شجار الزوجين أمام الأطفال…أضرار مؤكدة وفوائد منعدمة
(1)
تُعرف الأسرة وفق علم الاجتماع بأنها الوحدة الأساسية التي يتلقى فيها الفرد الخبرات الأساسية والأولية لكي يصبح إنساناً ناجحاً،وبالطبع فإن معايير النجاح تختلف كما يقول د.زاهر موسى عبد الكريم،أستاذ علم الاجتماع بجامعة الخرطوم.ويوضح مسألة التربية والتنشئة الاجتماعية من المسائل الدقيقة جدا والحساسة والتي يجب ان تراعي فيها الأمور بضبط كبير،بل ان تقاس بمقياس الذهب لأن اية اخطاء في هذه العملية تكون تداعياتها خطيرة جداً على الأبناء.اما التنشئة السليمة فانها بلا شك تخرج أجيالاً قادرة على التصدي لأي نوع من أنواع الصعوبات،واختيار الطريق الصحيح بموضوعية وقناعة تامة.ومن المسلم به ان المشكلات الأسرية قد تحدث لأي سبب من الأسباب ولكن يجب على الأبوين عدم اظهار أي شكل من أشكال الخلافات أمام أبنائهم،حتى اذا ظهرت فيجب ان يتعاملوا معها بهدوء وروية وفي جو تسوده روح الإقناع والحوار أو الحجة وليس العنف أو الشتيمة.
(2)
ويضيف د.زاهر انه دائماً ما ينصب الحديث من قبل علماء الإجتماع على كيفية التعامل مع مشكلات الزوجين هذه واحدة من اهم الأولويات هنا هي عدم مناقشتها بصورة غير لائقة امام الابناء،ذلك اننا بهذه الطريقة نقدم قدوة سالبة لهم يتأثرون بها وربما يكررون مستقبل ما فعله الأباء امامهم.هذا ومن ناحية اخرى فإن الجدل الشديد بين الأباء وما ينجم عنه من مشاكل يمكن ان تحدث بينهما،يسهم في جعل شخصيات هؤلاء الأبناء مضطربة وخائفة وغير متوازنة،وقد يتفاقم تأثير هذه المشكلات بين الأباء ومناقشتها امام ابنائهم،فربما تجعل الأبناء يلجأون الى نوع من انواع الهروب كأن يصبحوا عرضة لكل انواع المخاطر النفسية والاجتماعية كالهروب من المنزل او الإدمان او ضعف الشخصية او الإنطواء.
(3)
وبالرجوع لما يقوله علماء الصحة النفسية في هذه المسألة فقد اشارت بعض دراسات علم النفس الى الاثار السالبة لمشاكل الأباء امام أبنائهم وبينت ان من نتائج ذلك احساس الطفل بعدم الأمان وهو من اهم الاشياء النفسية التي ينبغي توفيرها له،بينما الخلافات تتعارض مع اشباع هذه الحاجة ؛فالحاجة للأمن النفسي عند الطفل تدفعه لوسائل متنوعة للهروب من هذا الأمر هروباً فعلياً او نفسياً،فقد يغطي الطفل ودهه او أذنيه او ينسحب من ذلك الشجار لغرفة اخرى،وقد ينخرط عندما تتكرر الخالفات في سلوكيات تعويضية مثل زيادة اللعب،او البقاء خارج المنزل كثيراً،أي عدم الرغبة في الدخول اليه والبقاء فيه.وهذه الاثار قد تمتد لسنوات وقد تؤثر على سلوك هذا الطفل عندما يكبر..وايضاً من اثاره تشويه صورة الأبوين او أحدهما في عقل الطفل،واثر اخر هو شعور بعض الاطفال بالذنب،وقد اظهرت الدراسات ان احد الأبناء ومن خلال ما يسمع من جدال قد ينحاز ولأسباب مختلفة لأحد الوالدين مما ينتج عنه عداء للأخر
(4)
لكن الدكتور عمر عبد الرحمن-الخبير النفسي والتربوي- يرى ان هناك عدة فوائد ايجابية للخلافات الزوجية امام الأطفال ويقول انه لا داعي لأن يستغرب الناس هذا العنوان،مع ان لهم الحق في ذلك فقد كشفت بعض الدراسات النفسية ان الخلافات الزوجية قد تفيد في المواقف.كما ان عدم الخلاف امام الأطفال مطلقاً قد تكون له اثار سالبة؛لأن ذلك يحرمهم من معرفة الحياة الواقعية وكيفية التعامل معها،ولكن لكي تحقق الاثار الإيجابية للخلافات الزوجية-يقول الدكتور عمر- لابد من توافر بعض الشروط اهمها ان لا تكون الخلافات الزوجية امام الأطفال هي الغالبة،وان يكون الخلاف خلافاً يتجادل فيه الزوجان لإثبات صحة راي كل منهما او الدفاع عن نفسه ولا يتحول الى سباب وشتائم،او وان يحاول كل طرف ايذاء الطرف الأخر بالإهانة او الضرب او نحو ذلك،مع الحذر من اقتحام الأطفال في القضية لأنه قد يميل احد الأبوين-خصوصاً الأم- الى استمالة اطفالها ليكونوا في صفها فهذا الموقف له اثار خطيرة على نفسية الطفل ويضعهم في موقف صعب اذ عليهم ان يختاروا بين احدهما.
واخيراً يجب ان ينتهي الأمر بحل الخلاف بالوصول الى حل يرضي الطرفين وذلك امام أعين الأطفال وهذا أمر في غاية الأهمية إذ من خلال ذلك يتعلم الأطفال أسلوب حل المشكلات،كما يتعرفون على الواقع أيضا،اما ان كان الزوجين غير قادرين على ذلك فمن الخير لأطفالهم الا يشهدوا خلافاتهما.
صحيفة حكايات