قصة “مختار” مع(الشيشة) !.. فرية اسمها الاوامر المحلية يحررها موظفون وتطبقها الشرطة ويدفعها الشعب .. تبا !
مختار شاب راعي واحيانا مزارع ؛ رمت به الاقدار وطارئات الغرض بالخرطوم ؛ حضر بحثا عن اسبير ولاجل (لف) راس قطعة حديد من الخردة قيل له انها تصلح اسبيرا يعيد تدوير ماكينة معطوبة بمزرعته ؛ حط الرجل بالخرطوم ضيفا علي ابن خالته ؛ القاطن بامبده حتي منحني تري منه افواج طلاب الجامعة الاهلية وقبة الشيخ حمد النيل ؛ وان اظلم الليل فانك تري اضواء استاد الهلال والمريخ ؛ صباح اليوم ومثل اي شخص هميم خرج الضيف المبجل ؛ قصد صنايعيا في الانحاء ؛ ورشة علي حافة جرف بين ابوكدوك وبانت ؛ شرح غرضه وادار تفاوضا حول الاسعار كان يجري مفاضلات ومراجعات ؛ وكان ينتوي ان بكمل تطوافه علي المنطقة الصناعية امدرمان او الخرطوم فيما كان لديه وعد من اخرين بان لهم (معلم) شاطر وعلي خلق في حلة كوكو ؛ كان شاغل مختار ان ينهي طوافه الصباحي ثم يعود ويحظي بافطار دافئ من (عصيدة) مجللة بالسمن الاصيل الذي احضره لكن لسبب ما تأخر احد الذين يقصدهم ؛ فانحاز الي ظل راكوبة يتقي بها البرد ويحوز علي كوب شاي ؛ ويقطع ملل الانتظار ؛ كانت هناك سبدة عجوز تقاسمت الراكوبة مع بناء جدار اكتمل ببرندة تركت بغير سقف الا فضاء السماء الزرقاء فوقها ؛ جلس وطلب كوبا من شاي لم يهنأ به لانه في لحظة مباغتة اندفع شرطي مع عامل (محلية) حملوا السيدة برجاءاتها و(الكانون) وتراشق الماء الصادح بالبخار من اواني صنع الشاي والقهوة ! حينما استفاق الرجل من دهشته كان قد جر حتي سقطت عمامته ؛ وقد اطبق احدهم بفظاظة علي اطراف الجلابية من ناحية الرقبة ؛ المفاجاة لم تمكن مختار من رد فعل سوي احساس بالصعق ! دفع به علي سطح (دفار) تحول فيه العمال ومفرزة الجند لجوقة من الهنود الحمر ؛ حيث قبع بالداخل وفي قعر صندوق العربة حشد من البشر ؛ ستات شاي واطعمة من اعمار مختلفة وشباب وشيب ورجال قيل انهم متهمون بتعاطي (الشيشة) ! وهي الكلمة التي حار فيها صاحبنا فانقطع قلبه اذ ظنها صنفا من المريسة او الخمر او (مصيبة زمان) ؛ حينما وصل ضيفنا الكريم كان قد نزع عنه جواله ؛ وتلقي نحو ثلاث صفعات علي قفاه ؛ وانزل الي احد الدور ووجد نفسه اسما علي هامش دفتر عريض قيدت بحقه بلاغات لم يفهم محتواها غير ان عليه البحث عن ضامن ببطاقة شخصية والمثول غدا امام محكمة وفي جيبه (500) جنيه ؛ سبدفعها وكل من يمثل هناك رجلا او امراة ؛ مذنب ام مفتري عليك ؛ وعلمنا بعد ان ادركنا قريبنا في قسم الشرطة وحررنا الضمان ان الحكم سيكون الغرامة اذ سيحضر عسكري ويقسم ان مختار متسكع و(شيشنجي) وربما زان وربما كافر عديل وسينظر قاض من فوق منصته ويحكم عليه بالغرامة لذا فقد نصحنا من حضر بان نمارس (السكات) فالكل هنا مدان وغارم ومغرم
مختار قريبي ما انفك حتي اللحظة يهذي مستفسرا هل (كتل ضمه) ام انه شرب شاي فقط ! ثم قال انه من المحكمة راجع البلد ؛ انها سادتي فرية اسمها الاوامر المحلية يحررها موظفون وتطبقها الشرطة ويدفعها الشعب .. تبا !
الخرطوم: محمد حامد جمعة
هذا هو الظلم يا أستاذ و سوء الحكم و المنقلب ، من اين تنزل علينا رحمة السماء و هذا ابسط و اقل أنواع الظلم التي تنزل بالمواطن ، مما يسمي الحاكم او المسؤول ،،