منوعات

الانفصال الصامت .. فتور العلاقات الخاصة، وجمود المشاعر

الانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج واقع موجود على مسرح الحياة صور ومشاهد كثيرة لحياة زوجية يغيب عنها التفاهم ولغة الحب وتتسع دائرة التنافر الروحي والنفسي بين الزوجين متوجين الصمت صمتاً للمكان.
تقول أحلام مدرسة عمرها 35 عاماً، تزوجت منذ 10 سنوات بعد ارتباط عاطفي دام أربعة أعوام لم يكن والدي راضياً عمن إخترته شريكاً لحياتي ووافق مرغماً على زواجنا بعد ان تغاضيت عن عيوبه لثقتي بقدرتي على تغيير طباعه لأثبت لوالدي حسن اختياري وتقديري للأمور، وبعد زواجي بفترة قصيرة تمادى زوجي في اننانيته وسلبيته تجاه امور حياتنا الزوجية والمعيشية الي جانب بخله الشديد واعتماده عليّ في تأمين احتياجاتنا اليومية فأصبت بخيبة امل وشعرت انني اعيش بمفردي وفكرت ان الامر قد يتغير بعد احساسه بعاطفة الأبوة وتوليه مسؤولياته كرب اسرة بعد ولادة طفلينا الا انه ازداد سوءاً لدرجة تحريض اطفالي على عدم احترامي.
وتضيف: “حاولت مرات عديدة مد جسر الحب في ما بيننا واعادة الشراكة التي كانت تجمعنا للحفاظ على حياتنا الزوجية من الانهيار لكن محاولاتي باءت بالفشل”، وتأسف: “تنتابني حالة يأس شديد عند تفكيري ان علاقتنا انتهت كغريبين يتقاسمان منزلاً واحداً كل منا يعيش حياته بعيداً من الآخر”.
تعرف أخصائية نفسية الزواج بأنه وحدة اجتماعية تجمع بين رجل وإمرأة يضعان فيها أساساً للأسرة، فيما تسمى علاقة الزوجين في المنزل دون وجود روابط عاطفية اختلالاً في العلاقة الزوجية وعلمياً تدعى (الاختلالات الزوجية) التي تنشأ منها: الصراعات، عدم التوافق، ظهور مشاكل، عدم التواؤم كل مع الآخر، توترات وسلوك سلبي للأزواج في معظم المواقف الحياتية لضغوط الحياة وكل منهما يعيش بعيداً من الآخر مع عدم وجود المعاشرة الزوجية.
والأسباب التي تؤدي الي ظاهرة الانفصال الصامت او اختلال العلاقة الزوجية ترجعها الاخصائية النفسية الي عدم كفاءة الزوجين في حل مشاكلهما الحياتية وتجميد المناقشة والمصارحة ما يؤدي الي اقامة حاجز بينهما او اختلاف الطباع والاهتمامات المشتركة الي جانب العنف الممارس من قبل الزوج احياناً تجاه زوجتهما يثير مجموعة معقدة ومركبة من مشاعر التباعد والتعالي والنفور ينتج منها تدمير العلاقة بين الطرفين وحدوث الانفصال بينهما الي جانب المستوى الثقافي والتفكير والميول والخلافات الي جانب الضغوط الاقتصادية.
كما تبين الدراسات العواقب التي تسببها العلاقة السيئة بين الزوجين على الاطفال في هذه الاسر المضطربة حيث يعانون ظروفاً اجتماعية ونفسية وتربوية صعبة ينتج منها احباط وحرمان وصراع ما يعرقل نضجهم الاجتماعي والانفعالي يجعلهم عرضة للإضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية، ويؤكد علماء النفس والاختصاصين في الشؤون الاسرية ان هذه المشكلة تظهر بعد فترة ليس بقليلة من الزواج وليس اقل من خمس سنوات ويبدأ الانفصال العاطفي بين الزوجين بعد تراكم مشاكل تفاقمت ولم يتم حلها واهملها الزوجان ينتج منها مع الايام حالة من الكبت بسبب عدم المصارحة والمكاشفة وهذا اهم عامل يؤدي لهذه المشكلة الي جانب عدم تقدير حد الزوجين للطرف الآخر او عدم قيام الزواج على قناعة كافية واحيانا قد تتسبب الرتابة والروتين في الحياة حدوث مثل هذه الحالات.وعلى الرغم من صعوبة العيش ضمن علاقة زوجية جامدة وصامتة خالية من مشاعر المحبة والمودة الا ان الزوجين او احدهما خاصة الزوجة تقبل الاستمرار في الزواج الصامت حفاظاً على الأطفال وخوفاً عليهم من التفكك الأسري والإصابة بإضطرابات نفسية او اجتماعية.
ولدي سؤال احد الشيوخ عن هذه الظاهرة يقول إن بعض النساء تصبر على الظلم والجور وسيطرة الزوج من أجل اطفالها واهلها والبعض لاخ من اجل وصمة العار من المجتمع اذا طلقت لان هناك من الناس منت يرغم ابنته بالصبر على كل ما ينالها حرجاً من ثقافة العيب ان تطلقت، الي جانب المجتمع الذي لا يرحم ولا ينظر الي اسباب الطلاق وانما ينظر الي المطلقة نظرة غير صحيحة ويوصلها الي السوء.
ويقول اذا احتلت الكراهية محل المحبة والحياة النكدة محل الحياة السعيدة تصبح الحياة بين الشريكيم حياة نكدة متعبة واذا اصبحت الحياة بهذا الشكل وحاول الشريكان مراراً عديدة ان يصلحا من امرهما بحيث يعودان الي حياتهما الطبيعية والطيبة فهنا يمكن ان ينفصلا والطلاق هو الحل اذا لم يجدا الحياة المرجوة بينهما، وينصح الشيخ: “على الزوج ان يراجع نفسه ويحاسب ضميره ويعامل زوجته المعاملة الزوجية الطبيعية واما ان ينكب في الدنيا قبل الاخرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالنساء خيراً فإذا كان انسان لم يتبع وصايا الرسول فليعلم اذا أفلت من عدالة الارض لن يفلت من عدالة السماء وبالمقابل على المرأة ان تعين زوجها على اداء واجباته ولها في ذلك اجر كبير”.
وتنصح الاخصائية النفسية بانه يمكن اعادة الروح والدفء الي الحياة الزوجية وانقاذ العلاقة الاسرية وارجاعها الي طبيعتها ببعد حالة الفتور بعدة وسائل يلتزم بها طرفا العلاقة ان يشعر كل طرف شريكه بالحب والانتماء والصحبة والمساندة ايضاً محاولة كل منهما حل المشاكل والاختلافات في جو من التفاهم والتعامل بمرونة وموضوعية للمشاكل وتبادل الآراء في ما بينهما مع تقديم التنازلات، وتضيف يجب ان يحافظ الزوجان على الاحترام المتبادل والافصاح عن مشاعر الحب في ما بينهما والإطراء بشكل دائم والتشجيع المستمر لبعضهما البعض من اجل التفاعل الإيجابي في علاقتهما ومشاركتهما الفاعلة في تحمل الحياة معاً والمعاشرة الحسنة، وتنوه الجبري الي انه من الممكن ان يلجأ الزوجان الي طلب المشورة والنصيحة الأسرية والزوجية من مراكز متخصصة لتحسين العلاقة بين الزوجين وتقليل الصراعات بينهما وتأكيد الروابط الوجدانية لذلك.

صحيفة حكايات