محمد بحر حمدين يكشف أسرارا جديدة حول أحداث أم درمان
نقل الحرب إلى الخرطوم تم في المؤتمر الرابع في وادي هور في 2007م
القرار اتخذ على المستويات العليا بالحركة
لم يمكن ممكناً التراجع عن تنفيذ الهجوم وتحملنا النتائج
شارك (3) آلاف في الهجوم على أمدرمان وبحوزتهم (300) عربة
أنظمة الإتصال لدينا حدث بها خلل ولم نحسن ختام المعركة
بعد دخول الليل لم نوفق في إعادة ترتيب قواتنا لليوم التالي
أعددنا قوة احتياطية لأننا توقعنا إستشهاد قواتنا أو أسرها
هذه هي الأسباب التي أوصلت الحركة إلى ما هي عليه الآن …
حوار: رانيا الأمين (smc)
العاشر من مايو 2008م تاريخ لا ينسى بالنسبة للسودانيين وأهل العاصمة على وجه التحديد إذ أنه ارتبط بأحداث أم ردمان الشهيرة التي روع فيها المواطنين عندما حاولت حركة العدل والمساواة دخول الخرطوم لتشتبك مع قوات الحكومة في مشاهد ظلت في الذاكرة شاهدة على محاولات نقل الحركات المسلحة للصراع إلى الخرطوم، ورغم مرور ثماني سنوات على الأحداث إلا أنه مازال هناك ما يقال حول تفاصيلها مع الشهود الذين خططوا لها وشاركوا فيها.. المركز السوداني للخدمات الصحفية استرجع بالذاكرة مع محمد بحر حمدين نائب رئيس حركة العدل والمساواة الذي شارك في أحداث أم درمان وأجرى معه حواراً حول تفاصيل المعركة وطريقة الإعداد لها وغيرها من الخفايا فإلى مضابط الحوار..
في البدء لماذا في العدل والمساواة لجأتم إلى حمل السلاح؟
في البداية لابد من الحديث حول حقيقة مهمة وهي أن الصراعات التي نشأت خلال الستون عاماً التي مضت من عمر الوطن هي صراعات جاءت نتيجة لأننا أمة في طور التشكيل، فعندما أغلق أفق الحوار وفشل الناس في الوصول إلى آلية يتداولون عبرها الأفكار والرؤى ويتوصلون إلى منظومة تضبط الأفكار وطريقة إدارتهم لدولتهم لجأوا إلى الحرب والصراعات والتي استمرت منذ جنوب السودان وبقية أقاليم السودان الأخرى.
الحركة حاربت الحكومة في دارفور لكن كيف اتخذت قرار الهجوم على أمدرمان؟
الترتيب للهجوم بدأ في المؤتمر الرابع للحركة الذي انعقد في وادي هور في 22/10/2007م في ذلك الوقت تم إتخاذ القرار بنقل الحرب إلى المركز الجغرافي الذي تدار منه البلاد كتعبير عن أنه أصبح من الصعب التعايش مع الأزمة، وتم الإتفاق على نقل الصراع إلى الخرطوم على أساس أن تتم مخاطبة جميع الشعب السوداني بأنه أصبح من الصعب استمرار الصراع بشكله الحالي.
ماذا تقصد بالتعايش مع الأزمة؟
في تقديري أن الخطاب الذي كان سائداً في ذلك الوقت من قبل الحكومة هو أنه بعد توقيع نيفاشا وأبوجا لا مجال لمفاوضات أخرى وهي الأجواء التي حتمت نقل الصراع إلى المركز.
إذن كيف أعددتم للمعركة؟
استمر الإعداد من 22/10/2007م إلى أبريل من العام 2008م ولم يكن القرار معلوم على مستوى جميع الكودار في الحركة لكنه كان كقرار اتخذ على مستوى القيادات العليا في الحركة.
كيف كان تنفيذ قرار الهجوم؟
الحركة كانت لديها مساحة زمن للتدريب وكان لديها كادر في مجال التدريب وقتها وكانت لديهم إرادة قوية للخروج من دائرة الركن القصي في أقصى غرب السودان.
كيف كان تجهيز الحركة في مجال السلاح؟
كنت جزءاً من المنظومة التي كانت تدير القرار وقتها وكان في أعتقادنا أن المعركة ستدور خارج العاصمة لأن الحكومة كان لديها علم بقرار الحركة بالهجوم، لكن مع ذلك كان الإصرار في أننا نستمر، وبعد ذلك في الأول من مايو دارت معارك في دارفور في منطقة جبل عيسى، وأذكر أننا أتينا يوم السبت ويوم الأربعاء الذي قبله اجتمعت الحكومة بكل البعثات الدبلوماسية وأخبرتهم أنها رصدت تحركات عسكرية للعدل والمساواة بأنها ستهدف الشمالية أو الخرطوم.
لماذا واصلتم التقدم رغم علمكم بأن الحكومة علمت بتحركاتكم؟
لم يكن لدى الحركة خيار آخر بإعتبار أن هذا قرار صدر ولابد من تنفيذه ومن ثم تحمل النتائج.
وماذا فعلتم؟
بعد أن أصبحنا على بعد (120) كيلومتر من أم درمان عقدنا اجتماع وقررنا أن نجنب الأسلحة بعيدة المدى وكبيرة الإنفجار بإعتبار أننا سندخل إلى مكان تتمركز فيه كثافة سكانية وكثير من أخواني الذين كانوا معي قالوا لي نحن نريد أن ندخل معركة كيف يمكن أن نجنب نوع من الأسلحة فكنت أجادلهم بأن مشكلتنا مع المنظومة الحاكمة وليست مع المواطنين، لذلك لابد من الوقوف عل المحددات الأخلاقية لأن السكان في جميع السودان هم أهلنا ومشكلتنا نحن مع طريقة إدارة الحكم.
كيف بدأ القتال؟
تحركنا عبر مجموعات وبالنسبة لنا كانت ظروف عادية.
كم كانت قوة الحركة في الهجوم على أمدرمان؟
كانت قوتنا أقل من (3) آلاف وحوالي (300) عربة.
هل تم تنفيذ خطة الدخول لأم درمان كما خططتم لها؟
نحن دخلنا عبر محاور مختلفة والشيء الطبيعي أن البلد كانت في حالة تأهب لحرب وبالتالي كان هنالك إستعداد لذلك على امتداد الخط الغربي لأم درمان كان هنالك وجود لقوات وبالتالي دارت معارك لذلك من الصعب تحديد نقطة محددة يمكن القول إنه بدأت منها المعركة، فكل الشريط الغربي لأم درمان بدأت فيه المعركة في وقت واحد، ومن ثم وصلت قوات الحركة لمناطق متفاوتة فبعض القوات وصلت إلى الحتانة وأخرى وصلت إلى شارع الأربعين وأخرى وصلت إلى جسر النيل الأبيض وأخرى إلى المهندسين، وهذا ضمناً يفهم منه أن ما وراء كل هذه النقاط دارت فيها معارك.
ما هي النقطة التى انتهت فيها المعركة؟
معركة أم درمان لم تكن فيها نقطة فاصلة تنهيها لكنها انتهت بدخول الليل، ونحن كحركة بعد ذلك لم نوفق لإعادة ترتيب قواتنا لليوم التالي.
ما هو سبب عدم التوفيق هذا؟
لأن أنظمة الإتصال لدينا حدث بها خلل وهذا الخلل جعلنا غير قادرين على إعادة ترتيب قوتنا لليوم التالي لذلك لم نستطع أن نحسن ختام المعركة.
كيف استطاعت الحركة لملمة اطرافها بعد المعركة؟
عندما أتينا إلى المعركة كان من ضمن حساباتنا أن جميع هذه القوات يمكن أن يستشهدوا أو يتم أسرهم لذلك كانت هنالك قوة إحتياطية.
أين تم أسرك بالضبط؟
تم القبض على في منطقة صالحة بأمدرمان.
كيف قيمت الحركة خسارتها بعدم دخول الخرطوم؟
واحدة من أهداف الحركة وقتها هو نقل الصراع إلى الخرطوم وهي بالفعل دخلت الخرطوم لكن بُنية التأمين في السودان تختلف مثلاً عن بنية تشاد العسكرية والأمنية، ففي تشاد إذا كانت هنالك قوة متمردة فإن الرئيس يقوم بتجميع قواته ويهاجمهم في معركة واحدة ومن يحسم المعركة هو الذي يحكم البلد.
وهذا البعد كان غائباً عنكم عندما خططتم لدخول أمدرمان؟
ونحن لم يكن غائباً لدينا أن السودان يختلف فإذا دخلت قوة اليوم وسيطرت على الخرطوم لا يمكن القول إنها سيطرت على السودان لأن نفس القوات موجودة في مدني والضعين وبورتسودان، وعلى الرغم من أننا نعارض النظام إلا أننا مدركين لمكامن القوة للدولة السودانية.
كيف تقيم حركة العدل والمساواة ما بين 2008 والآن؟
حركة العدل والمساواة حدثت فيها هزات كبيرة، فقصة الانتظام في تنظيم واحد وأن يتحاكم الجميع على النظام الأساسي الذي تواضعوا عليه ويبتعدوا عن أمراض النفس فهذه تحتاج إلى تدريب، وصحيح حدثت إخفقات كبيرة وحدث عدم توظيف للزخم الذي أعقب أحداث أم درمان أو الذي أعقب انطلاق مفاوضات الدوحة وكذلك هنالك مشكلة في طريقة الإدارة.
أين المشكلة تحديداً في إدارة الحركة؟
تعرضت الحركة إلى أكثر من عشر انشقاقات للحركة وجميعها أسبابها واحدة وهي عدم الإلتزام بالمؤسسية وتدخل ضمنه البعد الأسري والقبلي وحظوظ النفس، والموروث القبلي وعدم التفريق بين المؤسسة القومية والمؤسسة العشائرية وهذا كله يدخل ضمن عدم الإلتزام بالمنهجية، فعدم المهارة في إدارة المورد البشري واحترام مكتسباته هي التي وصلت بحركة العدل والمساواة إلى هذه المرحلة.
أخيراً في رأيك هل الحوار الوطني معالجة لقضايا الوطن؟
الحوار الوطني معالجة موضوعية ذكية جداً لأزمات البلاد لكن أمامها تحديات كبيرة وهي مدى الإتزام بروح ونص المخرجات وأن تكون الروح السائدة فيه هي مثل ما صرح مساعد الرئيس إبراهيم محمود عندما ذكر أن السودان ليس ملكاً للمؤتمر الوطني، فاذا ساد هذا الفهم، فالحوار الوطني سيكون معالجة تاريخية لقضايا السودان، خاصة وأن الحركات المسلحة عبارة عن آثار لمرض ولابد من تعديل ميزان السلطة والثروة وتوافق بين الجميع حتى نرتقي بالوطن إلى الأمام.
اس ام سي