في افاداته التوثيقية عن الترابي بندوة اتحاد الشباب الوطني: أمين حسن عمر: الترابي وقف ضد إعدام محمود وخروج مجموعة صادق من الجماعة
أسرة الترابي و”الشعبي” يعملان على إيقاف بث حلقات الجزيرة
كان لا يرد على خصومة جعفر شيخ أدريس ولا أعرف علاقته بأزرق طيبة
سعيت لمناظرات بين الترابي ومن يكفرونه لكنهم كانوا يتهربون
صرامته الأكاديمية كانت تذوب في حضرة شيخ البرعي
كشف الدكتور أمين حسن عمر عن مساعٍ يبذلها حزب المؤتمر الشعبي وأسرة الراحل الدكتور حسن الترابي لإيقاف بث حلقات كانت قناة الجزيرة قد سجلتها مع د. الترابي تعبّر عن مرحلة سابقة في الخلاف بينه والسلطة، وتناول الدكتور أمين في ندوة الاتحاد الوطني للشباب السوداني بمركز الشهيد الزبير للمؤتمرات أمس، تجاربه مع دكتور الترابي في مراحل مختلفة، معدداً صفاته ومواقفه في مسيرة ممتدة لعدة عقود. وقطع د. أمين برفض الترابي القاطع لتنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه بعكس القاضي الراحل أحمد محجوب حاج نور، وأضاف: ” الترابي لم يسع لشفاعة لكن نميري ما كان يقبل شفاعة أحد في ذلك الأمر”. مشيراً إلى أن قضية إعدام محمود يستخدمها العلمانيون في سياق الصراع السياسي مع الحركة الإسلامية وزعيمها الراحل بعكس حقائق الواقع.
وأشار أمين إلى أنّ كثيراً مما يقال عن دور للترابي في صراعات شخصية لم يكن صحيحاً، من ذلك حسم الخلاف الذي دار حول البيعة لمصر التي رفضها الترابي، فيما يرى بها شيخ صادق عبد الماجد حيث حسم الخلاف بتأثيرات مجموعة الشباب الذين دخلوا مجلس الشورى فيهم أمين وحسن مكي والتجاني عبد القادر وسيف الدين محمد أحمد، وقال أمين: كانوا يحملون الترابي مسؤولية ذلك باعتباره حرضنا على مناصرة رأيه، وأقول شهادة لله إنه لم يتحدث معنا أصلاً، بل كان ضد خروج المجموعة التي خرجت بقيادة شيخ صادق وآخرين”.
وشدد أمين على أن منهج دكتور الترابي التوحيدي قديم فعلاً وقولاً، ويتمثل ذلك في إعلانه جبهة الدستور التي حشد لها تيارات المسلمين المتباينة مثل أنصار السنة بقيادة شيخ الهدية ورموز التجانية والسمانية والإخوان المسلمين وغيرهم، ثمّ تطورت في جبهة الميثاق والجبهة الإسلامية والمؤتمر الوطني، مشيراً إلى أن المنظومة الخالفة التي أنتج تصوراتها في نهاية حياته تجسد أكبر تصور لتوحيد المذاهب والتيارات في منظومة سياسية واحدة.
وفي سؤال محمد سيد أحمد المطيب عن علاقة الترابي بأزرق طيبة، أجاب أمين بأنه لا يعرف هذه العلاقة التي قد تكون نشأت في مرحلة متأخرة، لكنه أضاف: “ما استمتعت بحديث لدكتور الترابي مع أحد كما استمتعت بحديثه مع الشيخ البرعي، فهو الوحيد الذي تذوب معه صرامة الترابي الأكاديمية ويتحدث معه بأريحية”.
وحول مقدرات الترابي العلمية، قال أمين إنه مطمئن أن دكتور الترابي باستطاعته أن يدِّرس اللغة العربية لعلماء متخصصين فيها، وأبان أن طريقة الترابي في المدارسة قديمة حيث عقد 24 حلقة مدارسة في أصول الفقه إبان فترة عمله في وزارة العدل في عهد نميري، وكتب مخطوطة في أصول الفقه يجري البحث عنها.
وعن مدارسة القرآن قال أمين إن الترابي كان ينفق الساعات الطويلة في مدارسة القرآن لعدة أغراض منها التلاوة والتدبر ومنها مقارنة القراءات التي تمكنه من استجلاء المعاني، مشيراً إلى واقعة إمامة الترابي للمصلين ذات مرة في نيجيريا وقرأ بما يناسب قراءة أهل نيجيريا فاعترض عالم مصري كان في وفد بلاده وكان يظنها أخطاء في حفظ الشيخ.
وذكر أمين حادثة أخرى مشيراً إلى أنهم حين كانوا في السجن فرغوا من تحويل كتابة المصحف من رواية حفص إلى رواية الدوري، وقال بعد أن خرجنا من السجن سلمنا النسخة لشيخ القراء إبراهيم العباس الذي استخرج منها 140 خطأ، وقال كان شيخ حسن تربطه علاقة مودة ودعابة مع الشيخ إبراهيم، فقال له أشارطك إذا أخرجت أخطاءً من هذه النسخة؟ فشارطه شيخ إبراهيم أنه يمنحه عشر جنيهات عن كل خطأ، فاستخرج الترابي 11 خطأ رغم أن شيخ إبراهيم أعلم الناس بالقراءات حيث يأتيه علماء من المدينة المنورة لأخذ العلم منه.”
وشدد د. أمين على أن منهج دكتور الترابي في النظر الأصولي منهج قديم بدأ به حياته الفكرية والعلمية، وكان يقول لنا: “لا تضيعوا أوقاتكم في الفروع”. وأشار إلى أن الترابي كان يوصينا في السجن بحلقات المدارسة التي توفر التنوير بين الموجودين، فكان يقول: “إخوانكم الذين دخلوا السجن خرجوا بفتنة.. درسوهم مقدمة ابن خلدون وعرفوهم بأحوال الناس وأخبار العالم”. وقال أمين إنه سأل الترابي عن شخصية كان لها الأثر في تكوينه الفكري فأجاب: “نعم.. بابكر كرار..”، فكلاهما عميق التفكير وله طريقة مختلفة في عرض الأفكار، وكلاهما لا يأخذ الأفكار دون أن تخضع لتمحيص دقيق.
ولفت د. أمين إلى أنّ منهج د. الترابي في النقد جعله يستفيد من طاقاته الذهنية والعلمية الهائلة. وأشار إلى أنهم كانوا يدخلون عليه كبار الأساتذة والفلاسفة الغربيين المعاصرين فيخرجون وهم في حالة من الاندهاش.
وفي شأن عدم مناظرة الترابي لخصومه في الفكر قال أمين إنهم يهربون تماماً من مواجهته، وأشار إلى أنه شخصياً كان كثيراً ما يسعى لهذه المناظرات خاصةً الذين يتجرأون بتكفيره، ويقول لهم : “أضمن لكم حضور شيخ حسن” لكنهم يتهربون في كل مرة، ليقينهم بأنّهم أقل علماً وأضعف حجة”. وزاد أمين: لم يقلل اطلاعنا الواسع نسبياً بالفكر العربي والغربي والعالمي بإعجابنا الاستثنائي بهذه الشخصية الظاهرة، مشيراً إلى أنه بدأ في كتابة سلسلة عن تاريخ الأفكار عند دكتور الترابي.
الخرطوم ــ محمد خير عوض الله
صحيفة الصيحة