تعرف على نتائج قرار السعودية قطع العلاقات مع إيران.. يمهد الطريق لأي دعاوى ضد طهران بالمحاكم الدولية ومطالبتها بتعويضات
كشف دبلوماسيون وقانونيون مصريون النتائج المتوقعة لقرار المملكة العربية السعودية قطع العلاقات مع إيران.
وأكدوا لـ”العربية.نت” أن القرار سيزيح القناع عن الممارسات الإيرانية بحق الشعوب والدول العربية، ويكشف انتهاكاتها وفضحها أمام العالم، ويؤكد للجميع أن إيران دولة ذات سجل طويل وحافل في التعرض للبعثات والمقار الدبلوماسية، وهو ما سيضعها في حرج شديد دوليا، فضلا عن أن القرار وجد قبولا ودعما عربيا، وهو ما سيضع إيران في مواجهة ليس مع السعودية وحدها، بل مع كافة الدول العربية.
وأضافوا أن النتائج المترتبة على القرار ستكون دبلوماسية وقانونية وسياسية، حيث سيمهد الطريق لإقامة دعاوى قضائية ضد إيران أمام المحاكم الدولية.
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، يقول إن القرار هو نوع من الاحتجاج الدبلوماسي الكبير الذي تلجأ إليه الدول للتعبير عن سخطها وغضبها من سياسة دولة ما، وبالتالي ما فعلته السعودية يعني أنها غاضبة وبشدة من تصرفات إيران، واتخذت قرارها بقطع العلاقات، وبالتالي تتوقف تماماً القنوات العادية للاتصال بين الدولتين وإغلاق السفارات، والبعثات الدبلوماسية، واستدعاء أعضاء تلك البعثات، والاعتماد على ما يسمى بمكتب رعاية المصالح، أو أن تقوم سفارة دولة أخرى برعاية مصالح كل من الدولتين اللتين تقطعت بينهما العلاقات.
وقال إن قرار قطع العلاقات لا يعني أن هناك احتمالية لنشوب حرب، بل يعني أن دولة رأت أن الدولة الأخرى تعاديها وتستفزها بتصرفات لا ترضاها، فاتخذت قرارها بعدم التعامل مع هذه الدولة ومنع أي اتصالات أو لقاءات بين ممثليهما، وبحسب القانون الدولي فإن قطع العلاقات لا يعني إيقاف الأعمال القنصلية، بل تلتزم الدولة صاحبة قرار قطع العلاقة بنص المادة 45 من اتفاقية فيينا الذي ينص على أنه “في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين أو إذا ما استدعيت بعثة بصفة نهائية أو بصفة وقتية تلتزم الدولة المعتمد لديها أن تحترم وتحمي مباني البعثة، وكذلك منقولاتها وممتلكاتها، ويجوز للدولة صاحبة قرار قطع العلاقات أن تعهد بحراسة مباني بعثتها وما يوجد فيها من منقولات ومحفوظات إلى دولة ثالثة توافق عليها الدولة المعتمد لديها، ولا يؤثر قطع العلاقات على المعاهدات القائمة بين الدولتين أو الاتفاقيات الدولية التي جرى توقيعها.
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية يوضح الآثار القانونية والسياسية للقرار، ويقول في البداية لابد أن نحدد معنى ومفهوم قطع العلاقات، وهو يعني أن تقوم دولة ما ذات سيادة بعمل انفرادي إرادي حر بقطع العلاقات مع دولة أخرى دون معقب على قرارها وقد تقوم الدولة صاحبة القرار كما في الحالة السعودية هنا بإعلان وتحديد أسباب القرار وشرح البواعث والدوافع التي من أجلها اضطرت لاتخاذه، والهدف من ذلك هو كسب التضامن الدولي والحصول على تأييد الرأي العام للقرار، وكشف انتهاكات الدولة التي صدر القرار بحقها حتى تكون الدول الأخرى على بينة مما يجري منها وما تفعله بحق الدولة صاحبة القرار.
ويضيف أن من أهم أسباب قطع العلاقات الدبلوماسية هو التدخل السافر وهذه الجملة هي أساس القرار السعودي فإيران لا تتورع عن التدخل السافر في الشؤون الداخلية السعودية، فضلا عن كونها لم تقم بواجبها في حماية سفارة وقنصلية السعودية وتواطئها مع مجموعة من الدهماء لاقتحام وإحراق السفارة، وكما قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، فإن الرياض طلبت من طهران أكثر من مرة حماية بعثاتها وقنصليتها دون أن تجد استجابة، وهو ما يعني أن إيران متواطئة، وهي بهذا التواطؤ خرقت القانون الدولي وخرقت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وضربت بعرض الحائط المادة 31 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 في الباب المتعلق بحرمة مباني القنصلية والتي تنص على أن مباني القنصلية تتمتع بالحرمة، ولا يجوز لسلطات الدولة الموفد إليها أن تدخل في الجزء المخصص من مباني القنصلية لأعمال البعثة القنصلية إلا بموافقة رئيس البعثة القنصلية أو من ينيبه أو بموافقة رئيس البعثة الدبلوماسية للدولة الموفدة، كما تلزم الاتفاقية الدولة الموفد إليها التزام خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية مباني القنصلية ضد أي اقتحام أو إضرار بها.
وقال سلامة إن هذا الخرق الإيراني الواضح كشفه القرار السعودي بذكاء وباحترافية شديدة، وقدم للعالم كله أدلته على خرق إيران لقواعد القانون الدولي، فضلا عن أنه مر سريعا على انتهاكات أخرى لإيران ضد المملكة والعرب والمسلمين عموما عندما تطرق لاقتحام السفارة الأميركية في طهران في العام 79 والهجوم على السفارة السعودية في العام 1987، وأضيف من عندي وأقول ولا ننسى ثبوت تورط إيران في محاولة اقتحام الحرم المكي والكعبة عامي 79 و89، وتبين بعد ذلك أنها زودت المنفذين بالأسلحة والمعدات اللازمة.
ويقول سلامة: من هذا الأمر نستخلص أن القرار السعودي وضع إيران في زاوية الحلبة وكشف سوآتها أمام العالم، وهو ما يعني أنها متهمة بالتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، ومتهمة بعدم حماية المقار والبعثات الدبلوماسية، ومتهمة بالسعي لزعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة، وهذه الاتهامات تمنح السعودية الحق في جرجرة إيران لمجلس الأمن والأمم المتحدة والمطالبة بمعاقبتها دوليا.
ويقول أستاذ القانون الدولي المصري: إن قطع العلاقات قد يكون كتابة أو شفاهة أو صريحا أو ضمنيا، وقد يكون بسبب الإساءة المباشرة، وهو ما حدث هنا في الحالة السعودية، فإيران وجهت إساءات مباشرة للسعودية، تارة بالتدخل في شأن داخلي، وتارة بالتحريض على ارتكاب أعمال عنف في المنطقة الشرقية احتجاجا على حكم قضائي، وأخيرا بالتواطؤ وتسهيل إحراق واقتحام السفارة السعودية، وهو ما يمنح الحق كل الحق للسعودية في اتخاذ قرارها السابق، ويدعم موقفها في ملاحقة إيران دوليا وقانونيا ودبلوماسيا.
ويضيف أن السعودية تستطيع الآن أن تقوم بتحريك دعوى جنائية أمام محكمة العدل الدولية ضد إيران ودن انتظار موافقة طهران أو النظر لاعتراضها بعدم اختصاص المحكمة، وتستند السعودية في تحريك هذه الدعوى للبروتوكول الثالث من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 ويحق لها الحصول على التعويضات جراء خرق إيرن لقواعد القانون الدولي، ونكوصها عن الوفاء بالتزاماتها الدولية في حماية مقار البعثات الدبلوماسية السعودية.
العربية