رأي ومقالات

جامعة الخرطوم وبريقها الوميّض !!


ـ 1 ـ

ساقتني الأقدار صباح أمس لزيارة جامعة الخرطوم أقدم الجامعات السودانية ، وأعرق الجامعات بأفريقيا والشرق الأوسط ، صاحبت اللقب القديم الذي يعبّر عن دلالها وعصيانها ( جميلة ومستحيلة) ، أسرني حُسنها المترف وهي تقف بمبانيها الشامخة في وجه الزمان بصروفه وتقلباته .

ما أن وطأت أقدامي بها ، شعرت بأنني أزور كنزاً ثميناً من كنوز السودان ، فهي قلعة خرجت العلماء الذين يفاخر بهم السودان وقد انتشروا في ربوعه وبكل أرجاء المعمورة حاملين إسمها المهيب.

مبانيها العتيقة من الطوب الحراري والحجر الصلد تقف في كبرياء تُحدث عن رجال كالأسود الضاريّة ، تربوا في كنفها وعاشوا أيامهم في سوحها بحلوها ومرها ، واستقوا من ينابيع علمها المتدفق بكؤوسِ أساتذتها العلماء الذين فارق بعضهم الحياة ، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .

ــ 2 ــ

وأنا أسير في فنائها الواسع في طريقي إلى وِجهتي بها جالت في خاطري كلمات أحمد شوقي الشجيّة ، مررتُ بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان ؟ ، قاعات عريقة تحمل أسماء رموزها ورموز السودان ، جمال مهيب يملأ المكان ، شرح صدري وأعادت أنفاسي نوافير من رذاذ المياه ، تروي مسطح تلمع خُضرته وتتمايل أغصان أشجاره منتشيه بالسقيا .

دلفت إلى ( مبنى ) مكتب مدير الجامعة ، حجرات متعددة ، بعضها قاعات إجتماعات وأخرى إستقبال ، لاتستطيع أن تفرز بينها ، قادتني إلى مكتب يجلسن به إثنتان من الموظفات تعملان في مكتب المدير ، حظيت منهما بكرم ضيافة وترحاب أعجبني مسلكهما في لقاء الضيوف والتبشير بتسهيل أمرك .

في إستراحة سلم المبنى ، أوقفتني لوحة شرف تزين المدخل تحمل أسماء مدراء الجامعة العِظام الذين مروا على إدارتها وجدت البروفسير عبدالله الطيب وعبدالله أحمد عبد الله وابن بلدتي عمر بليل ، والتنقاري ومأمون حميدة و غندور وآخرين.

ــ 3 ــ

ملصقات متناثرة في أرجاء مبنى الجامعة بعشوائية تعبر عن فكر ومطالب الطلاب ، في ردهاتها استوقفني ثلاثة طلاب ، فؤجئت بهم يخاطبونني بإسمي ، ألقيت عليهم التحية بأحسن منها ، أضحكني أحدهم عندما قال لي أننا نعرفك منذ ( دبوسة مزن ) ، فكانت ( شفرة التعارف ) ! ، دبوسة مزن يقصدونا بها مقال كتبته قبل أكثر من عامين على صفحات هذه الصحيفة الوارفة بعنوان ( طفلتي إبتعلت دبوساً ) !! ، وقد سردت فيه حادثة إبتلاع صغيرتي ( مُزن ) لدبوس وكيفية التعامل مع الحالات المشابهه ، وآخرون أصدقاء أعزاء بصفحتي الناشطة على فيسبوك . سعدت جداً بمتابعتهم وإطلاعهم حتى على آخر مقال ، وأشدت ( بفراستهم ) ودِقتهم ، خاصة وأننا نُعد من غمار الناس .

ـــ 4 ــ

جامعة الخرطوم ، صرح لاينطفيء بريقه مع تقادم الأيام ، ستظل محفورة في مخيلة هذا الشعب والعالم بتاريخها المجيد ومجدها التليد مهما غشتها الأحزان وثارت في وجهها الأعاصيّر . إليها يرجع الفضل من بعد الله ، في نورها الذي أزاح العتمة والدُجى البهيّم ، ووضع خريجيها اللبنة الأولى في بناء السودان .

للأسف .. مع كل هذه الخواطر التي ألهبت مشاعرنا الدفيّنة والمشاهدات ، خرجنا من مبناها العتيق بخيبة أمل في عدم حل مشكلتنا التي تتعلق بطالب ( تركي ) نحسبه ضيف على البلاد ، ومن هنا نزجي الشكر للبروفسير أزهري عبدالباقي وكيل وزارة التعليم العالي الذي وجدنا منه كل تعاون وإهتمام .
إلى لقاء ..

بقلم : محمد الطاهر العيسابي

Motahir222@hotmail.com

صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. ما زال طلابها يتشامخون فخرا أنهم خريجو الخرطوم

    بينما يعاني المساكين من خريجيها ضيما يتمثل في صعوبة تعيينهم عندما ينافسون خريجي الجامعات الأخرى

    فأساتذة الجامعة لا تخرج التقديرات العالية من تحت أيديهم إلا بصعوبة شديييدة ….فالجيد والجيد جدا دونها خرط القتاد

    وأما الجامعات الأخرى فيشتد بك العجب حين تجد الامتياز أصبح حقا مكتسبا

    وعليه في التوظيف سينظر إلى التحصيل ولا ينظر إلى الجامعة لأنه كل بقى في الهوا سوا

    فمعنى ذلك أن الحكم هو الكم وليس الكيف