السودان في قلب الأزمة السورية
أقدمت الحكومة على المشاركة في عاصفة الحزم إلى جانب المملكة العربية السعودية ودول الخليج بغرض استعادة الشرعية في اليمن، ومؤازرة المملكة أمام محاولة الالتفاف الإيراني الذي يكمن للسعودية في سوريا والبحرين اليمن وداخل المملكة نفسها.
وحصدت مشاركة الحكومة في عاصفة الحزم إجماعاً داخلياً قلّ نظيره، كما إنها وضعت الحكومة في المسار الصحيح للعودة إلى الأجواء العربية بقوة وفاعلية.
لم تكن مشاركة السودان في عاصفة الحزم بغير كلفة سياسية أو اقتصادية، فقد خسر السودان علاقته مع إيران في الوقت الذي رُفعت فيه العقوبات عنها، وفتح الغرب فيه أذرعه لطهران، وفي المقابل فتحت له الأخيرة أبوابها مشرعة لإبرام عقودات بمليارات الدولارات في مجالات النفط والغاز والبناء والتشييد.
غير أن هذه الكلفة على كل حال أقل بكثير مما كان سيخسره السودان إن هو امتنع عن المشاركة في عاصفة الحزم.
موقف معقد
لكن (عاصفة الحزم) جعلت الحكومة تواجه موقفاً معقداً بشأن تحالفها الوثيق مع المملكة العربية السعودية، ورغبتها القوية في نسج علاقة استراتيجية مع جمهورية روسيا الاتحادية تقيها شرور الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن وفي أروقة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها.
الموقف المعقد الذي يواجهه السودان عنوانه الوضع في سوريا، إذ أن المملكة العربية السعودية تقود تحالفاً إسلامياً عسكرياً عريضاً يضم السودان.
ويقوم هذا الحلف الآن بإجراء مناورات عسكرية يرى البعض أنها قد تؤدي إلى تدخل عسكري في سوريا، ومن المعروف ما تمثله سوريا الأسد بالنسبة للحكومة الروسية.
الموقف الذي تواجهه الحكومة ربما يتعدى التعقيد إلى (التوريط)، فالمشاركة العسكرية في سوريا -إن هي تمت- تعني أن السودان سيخسر روسيا وسيفقد سنداً دولياً من طينة الكبار أصحاب الفيتو في مجلس الأمن.
سند دولي
وتجربة الصراع الروسي الأوكراني بشأن منطقة القرم، والتي إنحازت فيها الحكومة إلى جانب روسيا، دللت على أن السودان استطاع توظيف هذا الموقف إلى صالحه في مجلس الأمن، عندما رفضت روسيا وقف تصدير الذهب السوداني.
بالمقابل، فإن عدم المشاركة عسكرياً في سوريا، يعني أن السودان تراجع خطوة عن تحالفه الوثيق مع المملكة العربية السعودية، ومن المعلوم أن المملكة الآن تعتمد الوقوف مع سياساتها الخارجية كمعيار لمستوى علاقتها مع أي دولة من الدول، هذا فضلاً عن أن المملكة يزعجها أي تداعٍ أو تصدع في جدران الحلف الذي أنشأته لمكافحة الإرهاب والذي ربما تدفع به إلى سوريا.
لهذه الأسباب، فإن وزير الخارجية أ.د. إبراهيم غندور، أجرى مباحثات في موسكو، ربما بغرض الحصول على تفهم من روسيا لموقف السودان إزاء الأزمة السورية، وهذا يعني ضمنياً أن السودان يسنخرط في حلفه مع السعودية حتى وإن استدعى الأمر التدخل العسكري في سوريا.
وقف الحرب
لكن من حسن حظ السودان، فإن المؤشرات القوية تقول إن الاتجاه الغالب دولياً هو وقف الحرب في سوريا، حيث تم الإعلان توصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى “اتفاق مبدئي” مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لوقف الأعمال العدائية في سوريا.
الورطة التي قلنا إن السودان قد يقع فيها بشأن المشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، والتي تأتي من تلقاء تقاطع المواقف بين السعودية وروسيا الاتحادية، يبدو أن السودان أصبح بمنجاة منها إلى حد كبير، لكن المفارقة أن هذه الورطة وقعت فيها لبنان.
الأيام الماضية اتخذت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إجراءات مفاجئة ومؤثرة ضد لبنان، إذ أعلنت الإمارات العربية المتحدة منع مواطنيها من السفر إلى لبنان وخفض بعثتها الدبلوماسية فيه، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، في خطوة تأتي بعيد طلب السعودية من رعاياها مغادرة لبنان وعدم السفر إليه.
حالة التحذير
وجاء في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات الآتي: “أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي أنها رفعت حالة التحذير من السفر إلى لبنان إلى منع السفر إليه، وذلك اعتباراً من يوم الثلاثاء”، وأنها قررت “تخفيض أفراد بعثتها الدبلوماسية في بيروت إلى حدها الأدنى”.
وأعلنت السعودية بداية هذا الأسبوع عبر وكالة الأنباء الرسمية أنها “قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية”، وقررت وقف مساعداتها للجيش وقوى الأمن اللبناني بسبب “المواقف اللبنانية المناهضة” للمملكة في أزمتها مع إيران.
المساعدات التي كانت تقدمها السعودية إلى لبنان تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، كانت تخصص لدعم القوى الأمنية ممثلة في الجيش والأمن الداخلي اللبناني، وهذا المبلغ هو الذي تردد في وسائل الإعلام أنه سيتم توجيهه إلى السودان كدعم سنوي من المملكة العربية السعودية.
اتخاذ خطوة
السبب الذي حدا بالسعودية لاتخاذ هذه الخطوة هو امتناع لبنان خلال اجتماعات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عن إدانة الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في إيران، وهو هجوم جاء كرد فعل على إعدام السعودية للمعارض الشيعي نمر النمر.
هذه الخطوة السعودية أقامت لبنان ولم تقعدها، وعقد مجلس الوزراء اللبناني بسببها اجتماعاً استثنائياً لتدارك الغضبة الخليجية، التي ستكلف بيروت الكثير على صعيد السياحة التي هي قوام الاقتصاد اللبناني وعلى صعيد الدعم المالي الذي كانت توفره دول الخليج.
وربما تعدى الأمر إلى خطوات مؤلمة أكثر تجاه لبنان الذي وجد نفسه فجأة أكثر ميلاً تجاه إيران، وهو ما عبرت عنه السعودية بمصادرة حزب الله لإرادة الدولة اللبنانية.
التمدد الشيعي
لكن هذه الخطوة الخليجية تجاه لبنان يرى بعض المراقبين أنها قد تضعف موقف الطائفة السنية في لبنان والتي تستأثر بمنصب رئاسة الوزراء، وربما أفسحت المجال لمزيد من التمدد الشيعي في هذا البلد الذي تمزقه الطائفية الدينية، لأن حجب الدعم الخليجي ربما يغري الإيرانيين بملء هذا الفراغ عبر التبرعات المالية.
الأحداث الآن في المنطقة العربية تمضي باتجاه التكتل والتمحور، ويبدو من الصعب جداً على أي دولة من الدول ان تبقى في الحياد، وقد بلغ التمحور حداً أصبحت فيه الأزمة بلا وسطاء تقريباً.
لكن المفارقة الكبيرة وسط هذا الصخب، هو أن دولة كبيرة ومؤثرة في حجم مصر، أصبحت بلا صوت مسموع ولا حركة مرئية ولا دبلوماسية مكوكية، فالقاهرة الآن تبدو أكبر متفرج على الأحداث العربية بعد أن كانت أكبر صانع للعبة.
بقلم: مالك محمد طه
نائب رئيس تحرير الرأي العام
شبكة الشروق
بسيطه
السودان يكون صريح مع السعوديه
نحنا كل اسبوع بيطلع ضدنا قرار فى مجلس الامن ويمكن السودان يتفتت تقدرو توقفو القرارات دى
اذا كانت الاجابه بلا اذن بلاها سوريا وجودنا ما هو البيجيب النصر فى سوريا
تدخل روسيا بسوريا تحتفظ به روسيا لنفسه من كشف رجل الاستخبارات الامريكى الذى لجأ لروسيا وكشف أسرار امريكا واليهود وخططهم فى تقسيم سوريا ولجوا السوريين وأخلاء سوريا حفاظا لأمن أسرائيل …. وكشف امريكا واسرائيل بتكوين داعش وقيامها دولة بكامل قواها العسكرية ومقوامتها الاقتصادية … وبالتالى لا اعتقد علاقة روسيا والسودان تتلأثر بذلك . وهذا رأى شخصى