لا تكاد تشرق شمس إلا ويكون غروبها إعلانا بمغادرة كفاءات جديدة.. نزيف الكوادر مستمر وفوبيا المؤامرة الغربية تعمل.. الفارون بجلدهم
ينتظر أحمد إشارة المشرف على رسالته للحصول على الدكتوراه من أجل إجازتها. ومن منظور أحمد فإن المناقشة الطريق الوحيد من أجل المغادرة والحصول على وظيفة في إحدى دول الخليج. في وقت خلت فيه أقسام كاملة من المحاضرين في جامعات أخرى لا ينتظر الشاب أحمد سوى اللحاق بـ 300 من أساتذة جامعة الخرطوم وحدها،.
وفي وقت لا تبدو خلاله ظاهرة هجرة أساتذة الجامعات السودانية استثناء، بحكم مغادرة خمسين ألفاً من الكفاءات البلاد في العام 2014 -منهم 39 ألفا من العمال المهرة- فإن الأمين العام لمجلس التخطيط الإستراتيجي يبدي أسفه لفقدان البلاد لقواها العاملة بفعل الهجرة.
ويخرج منتدى الهجرة الذي يقيمه جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج بعبارة واحدة مفادها (البلد صار خاليا من الكفاءات). وتبدو محاولة تجميل الصورة بلا جدوى، فالأمر بات معلوماً للحكومة نفسها مع استحالة إغلاق باب الخروج بالضبة والمفتاح. وما يؤكد الأمر هو تراجع وزارة الصحة عن القرارات المتعلقة بفتح باب الهجرة أمام الأطباء والكوادر الصحية، رغم أن أرقام المنتدى تقدر المغادرين في العام 2014 بما يزيد عن الخمسة آلاف كادر صحي.
ولا تكاد تشرق شمس إلا ويكون غروبها إعلانا بمغادرة كفاءات جديدة. وتتجلى المفارقة في أنه وقبل أيام قليلة من المنتدى الذي وضع الجميع أمام معادلة الأرقام التي يعيشونها في تفاصيلهم اليومية، كانت ولاية الخرطوم تقول باستحالة إعادة تنظيم المدينة وتخطيطها وذلك لعدم وجود الكوادر الهندسية المؤهلة لتحقيق تلك الغاية. ويشير عجز الخرطوم عن تخطيط شوارعها لغياب المهندسين المهرة إلى وجود خطأ ما يجب تعديله قبل أن تقع الفأس في الرأس.
وبحسب أمير ميرغني، الأمين العام لمجلس التخطيط الإستراتيجي، فإن الهجرة سنة حسنة، ولا يمكن أن تتوقف أو تحارب. ويضاف حديث أمين مجلس التخطيط الإستراتيجي لأحاديث أخرى لمسؤولين حول إيجابيات الهجرة؛ بل إن بعضهم مضى أكثر حين أعلن تصدير البلاد للكادر البشري، لكن ما ظنه البعض فائدة سرعان ما تحول لمشكلة دفعت بميرغني نفسه لاتهام جهات غربية باستهداف البلاد من خلال زيادة هجرة الكفاءات، وكأن الرجل يرى ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب.
إذن يمضي مجلس التخطيط الإستراتيجي المنوط به إعادة بناء دولة سودانية آمنة متطورة ومتقدمة وموحدة، في اتجاه الاستناد على عقلية المؤامرة الغربية في تفسير زيادة حجم هجرة الكوادر السودانية المدربة.
وتعاود فوبيا الغرب والمؤامرة بروزها في محاولات التبرير لمغادرة الكوادر السودانية البلاد. وباعتراف الرجل نفسه فإن الغرض من الهجرة هو تحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الدخل. ويتساءل أحد الشباب وهو يحزم حقائبه مغادراً البلاد بعد أن ترك وظيفته كمهندس كهرباء في إحدى المؤسسات: “هل الغرب هو الذي يحدد مرتباتنا أم أن الحكومة هي التي تفعل ذلك؟”. ويضيف بأن ظروفا موضوعية يمكن تسميتها بغير المحتملة هي التي تدفع بهم لمغادرة الوطن والبحث عن بدايات لحياة جديدة، ولواقع يفتح لك مساحة أن تعيش. ويضيف المغادر وهو يبتسم بحرقة: “أنا أعمل بمرتب قدره ألف وخمسمائة جنيه، وفي ظل غياب كل ما من شأنه أن يقود للتطور، أو حتى بصيص في إصلاح الحال؛ فماذا تريدني أن أفعل؟! الأمر لا علاقة له بالغرب وإنما بالظروف الداخلية المحيطة بالعمل نفسه، ولا شأن لها بعوامل خارجية، وعلى السلطة البحث عن (الغربيين) في الداخل، ممن يجعلون مرارة الغربة أكثر حلاوة من البقاء بين جنبات الوطن”.
ويتجاوز البعض أزمة المغادرين في رحلة هروبهم من الجحيم إلى القادمين إلى البلاد من الأجانب، أسف آخر مفاده أن الأجانب يشاركون السودانيين في الدعم الذي تقدمه الحكومة بنسبة 30%. وتبدو الإشارة هنا للقادمين من شرق أفريقيا من رعايا دولتي إثيوبيا وإريتريا مع استبعاد الهاربين من جحيم سوريا باعتبار أن الحكومة أعلنت فتح أبواب البلاد لاستقبالهم ومعاملتهم معاملة أبناء البلد تقديراً للظروف التي يعيشونها، وهو الوجود الذي يفرض سؤالا يتعلق بإمكانية مساهمتهم في معالجة اختلالات مغادرة الكفاءات السودانية، وسد الفراغ في سوق العمل، وفي إمكانية تقديم الخدمات للمواطنين الذين لم يستطيعوا بعد الحصول على تأشيرات المغادرة.
وتؤكد حالة الهجرة، أو الرغبة في الهجرة، على وجود اختلالات في طريقة إدارة البلاد، وفي طريقة التعاطي مع مستقبلها، وأن السياسات المتبعة، مع غياب الاستقرار السياسي، واشتداد أوار الحرب، مقروناً بالعجز عن الوصول إلى صيغة اتفاق سياسي بين الفرقاء من شأنه إعادة ترتيب الواقع الاقتصادي. وفي ظل التراجع الكبير في سعر العملة المحلية مقابل الدولار وتوقف مشاريع التنمية في البلاد كلها تضحى البيئة خصبة للبحث عن مستقبل، بعيداً عن الأهل والديار، وتكتب في الوقت نفسه صك البراءة للغربيين ومسؤوليتهم عن قطع تذاكر المغادرة أو ختم وثيقة الخروج
اليوم التالي
اعتقد انه لانوجد مشكلة لقد تركناها بناء على أوامر الصالح العام وإفراغ المكاتب من اجل اتاحة الفرصة لكوادر الحركة الاسلامية اسالوا حسن الترابي بتذكية من كان يتم ملء الوظائف في الأماكن الحساسة في القطاع الاقتصادي والعدلي والصحي وحتى الأمني والقوات المسلحة ، اسالوا صلاح كرار والطيب سيخة كم ألفا من الأسر قاموا بتشريدها بين ليلة وضحاها لانها وببساطة ليست من اصحاب الولاء وليذهب الأداء الى الجحيم ، انا شخصيا خرجت وكنت أمني النفس ان ارى بام عيني قبل ان اموت كيف يسير هؤلاء الجهلة اقتصاد دولة بحجم السودان والحمد لله لم يخذلني ربي فقد باتوا كل يوم يعترفون بفشلهم وقصورهم وفسادهم اللا محدود
كل شعوب الارض يهاجرون للعمل خارج بلادهم
ما المشكلة لو هاجر السودانيون
وفي كل بلاد الدنينا الرواتب في الخارج اعلى من الرواتب داخل بلادهم
شنو الفرق بين السودان والدول الاخرى