رأي ومقالات

مناهضة الفقر بالسودان… إذا عرف السبب

السودان يفتقر إلى نهج واسع ومتسق لتخفيف حدة الفقر حيث تكرر كثيرا رغم أن وزيرة الرعاية بشرت بميلاد مفوضية لمناهضة للفقر لأغراض التنمية والتفكير الجمعي، ولعل جهود بُذلت في الماضي من أجل إعداد استراتيجيات لتخفيف حدة الفقر إلا ان المشكلة ظلت تراوح مكانها خاصة اذا أدرنا مؤشر الأزمة سيتجه نحو تصاعد مخيف، ربما القضية تشغل حيزا كبيرا في سياسات الدولة والمجتمع لكثرة تداعياتها ولكن«اذا عرف السبب بطل العجب». لقد بدأت جهود الحكومة في إنشاء وحدة لدراسات الفقر في وزارة المالية والاقتصاد الوطني في عام1999 وبحسب ورقة أعدها الدكتور محمد الحاج عبد الله موسى في ندوة مركز دراسات الإسلام والعالم المعاصر عن التجربة السودانية لمناهضة الفقر وذلك في عام 2000 أنشئ مجلس أعلى برئاسة رئيس الجمهورية للإشراف على إعداد وتنفيذ استراتيجية وبرنامج للقضاء على الفقر. وفي عام 2004، قامت وزارة المالية والاقتصاد الوطني بإعداد ورقة استراتيجية مرحلية للتخفيف من حدة الفقر «2004ــ 2006». ولكن الجهد السوداني الحالي استهدف سدّ الفرقة والثغرات من المعلومات التي وفرتها المسوحات القومية لميزانيات الأسر وتعداد السكان.
ويعتبر الفقر أحد أكبر التحديات التي تواجه الدول النامية ومنظمات التنمية الدولية، وتتفاوت المسببات ونسب الفقر في الدول حسب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومستوى الدخول وتوزيعها. وفى كثير من الأحيان لا ترتبط شدة الفقر فى بعض الدول بمستوى الدخل القومي بل بالأوضاع الاجتماعية وتوزيع الدخل، وبالتالي تطور الفكر السياسي والأيدلوجي أفرز العديد من الاتجاهات التي ساعدت على بناء أنظمة اقتصادية واجتماعية مختلفة مستمدة مناهجها وسياساتها من المرامي التنموية المراد تحقيقها.
ويرى البنك الدولي في ورقة التجربة الهندية والبنغلاديشية للتخفيف من الفقر الذي أعدها د. جعفر محمد في الندوة ذاتها، أن الفقر هو الحرمان الشديد من الحياة الرخية، ولذلك بالقياس أن المؤشرات الكلية والجزئية تشير إلى أن نتائج الجهود الوطنية قد أدت لانحسار الظاهرة بدليل زيادة دخل الفرد، كما تشير بيانات الإنفاق إلى تحسين كبير في إنفاق الأسر وأن الأفراد الذين يقل إنفاقهم عن دولار في اليوم أقل من 4% مقارنة بحوالي 23% في منتصف التسعينات.
ولكن في سياقات التنمية البشرية في السودان بحسب ورقة دكتور محمد الحاج، لم يترجم النمو الاقتصادي الشامل في السودان إلى تحسينات التنمية البشرية تعادل حقائق الحد من الفقر. وأشار الى وجود تفاوتات كبيرة بين المناطق الحضرية والريفية، مما يرفع مساهمة القطاع غير الرسمي في المناطق الحضرية بشكل متزايد وهو ما يمثل أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي في السودان. وأعاب في الورقة تمركز الاستثمارات والخدمات في وحول ولاية الخرطوم الأمر الذي شجع الهجرة من الريف إلى الحضر أثر بدوره في وهن الإنتاج الزراعي وتعميق الفقر في المناطق الحضرية والريفية.
ويبدو أن نمو الطلب الكلي المرتبطة بالطفرة النفطية أدى الى التوسع في الخدمات الاستهلاكية في الحضر مما أضعف الاعتماد على النفط أيضا الروابط الصناعية لاقتصادات التجمعات الحضرية كما يتضح من نسبة عالية من إغلاق الشركة «41% » بحسب الورقة الى جانب تراجع الصناعة.
ويرى مقدم الورقة ان ارتفاع معدل التضخم المستمر في البلاد خفض رفاهية الفقراء. لذلك اتجهت الحكومة الى تنفيذ استراتيجية الحد من الفقر، وبالتالي ارتفع الإنفاق من خلال الضمان الاجتماعي.
ويعزى النمو من خلال النفط ورافقه تزايد البطالة بسبب ضعف الاستثمار في الاقتصاد غير النفطي. وبلغ معدل البطالة بين الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عاما فما فوق 18.5%، طبقا للورقة ووفقاً لوثيقة ميزانية 2015، ويقدر معدل البطالة بنسبة 19.5% في 2014م، فرص العمل، وغالباً ما يتم التوظيف في سوق العمل من خلال الروابط العائلية والشبكات الشخصية. وعدم وجود التأمين ضد البطالة والأجور متدنية جداً. وارتفاع هجرة الأدمغة. وكشف الأمين العام للأمانة العامة للسودانيين العاملين في الخارج أن ما بين 2010 ويونيو 2014، نحو 270 ألف شخص وفقاً للورقة قد هاجر نصفهم من الطاقم الطبي والمهندسين وأساتذة الجامعات وهو انعكاس واضح لتآكل الأجور بسبب ارتفاع التضخم.
ووفقاً للمسح القومي لميزانيات الأسر لعام 2009، يعيش تحت خط الفقر 46.5 % من الأسر في ولايات شمال السودان أي ما يعادل 14.4 مليون شخص تقريباً، ويُعرّف خط الفقر بأنه يشمل الأشخاص الذين تقل قيمة استهلاكهم الإجمالي الشهري عن 114 جنيهاً سودانياً.
بيد أن من العيوب الخطيرة عدم توفُّر مسح لميزانيات الأسر يمكن على أساسه تقدير الفقر وتحديد اتجاهاته المتغيِّرة، قصور البيانات وضيق نطاق تغطية المسح المستمدة منه هذه البيانات وقفا حجر عثرة أمام هذه الجهود.
اذاً الفقر في السودان يختلف اختلافات كبيرة حسب المنطقة والولاية، وتوضِّح البيانات أن الخرطوم هي المنطقة التي يوجد فيها أقل معدل لانتشار الفقر يليها الإقليم الشمالي. ويحتل الإقليمان الشرقي والأوسط المرتبة الثالثة، بينما تمثّل كردفان ودارفور أفقر المناطق في شمال السودان، ورغم ان ولاية البحر الأحمر تحتل المرتبة الثانية بعد الخرطوم من حيث درجة التحضُّر، ولكنها من بين أفقر خمس ولايات. وبالمقابل فإن الولاية الشمالية يوجد بها أدنى معدلّ للتحضُّر بينما تحتل المرتبة الثالثة من حيث انخفاض معدل الفقر.
ويعتبر أكبر التحديات التي تواجه مكافحة الفقر تحويل قدر كبير من الموارد المالية والبشرية لدعم المجهود الوطني لإستعادة الأمن والنظام وحماية المواطنين كيفية الاستهداف والآليات والمراقبة وطرق وضع آليات مبتكرة ومثالية للتقييم وإدارة مشاريع الفقر والاعتماد على التمويل الوطني فقط. وأوصت الورقة على التأكيد على التطورات الإيجابية على صعيد تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة فى السودان التى أحدثت تحسنًا ملموسًا على جهود مكافحة الفقر ووضع إستراتيجية موحدة لمكافحة الفقر للمنظمات الوطنية والجهات الحكومية المعنية، وتحديد الأولويات الحرجة التى يجب الإسراع بها في المرحلة القادمة وضرورة إشراك المرأة في مراحل إعداد وتنفيذ برامج الإستراتيجية المرحلية لمكافحة الفقر وبناء رأس المال المعرفي للفقراء وتحقيق الأمن الغذائي والسيادة على الغذاء في إطار استراتيجية وسياسة واضحة المعالم لإحلال بدائل الواردات. إن مناهضة الفقر في السودان تبدأ بفقر المرأة لان هذا يؤدي إلى رفاهية المجتمع ككل لأن الزيادة في دخل المرأة تؤدي إلى زيادة إنفاق الأسرة وبالتالي «إذا عرف السبب بطل العجب».

صلاح مختار
الانتباهة

‫2 تعليقات

  1. أعيدوا المبالغ المنهوبة والتي هي الآن متداولة في الدول الخارجية أعيدوها إلى خزانة الدولة فإن الإقتصاد السوداني سيتعافي ولن يكون هناك فقر في البلاد يا ناس كفاية لف ودوران السودان فقير والفقر جاء من قبل النهب الموجود في البلاد وغسل الأموال في وضح النهار …. السودان الآن يقع تحت سيطرة لصوص وليس إلا …….السودان اليوم منهوب منهوب …. ووصل لمرحلة لم يصلها في تاريخه على الإطلاق ….. يا ناس أغيثوا ما تبقى من السودان إن كان هناك باقي ….. أولاد عيال يلعبون بمليارات الجنيهات السودانية أشياء لا يصدقها عقل …. وكلهم أبناء أخت فلان وابن الوالي فلان وإبن أخ فلان الفلاني الوزير في المكان الفلاني !!!!!! يا ناس أعيدوا المبالغ المنهوبة إلى خزينة البلاد لتتعافى إقتصادياتنا …… والسودان اليوم يريد الدعم وليس النهب …. أين النخوة السودانية أين الغيرة للوطن يا أبناء الوطن يا من تتحدثون باسم الدين وتريدون الخير للبلاد أين أنتم اليوم من المهزلة التي يمر بها السودان …. ونحن أحياء منا الإقتصادي ومنا الطبيب ومنا ومنا ومنا ..ووصلنا إلى أن نقارن ببنغلاديش والصومال …. فهل هناك مهازل اكثر من الذي نحن فيه اليوم يا ناس إختشوا إختشوا ……الفساد فاض بالسودانيين يا ناس أنقذوا ما تبقى من السودان يا ناس يا ناس آه يا سودان ….الله أكبر عليكم أيها الخونة ماكلي حقوق الشعب السوداني الكريم الله أكبر عليكم ولا نامت أعينكم أيها الجبناء …..