الشيخ “حسن “الترابي” في (شاهد على العصر) بقناة الجزيرة (الحلقة الخامسة – الجزء الأول )
تبين لنا أن المعارضة نفسها لا تشكل منهجاً في الحياة.. فقدوا حكماً يريدون أن يستردوا الحكم
بين “جعفر نميري” و”معمر القذافي” كانت الغيرة مشتدة
كان يسيراً في السودان أن ينتشر الفكر الإسلامي وفكر التخطيط في الحركة دائماً إلى الأمام
رصد – طلال اسماعيل
# “أحمد منصور”: السلم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الزعيم السوداني البارز الدكتور “حسن الترابي”، دكتور مرحباً بك.
– “الشيخ الترابي”: مرحباً وأهلاً وسهلاً.
# “أحمد منصور”: توقفنا في الحلقة الماضية بعد عودتك بعد الإفراج عنك.. قمت بجولة.. ذهبت إلى (الحج) و(الولايات المتحدة الأمريكية).. وقمت بجولة خارجية.. عدت إلى السودان.. كان هنالك بعض التحولات “النميري” غيَّر الدستور.. في 8 مايو 1973م أعلن دستوراً جديداً للبلاد.. بدأ يرسخ في الاتحاد الاشتراكي كسلطة جديدة يحكم من خلالها، بدأت انتفاضة عرفت باسم (انتفاضة شعبان).. وكان المشهد فيه شيء من الحراك الكبير.. كيف وجدت المشهد عندما رجعت؟
– “الشيخ الترابي”: نعم، الذي ردني إلى السودان زيارة لم تكن قد انتهت أغراضها بعد، ولكن هو أن تسامعت أن الحركة الطلابية احتدت واشتدت، ودائماً هي بداية الانفجار عندنا في السودان، الجامعات تكاثرت شيئاً ما، فأصبحت جملة الجماهير الطلابية أصبحت قوة ذات وزن وذات وقع، وسمعت أن بعض التدابير الاقتصادية أثارت غضباً في المعاش، فجئت راجعاً وبدأنا، وجدنا التيار يتصاعد، فأردنا أن نجمع كل القوى السياسية معه وأن تسنده شعبياً.
# “أحمد منصور”: وتدعم الانتفاضة
– “الشيخ الترابي”: نعم، ولكن طبعاً..
# “أحمد منصور”: قبض عليك في 29 أغسطس..
– “الشيخ الترابي”: قبض عليَّ.
# “أحمد منصور”: ولكن استمرت الانتفاضة؟
– “الشيخ الترابي”: استمرت الانتفاضة والطلاب تمردوا وحوصروا وكانت معركة حول الجامعة.
# “أحمد منصور”: ولكن هذه الانتفاضة أظهرت الحركة الإسلامية كقوة أساسية في الشارع السوداني؟
– “الشيخ الترابي”: العاصمة خاصة، مدوا في العاصمة مدا، لان المدارس الثانوية طبعاً والوسطى، والجامعات والأحياء، فأصبح المد في العاصمة يكشف قوة الحركة الإسلامية.
# “أحمد منصور”: ما هي أهم النتائج التي خرجت بها الحركة الإسلامية من (انتفاضة شعبان)؟
– “الشيخ الترابي”: أول مرة بعد السكون والركون ومحاصرة نميري، بدأنا مرة أخرى ننفتح، وذلك هو الذي أثارنا كذلك في أن نبدأ في الحركة الجهادية مع المعارضة في الخارج.
# “أحمد منصور”: أنتم الآن غيرتم الاتجاه؟
– “الشيخ الترابي”: نعم.
# “أحمد منصور”: بدلاً من حركة سلمية دعوية سياسية.. بدأتم تفكروا في التدرب والتسليح.. ورتبتم مع المعارضة.. وذهبتم إلى “ليبيا” للتدريب هناك؟
– “الشيخ الترابي”: نعم.
# “أحمد منصور”: هل كان “النميري” يعلم الآن أنكم تعدوا إعداداً عسكرياً؟
– “الشيخ الترابي”: لعله بلغه نبأ، ولكن كان يستبعد أن يتمكن هؤلاء من أطراف “ليبيا” أن يدخلوا السودان، بعد الصحراء و…
# “أحمد منصور”: لماذا كان “القذافي” دائماً ضد “النميري” في دعم المعارضة؟
– “الشيخ الترابي”: الغيرة بينهما، الحكام دائماً لا يمكن أن يوحدوا شعوبهم لان كل حاكم، الله يقول فيهم (لو كان فيهم إله غير الله لعلا بعضهم على بعض)، الطاغية يريد أن يكون مطلقاً، والطاغية الآخر يريد أن يكون مطلقاً، فيتنافسان بالطبع، الشعوب تتحد فقط إذا أصبحت تقوم على الشعبية والحركية كما حصل في (أوروبا)، نحن حاول “القذافي” كم مرة أن يتحد مع مصر ومع السودان ومع مالطا ومع تونس، لكن لا يمكن أصلاً، كل واحد يريد أن يعلو على الآخر فقط، فبينه وبين “النميري” كانت الغيرة مشتدة، مشتدة، جرب مع “السادات” لكن أخذ عقوبة فسكت شيئاً ما.
# “أحمد منصور”: هل كان تفكيركم في التحرك العسكري تفكيراً سليماً في ذلك الوقت؟
– “الشيخ الترابي”: والله طبعاً، دائماً إذا اضطررت، دراستنا الغريبة دائماً الديمقراطيات تأتي بالثورات لم تأت تدرجاً درجاً درجاً، النظم القديمة دائماً تقبض وتتمكن ولا تسمح حتى شيئاً فشيئاً درجاً لطفاً، وتضطر في فرنسا وهي ثورة الديمقراطية طبعاً، وفي “أمريكيا” وفي البلاد الأوروبية ثورات، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام دخل المدينة سلماً ووحداً، ولكن إذا حيل بينك وبين…
# “أحمد منصور”: لكن أنت لم تعد الناس إعداداً يكفل لها المواجهة؟
– “الشيخ الترابي”: لكن هذه المرة الأولى كنا نبحث عن حرية فقط لا عن تمكنا.
# “أحمد منصور”: فقط عن الحرية؟
– “الشيخ الترابي”: ولذلك…
# “أحمد منصور”: يعني دكتاتورية “النميري” هي التي دفعتكم لهذا الأمر؟
– “الشيخ الترابي”: نعم.
# “أحمد منصور”: وليس رغبتكم في السيطرة على السلطة؟
– “الشيخ الترابي”: لا.. بعد.. لان الأحزاب الأخرى كانت معنا، الأحزاب التقليدية أوسع قواعد منا، فكنا نريد أن نعينهم على الجهادية، “المهدية” كانت فيها روح الجهادية القديمة بدأت في عامة البشر لا في المثقفين.
# “أحمد منصور”: نعم..
– “الشيخ الترابي”: تنتعش، الاتحاديون ما كان لهم دور يذكر لأنهم أهل مدن.
# “أحمد منصور”: لم يشهد السودان أي استقرار منذ العام 1969 بعد أن استولى “النميري” على السلطة وحتى ذلك الوقت.. 8 سبتمبر 1973 استطاع “الصادق المهدي” رفع مذكرة لـ”نميري”، قال فيها إن أهداف أي إصلاح سياسي هو تحقيق الاستقرار، ومنذ 25 مايو 1969م حتى 8 سبتمبر 1973م وقعت في السودان 4 مواجهات دموية و13 محاولة انقلابية، 13 محاولة انقلاب خلال 4 سنوات؟
– “الشيخ الترابي”: نعم..
# “أحمد منصور”: و4 مواجهات دموية؟
– “الشيخ الترابي”: نعم، منذ الاستقلال يا أخي أصبح السودان يتقلب بين حكم نيابي شكلاً وهو ليس نيابياً حقاً، لان الأحزاب ليست لديها مناهج تفوض على أساسها، هي تعول فقط على القبائل وعلى الطوائف ويأتون إلى الحكم ويأتلفون والائتلافات دائماً مضطربة وواهية، فالناس يزدهدونها ويرحبون بأيما عسكري، وأيما عسكري تحدثه نفسه بذلك، والعسكر هي منافسة، الأقوى يمكن أن يسيطر دون الآخر.
# “أحمد منصور”: والشعوب تدفع الثمن..
– “الشيخ الترابي”: فالعسكريون فقط، عبود كانوا حياديين لأنهم كانوا مأمورين، الشيوعيون جاءوا عسكراً شيوعياً طبعاً في محاولة انقلاب على انقلاب آخر، أرادوا أن يتمكنوا 100%، وبعد ذلك جاء الإسلاميون يعني، هذه جرت على السودان، حتى كل الشعب السوداني الآن تبين له من تاريخه أن كل الذين جربوا العسكر هم كانوا أشد ضحاياه، قتلوا هم قبل أن يقتل المعارضات الأخرى.
# “أحمد منصور”: في هذه الفترة أنا لاحظت “الصادق المهدي” تحدث في مذكرته عن مجاعة في دارفور وكأنه يتحدث عن واقع اليوم.. دارفور والجنوب كانتا حاضرتين طوال الأربعين عاماً الماضية في السياسة السودانية؟
– “الشيخ الترابي”: دارفور طبعاً، هي القاعدة الأوثق والأمتن لحزب الأمة، غالبهم أنصار إلا أهل المدن أو المثقفين، المثقفين غالبهم كانوا معنا، انتخابات الخريجين، أصحاب المدن من الجلابة يأتون من أماكن مختلفة من مناطق السودان تجارة، فجاءوا من المناطق النيلية التي كانت اتحادية النزعة ختمية الطريقة الصوفية والقادرية وإلى ما ذلك، ولكن عامة الناس كانوا من الأنصار.
# “أحمد منصور”: ما الذي أضافه التحالف الوطني لكم مع المعارضة ضد نظام “نميري” في ذلك الوقت؟
– “الشيخ الترابي”: تبين لنا أن المعارضة نفسها لا تشكل منهجاً في الحياة، فقدوا حكماً يريدون أن يستردوا الحكم.
# “أحمد منصور”: لكن أنت تتهم أنك كنت تريد فرض الأسلمة عليهم؟
– “الشيخ الترابي”: لا، كلا، هم ليست لديهم مناهج غير الأسلمة، من العسير عليهم أن يبعدوا عن الأسلمة لأن الكيان كله يقوم على قاعدة دين، كله، صحيح في القمة من تأثر بالعلمانية الغربية التي تبعد الدين عن السياسة، ولكن لا يجرؤ أن يقولها جهاراً ولا تدري هل هم اشتراكيون؟ جاءت النزعة الاشتراكية في كل العالم، وأنت تعلم بتلك الأيام الناس كانوا يميلون إلى الشرق كراهية في الغرب المستعمر، فالقومية العربية دخلت الاشتراكية، والإسلاميون اشتراكية الإسلام دخلت، وكلما أحد أدخل الاشتراكية، الشعارات تأتي هكذا غاشية فتأخذ الناس، أما شعارات وطنية أو شعارات اشتراكية وهكذا، ولكن ليست لديها مناهج، تبين ليس لديهم مناهج.
# “أحمد منصور”: لم تفكروا في أن تخترقوا الجيش كما فعلتم بعد ذلك بدل من اخذ الشباب إلى أثيوبيا وإلى ليبيا للتدريب؟
– “الشيخ الترابي”: لا بدأنا، لكن الخطى وئيدة بالطبع الدخول إلى الجيش من المدارس الثانوية إلى دخول الكلية الحربية.
# “أحمد منصور”: في هذه المرحلة المبكرة..
– “الشيخ الترابي”: في هذه الروح المبكرة، الروح الجهادية دخلت فينا، نعم، الروح الجهادية التي هي أساس الإنقاذ بدأ منذ ذلك الحين.
# “أحمد منصور”: الروح الجهادية ضد النظام المستبد؟
– “الشيخ الترابي”: وخاصة أن الأحزاب نفسها شعرنا أنها لا تؤمن، ولن تعيش في الحكم أكثر من بضع سنوات، يعني هي واخية وهي مقسمة.
# “أحمد منصور”: الفكر الذي كنت تحمله كان بينك وبين الآخرين فجوة هائلة فيه. ماذا كنت تفعل في ظل الجبهة حتى تقرب وجهات النظر؟
– “الشيخ الترابي”: أولاً تجديد الفكر الإسلامي كان أمراً عسيراً جداً على الناس، ولكن السودان لا يثقل بطبقة علماء تقليديين هكذا يحتكرون السلطة ويغارون من أيما فكر جديد، والصوفية ما كانوا أهل علم، ذكر فقط يعني ولذلك كان عسيراً علينا نحن أن نطرح فكر تحرير المرأة، وأن نغلب العرف تماماً.
# “أحمد منصور”: كنت تجد أية تجاوب لهذه الأفكار؟
– “الشيخ الترابي”: نعم، نعم، لأنه كان عرفاً فقط، الولاء الديني أعمى، من العسير أن تغلب عليه، والمثقفون كانوا لا يحبون الطائفة الدينية، والطائفية نفسها ما كانت تحافظ على التدين دائماً جيلاً بعد جيل، فكان يسيراً في السودان أن ينتشر الفكر الإسلامي، ولكن نحن حتى فكرنا السياسي ما كان قد تطور تطوراً كاملاً، ولكن أكثر من الحركات الإسلامية الأخرى، فكر التخطيط في الحركة دائماً إلى الأمام، الحركات الإسلامية الأخرى لم تعهده.
المجهر
قال الشيخ الترابى انه يكره الحدود و قالها بتقزز فى معرض اجابته عن الشريعة التى طبقها نميرى . افتونا يا اهل العلم فى هذه المقولة