تحقيقات وتقارير

دولة الجنوب… الخوف من الانهيار

انتهت الحرب، ويقف الجنوبيون الآن، على منطقة عازلة بين عالمين، عالم تترى فيه كل المخاوف من العودة مجدداً لحريق المعارك، وعالم ملاصق لأمنيات خائفة من مستقبل غامض يلفه الانهيار السياسي والاقتصادي، ويضع الدولة التي ولدت بأسنانها كما يرون، بين فكي الضياع والانتفاء. مرحلة جديدة مهرها الرئيس سلفا كير ميارديت توقيعاً لوحده في العاصمة جوبا على وثيقة السلام التي رفض بدءاً التوقيع عليها في حينها ومهرها د. رياك مشار بأديس أبابا، ومسألة التوقيع على اتفاق السلام بين الندين، وما مضى منها من حكاوي وروايات ومشاهد، صنع قبة من التنبوءات بشأنها، فهي ــ أي الاتفاقية المترنحة بشراب الخلافات حول بنود لم تحسم حتى الآن أهمها إدماج القوتين العسكريتين، لا هي بارحت رصيف التشاكس، ولا هي عممت أوراق السلام بدولة جنوب السودان. بداية الصفحة الأخيرة بوصول النائب الأول للرئيس لجوبا قبل فترة، لم تصنع بالكاد ملمحاً مطمئناً لما يحيط ويحيق بالدولة، وتسابق الخطوات، خطوات السيطرة والخنوع هي الجانب الآخذ لكل المتغيرات التي تمر بها دولة الجنوب الآن، وتمر بعجلات الخوف على نفوس الجنوبيين الآن. صار الأمر هناك حزمة من التخوفات، وليس جملة من الآمال حول انتهاء الأزمة التي مضى عليها عامان ونيف، أطلت أزمات أخرى، مثل الاقتصاد واللاجئين وأشياء أخرى تضفي على مستقبل الدولة توابل الترقب المنحاز للانفجار في أي وقت وزمان ومكان. التجميد الخفي وحينما وقع طرفا الصراع في جنوب السودان السلام، أحاطت في كثير من مسارات التفاوض والتوقيع نهاية ظروف ومتغيرات عديدة، نقلت لأجواء التوافق بين الطرفين الكثير من التنبوءات المخيفة، وأكثر ما أحاط ويحيط الآن بمستقبل الاتفاق من خطر محدق هو «تقسيم الولايات الجديد» الذي وضع المعارضة على المحك الحقيقي للاستمرار في الاتفاق أو الخروج تارة أخرى للغابة. حسناً.. لنعد قليلاً للوراء، وندلف مباشرة إلى «فقاك» معقل المعارضة، الأجواء بعد إعلان الرئيس سلفا كير تقسيم الولايات من جديد، عجلت باجتماع حاسم للمعارضة خرج فيه زعيم المعارضة من مطب المطالبة من قيادات الصف العسكري والسياسي بإعلان تجميد المعارضة، للعمل بالاتفاق والدعوة لاجتماع عاجل بأديس أبابا مع وسطاء إيقاد والوسطاء الدوليين، لنقل ملاحظات ورفض المعارضة للتقسيم الجديد، خرج منه كما ذكر سابقاً بـ «قدرة قادر». ومع رفض تلك القيادات، وقناعة زعيم المعارضة نفسه بسوء فعلة جوبا، وإعادة تقسيمها للولايات، تضيف مصادر مطلعة أن الرئيس استند إلى الدستور في عملية إعادة تقسيم ولايات البلاد، وهي المواد التي تتيح له التدخل في إعادة التقسيم أو الإلغاء أو الدمج في الظروف الطارئة وظروف الحرب. نعود مرة أخرى إلى فقاك، وهناك تقع الانقسامات بشأن الانسحاب من الاتفاق أو تجميده، وهو ما لم يحدث، إذ صرح زعيم المعارضة لوسائل الإعلام في ذلك الوقت، برفض المعارضة لعملية التقسيم، وسارت الأمور بعد ذلك على نحو التمسك بالاتفاق وعدم الدخول في معترك مع المجتمع الدولي من جهة، ومناهضة تلك التقسيمات في وقت لاحق من جهة أخرى. وسار الأمر على تلك الوتيرة، لحين رجوع مشار إلى جوبا، لتزداد الضغوط عليه من قبل القيادات التي لا ترى مبرراً كافياً لقبول العمل وتنفيذ الاتفاقية بذاك التقسيم، لكن في الأثناء، تبادل الطرفان أدوار السير في الطريق غير المعلن لتجميد الاتفاق، وأدى ذلك حسبما ذكر قيادي بالمعارضة، إلى انقسام عميق في مجموعة مشار، وعجل بوضع رئيس الوفد المفاوض تعبان دينق لاستقالته علي طاولة رئيسه، وقضت كذلك بإعلان صريح لبعض القيادات برفضها لحضور مشار إلى جوبا واستلام مهامه نائباً للرئيس، بل ذهب آخرون واتهموا مشار بأنه يسعى إلى المنصب ولا يهتم بالقضية الرئيسة وموقف وموقع المعارضة الجديد في جوبا، ويرى د. جوناسون تانج أن مشار بات يعمل لنفسه أكثر من الجماعة، وهو وبحسب قوله، يحاول مرة أخرى الوصول إلى سدة الحكم غاضاً الطرف عن مصلحة الجماعة أو المجموعة، إذاً، وبحديث تانج، وما ذكر هنا من تدخلات «أنجلينا»، بجانب رفض عدد من القيادات لسياسات رئيس المجموعة مؤخراً، أحدثت شرخاً وانقساماً خطيراً بمجموعة مشار، بعد الانقسام الأول الذي أخرج قدست وقاركوث وآخرين سابقاً احتجاجاً على السياسات العسكرية للمجموعة، والتوقيع على الاتفاق مع سلفا كير. مرحلة الخطر منذ أن فجرت الطلقة الأولى بمقر الحرس الرئاسي في جوبا الأوضاع بدولة جنوب السودان في ديسمبر «2013»، وقبل ذلك ببعض الوقت، حين عانى الاقتصاد الجنوبي كثيراً من التطورات الداخلية، وضعف الإنتاج والاعتماد على عائد النفط والمعونات المالية التي تقدمها واشنطن ولندن وأوسلو لجوبا، ومع بداية الحرب توقفت تماماً تلك الدعومات التي كانت تضخ بعضاً من المال في شرايين الاقتصاد الجنوبي. ومع توقف «70%» من إنتاج النفط بالجنوب، شُل الاقتصاد الجنوبي، وصار على درجة خطرة، وممَّا فاقم ذلك، توقف حقول ولاية الوحدة بسبب الأعمال القتالية عن الإنتاج، وتبع ذلك توقف بعض الحقول في أعالي النيل رغْم إعادة بعضها للعمل. الاقتصاد الجنوبي، الذي يقابل وضعاً قياسياً صعباً، الآن وبحسب تقديرات صندوق النقد والمؤسسات الاقتصادية العالمية، أنهكه أيضاً الصرف العالي للحكومة في شراء السلاح، والصرف الآخر على القوات الأوغندية التي نالت لوحدها بحسب ما تذكره قيادات معارضة، حوالي مليار دولار، بجانب صرف مرتبات الجنود بالجيش الشعبي بالعملة الصعبة في مناطق محددة خاصة التي دار فيها قتال عنيف مثل بانتيو وملكال وبور وغيرها من المدن والمناطق الإستراتيجية التي لا تستطيع الحكومة التخلي عنها لأهميتها الكبرى. وتوالت في الأثناء الأنباء والتقارير المختلفة حول صفقات السلاح التي عقدتها جوبا، خاصة لجهة الأسلحة الثقيلة، ويظهر في الوقت نفسه تقرير غير رسمي عن حصول جوبا على المئات من الدبابات «دبابات ومدرعات وليد» بأكثر من «35» مليون دولار، بجانب أسلحة رشاشة صينية تقدر بحوالي «14» مليون دولار، وكذلك أجهزة اتصال ومعدات هندسية عسكرية بمبالغ كبيرة سددتها جوبا وما زالت تسدد بعضاً منها. كل تلك الأسباب وغيرها من الأسباب الأخرى المتعلقة بضعف الإنتاج والإنتاجية لظروف الحرب آنذاك وتوقف الزراعة في أكثر من «85% » بالبلاد، وضعت الاقتصاد الجنوبي الآن بغرفة الانعاش. لإنجلينا كلمة مع مرور أوقات الحرب مع الحكومة استحوذت خلافات كثيرة علي المشهد الرئيس للمعارضة التي يتزعمها في ذاك الوقت د. رياك مشار، ومع تقلبات ميزان النصر والهزيمة جذبت زوجة زعيم المعارضة إنجلينا تينج كل الأنظار إليها، ارتدت «الكاكي» ورافقت زوجها في كل حركاته وسكناته، صنعت الطعام للمقاتلين وأمدتهم بحبوب الحماسة وأمصال الشجاعة، ظهرت كثيراً في لقطات تصويرية وهي بجانب زوجها وزعيمها المعارض آنذاك، ومع هذا الاقتراب، بدأ يُرسم بداخلها الملاحظات حول هذا وذاك، ورغم أن لها تجربة سياسية سابقة، إلا أن ما يذكره لي أحد قيادات المعارضة لما يسميه «تدخلها وانحشارها في مسائل عسكرية» يدعو للدهشة، أقول له كيف ذلك؟ يجيب: منذ تقدمنا في بعض المحاور وانطلاق الحرب بدأت تتدخل في مسائل لا تعنيها، وفي بعض المرات أمام القيادات العسكرية، مما أوقع كثيراً من الخلافات. فهي ترى أنها جزء من الرأي وليست زوجة للزعيم فقط. ملفات الخلاف وتصنع عدة ملفات رؤية ضبابية للوضع الآن بدولة الجنوب، ويمثل في الوقت نفسه، ملف السلطة واقتسامها وتسيير العمل التنفيذي بالحكومة، أكبر الملفات المخيفة التي تضع كثيراً من العقبات على طريق الحكومة الوفاقية الأخيرة. كما أن هناك ملفات أخرى تتمثل في الترتيبات الأمنية واللاجئين والمصالحات الاجتماعية وتعيين الحكام بالولايات التي لا تقرها مجموعة مشار، وتتشبث بها مجموعة الرئيس سلفا كير. كل الأنظار المتجهة الآن إلى جوبا، ومع التطورات المتلاحقة بالبلاد، تجعل تلك الأنظار تنظر بحذر لفشل الرئيس ونائبه الأول في انتشال الدولة من المرحلة الأخطر التي تمر بها الآن. عنوان أخير وحتى سبتمبر المقبل، ربما تقع بعض المتغيرات في دولة الجنوب، وهي عطاء ظروف محددة تجري الآن ربما تكون بمثابة انتهاء سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان على مقاليد الحكم في البلاد، وربما تنتقل تلك السلطة إلى مكان آخر هو ما يسمى «تجمع المثقفين» الذي يعد للكثير تحت الجسر الآن.

الانتباهة

‫2 تعليقات

  1. اسمعوا النصيحه المره

    لا امل ف السلام ف الحنوب الا ب 3 دول
    دوله النوير
    دوله الشلك
    دوله الدينكا

    ح تلفوا و تدورو و تدورو تلفوا و ترجعوا للكلام ده
    لكن بعد اكون الجنوب بقي فطيسه ميته

  2. هذه الدولة لا تريد الخير للشماليين بصرف النظر عن اتجاهتهم الدينية والعرقية والحمد لله ان الله شغلهم عنا بهذه الحروب لان هذا العداء والحقد المتجذر سيبقى فى قلويهم وقلوب احفادهم الى ان تقوم الساعة لذلك نعتبر ان انفصال الجنوب هى اكبر نعمة من الله وعلى الحكومة الحالية وجميع الحكومات القادمة فى الشمال ان تدرس هذا الوضع بعمق وحكمة حرصا على الاجيال القادمة واخذ الحيطة والحذر من هذه الدولة والمخططات التى تدار ضد السودان الشمالى لان هدفهم النهائى هو مسح العنصر الشمالى الاسلامى من السودان وسيظل هذا الهدف قائم ويسنادهم فى ذلك الدول الغربية واسرئيل لانها سوف تستخدمهم كراس رمح للتدخل العسكرى فى السودان وربنا يستر