمود محمد طه لم يستخدم كلمة مهندس للتعريف باسمه.
بصراحة..الحكاية جاطت..قريبا ربما نسمع بلقب ملك النيلين او دوق سوبا..تواضعوا يا سادة يحبكم الشعب.
لا حياة لمن تنادي الناس في سبات عميغ بفعل فاعل وحسبنا الله ونعم الوكيلز