سفراؤنا المتقاعدون.. من يستمع لهم؟
{ جمعتني الصدفة، أمس، بأحد سفراء السودان السابقين في حقبة سبعينيات القرن المنصرم، السفير “مأمون إبراهيم حسن”، وقد عمل لنحو (ربع قرن) مديراً عاماً للصندوق العربي لضمان الاستثمارات ومقره في “الكويت”. عرفت من الدبلوماسي المخضرم قدراً يسيراً جداً من جوانب تجربته الثرة والغزيرة بالمعلومات في مجال إدارة العلاقات الدولية وكيفية استثمارها لصالح دولتنا.
{ تأسفت كثيراً أن هذا الرجل، ومثله ربما مئات من الخبراء في تخصصات مختلفة أتيحت لهم الفرص ليتسنموا وظائف رفيعة في مؤسسات دولية مهمة، لا نعرف عنهم- نحن في الإعلام- شيئاً، وبالتالي لا يعرف المواطن لا أسماءهم ولا صورهم ولا بعضاً من تاريخهم، والأسوأ من ذلك ألا تستفيد الدولة من خبرات وتجارب هؤلاء وتجعلهم مستشارين دائمين لها، سواء في رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية، وزارة المالية أو وزارة التعاون الدولي.
{ دهشت عندما علمت أن سفيرنا “مأمون” الموجود الآن بالخرطوم فاز بمقعد رئاسة الصندوق قبل أكثر من (35) سنة على مرشح (مصري) مفكر اقتصادي عريق وشهير، صار لاحقاً رئيس وزراء مصر هو الدكتور “حازم الببلاوي” الذي تقلد منصب رئيس الحكومة في الفترة من (2013 – 2014)!!
{ قبل الأمس، تردد على مسامعي (طشاشاً) اسم السفير “مأمون إبراهيم حسن”، لكنني لم أكن أعلم عنه شيئاً، وأجزم بأن الكثير ممن يتقلدون الآن المناصب الدستورية والسياسية لم يسمعوا باسمه، غير أنني وهم سمعنا باسم “حازم الببلاوي” بلا شك!! لماذا؟!
{ لأن “مصر” تحتفي بكفاءاتها وخبراتها وتقدمها للمناصب التنفيذية والتشريعية ولمراكز الدراسات والبحوث والعلاقات الدولية، بينما تدفع دولتنا بأنصاف الساسة وضعاف الكوادر للمناصب الدستورية، بما في ذلك الوظائف الفنية، سواء في قطاع الاقتصاد أو الإدارة أو العلاقات الخارجية أو حتى الإعلام!! وعندما تسأل من أين أتى هؤلاء؟! ومن اختار فلاناً ليكون وزيراً أو مستشاراً لا يشار، أو معتمد رئاسة أو مدير إعلام في ديوان سيادي مع أننا لم نعرف له كسباً ولا اسماً ولا تجربة في هذا المجال، لا صاغ خبراً ولا كتب مقالاً لافتاً، لا تجد إجابة حتى من بين الذين نظن أنهم من (صناع القرار)!!
{ تجربة فوز السفير “مأمون” بمنصب الصندوق العربي في ظل تنافس محموم من مرشحين كبار من عدة دول عربية، وكيف أدارتها الدبلوماسية السودانية الرصينة في ذلك الزمان، من وكيل الوزارة السفير “هاشم عثمان” إلى سفيرنا الرقم في السعودية حينها “الفاتح بشارة”، وعلى الرغم من أن الرئيس “أنور السادات” اتصل- شخصياً- بوزير الخارجية الراحل “الرشيد الطاهر بكر” لسحب المرشح السوداني، تعتبر (درساً) يجب أن يدرس لناشئة الدبلوماسية السودانية، بل لبعض كبارها!
{ استفيدوا من أمثال هؤلاء.. لعل حالنا ينصلح.
المجهر
وفقدت الخارجية روحها ولم تفقد (النكهات) .. ونكات بجهاز رعاية السودانيين العاملين بالخارج بالقديم.. والان الجهاز أصبح الصديق بإسمو ماهو صديقك لكن الصديق من شاركك في ضيقك. أصبحت المناصب الدبلوماسية والقنصلية بـ يا نصيب.
وقال سفير سابق في تحقيق نشر باحدى الصحف – رفض ذكر اسمه – فقدت الخارجية معناها عندما اصبحت جهاز المغتربين يسمي نفسه بـ رعاية شئون السودانيين بالخارج . ووزارة العمل تسمن في نفسها لفتح ملحق بالخارج ووزارة التجارة عندها ملاحق وملحقيات فاخرة بالخارج لم تغير ملامحها منذ السبعينات .. مازالت تعرض في دواليب خيوط مصنع الصداقة للغزل والنسيج والمصنع السوداني للنسيج بالخرتوم بحري . وهذين المصنعين بعد ان خرتا من الخريته .. قامت القوات المسلحة حماها الله بتأهيل مصنع سوار مكان الصدأ القديم . زرت ملحقية كبيرة بالخليج صدفة .. طلبت من صديق تزويدي ببعض المنتجات السودانية البلدية دييك.. المنتجات التي تعالج المغص ووجع البطن وتخفيف الضغط. قال : والله علة داير تجيب لـ نفسك وجعة . هذه المنتجات هنا منذ عشر سنوات وغزلت العناكب فوق خيوط . وهذا كل التخطيط . وخياطة ب نفس المسلة منذ السبعينات. فقط ماتم التخطيط له بنجاج تام تغيير العفش والسيارة والستارة . وفي اول يوم لمزاولة الزول لعمله كملحق تجاري يبدأ بالتجارب في التجارة لـ رقبتو . وقبل أن يبرد براد الشاي بفيلا صديق قديم صاحب الملحق الاسبق والسابق والسوق يبدأ بتسويق سيارة برادو لسعادته بالتقسيط المربح للطرفين.. وباختصار شديد اصبحت السفارات والقنصليات ساعية برادو فل اتوماتيك .. واصبح صاحب الفول بالقنصلية هو الزول الفل