عبد الباقي الظافر

الجيش والسلطة وإشراقة..!!


٭ وإشراقة تحدثنا أنها كانت ابنة جندي في القوات المسلحة ترقى حتى بات ضابط صف.. ذاك الواقع جعل إشراقة سيد محمود تتنقل بين المدائن وتتعرف على ثقافات متباينة .. إلا أن البيئة العسكرية أثرت عليها في جانب آخر، حيث عاشت حالة حرب دائمة رافعة شعار الانضباط في كل وزارة حلت بها .. ما كانت إشراقة تخرج من معركة حتى تبحث عن أخرى .. حيناً تصادم الوكيل وأحيانا تحارب النقابة .. حينما تمضي إلى استراحة محارب تهز شجرة حزبها اليابسة .. في نهاية المطاف ارتبطت شخصيتها عند من بيدهم القلم بالصدام، مما حال بينها والوزارة.
٭ أمس كانت إشراقة سيد محمود حاضرة في الصفحات الأولى لثلاث صحف .. حمل (منشيت) الأهرام اليوم تصريحاً قوياً للوزيرة السابقة، قالت فيه «أيادي خفية أدت لإبعادي من التشكيل الوزاري».. في الزميلة السياسي كانت إشراقة تقف أمام الحكومة في مسألة الحوار التحضيري .. حيث أكدت أن نقل الحوار إلى خارج السودان خطأً لا يغفر.. مضت إشراقة في تماه مع موقف الحزب الحاكم وطلبت من القوى الرافضة والحركات المسلحة أن تلحق بقطار الحوار الذي انطلق بالخرطوم .. ثم أيدت التعديلات الدستورية التي خطفت حق سكان الولايات في اختيار حكامهم عبر صندوق الانتخابات.
٭ مبرك البعير كان في حديث إشراقة عن علاقة الجيش والسياسة في السودان .. إشراقة في تصريح نقلته الانتباهة أكدت أن وجود الجيش في الحكم أمر مهم للاستقرار..لم تكتف الوزيرة السابقة بالحاضر بل أكدت أن وجود الجيش يجب أن يستمر في المستقبل .. مضت إشراقة محمود إلى أبعد من ذلك حينما أقحمت باسم الشريف الهندي.. وقالت إنه يؤيد نظرية حكم العسكر، وأظنها تقصد الشريف زين العابدين لأن الشريف حسين مواقفه واضحة من الدكتاتوريات التي حكمت السودان باسم الجيش .
٭ في تقديري إن الوزيرة إشراقة سيد محمود أخطات في حتمية وجود الجيش في السياسة .. الجيش في كل مكان مهمته الدفاع عن البلد وحماية الدستور.. من أراد من العسكريين ارتياد ميدان السياسة ليس عليه إلا أن يخلع البزة العسكرية.. فعلها ديجول في فرنسا وأسس للجمهورية الخامسة، وأيزنهاور في أمريكا بات رئيساً بعد أن خاض غمار الحرب العالمية الثانية بنجاح ..المقابل كان يرسم صورة سيئة انقلب عبد الناصر على الدستور وقوض الملكية الدستورية، ثم انتهت مصر إلى سجن كبير.. جاء صدام حسين بلباس مدني ثم استهوته العسكرية فصنع لنفسه مقاماً رفيعاً لم يصله أحد غيره حينما منح نفسه رتبة المهيب.
٭ حتى الذين يعتقدون أن بلدنا لم يصل مرحلة النضج الذي تمكنه من تمدين الحياة السياسية تخذلهم نماذج مدنية حققت الرفاهية والديمقراطية لشعوبها .. مهاتير محمد لم يصل السلطة في ماليزيا عبر بيان رقم واحد.. السنغال في غرب أفريقيا لم يحكمها جنرال منذ الاستقلال .. المملكة المغربية تعيش رفاه واستقرار خلال ملكية دستورية تسمح بقيام الأحزاب التي تتدوال السلطة سلماً فيما بينها.
بصراحة.. يبدو أن إشراقة قد حنت لنعيم الوزارة.. بمهارة لاعبة قولف رأت أن الوصول إلى حلمها لا يكلفها سوى بيع مباديء حزب الأزهري والهندي .. وقد فعلت دون أن تسقط بصرها على الأرض.


تعليق واحد