حوارات ولقاءات

مساعد أول رئيس الجمهورية محمد الحسن الميرغني: سأعيد تكلفة علاجي لرئاسة الجمهورية (على داير المليم)

قبل بضعة أشهر، عندما كان في الخارج مستشفياً، أجريتُ حواراً لم يكتمل مع مساعد أول رئيس الجمهورية محمد الحسن الميرغني، وقتها كان مستاءً من شراكة حزبه مع المؤتمر الوطني وعدم تكليفه بملفات محددة.
وها هو عاد بعد أن أوكلت إليه مهام جديدة في مؤسسة الرئاسة، بدا الرجل أكثر تفاؤلاً من قبل، لكن حالة “الاستياء” لم تغادره بعد.
ولأنه وعدنا بإكمال الحوار بعد العودة، كانت لنا معه جلسة في جنينة السيد علي، لتقليب عدد من المواضيع المتعلقة به وبحزبه وبمولانا محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي.
والحسن كما يعرفه بعض الإعلاميين، يتقبل الأسئلة الساخنة ببرود وابتسامة تصل في بعض المرات لدرجة السخرية.. يجيب على الأسئلة ولا يطلب سحب كلمة أو عبارة قالها أثناء الحديث.
*بداية حمداً لله على السلامة.. ونسأل إن انتهت رحلة علاجك الخارجية على خير؟
شكراً لكم.. نعم أصبحت بخير، كانت رحلة علاج طبيعي.
*صَاحَبَهَا (زعل) أيضاً من الحكومة؟
أنا ما عندي زعل، لكن استياء، أؤمن أن أي شيء مقدر لذلك لا أزعل، لكن أداء الآخرين هو الذي يجعل الإنسان يستاء.
*وهل انتهى استياؤك؟
ما زال موجوداً ولن ينتهي إلا بعد أن نرى السودان أصبح بخير.
*توقعت أن يتم الحوار معك في القصر الجمهوري.. لكن طالما أنه في “جنينة السيد علي”، فهذا يدل على استمرار تحفظ على العودة للقصر؟
الاستياء يأتي لأن تطلعاتنا أعلى بكثير من الذي حققناه، ولأننا جلسنا في مكان لم نحقق فيه ما أردنا، ولمعوقات كثيرة لم نتمكن من إنجاز ما نريد.
*بعد عودتك وتكليفك بعدد من المهام.. هل فتحت صفحة جديدة؟
هذه صفحة جديدة، لكن الصفحة القديمة لم تغلق بعد، لدينا محاصصة في الشراكة لم تنتهِ بعد، ولم نتوصل فيها إلى نتيجة.. كانت لدينا مهلة الـ(180) يوماً لنحقق فيها أشياء عدّة لكننا لم نفعل ذلك.. الصفحة القديمة لم تغلق، والآن لدينا صفحتان.

*إن فتحنا الصفحة القديمة، خاصة ما يتعلق بموضوع الشراكة.. علمنا أنك عقدت اجتماعاً مع أعضاء الحزب لتقييم الشراكة.. إلى ماذا توصلتم؟
ننتظر أن نصل لنتيجة.. قمنا بتقسيم لجان لتقييم الأداء في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان، وبعد ذلك سترفع اللجان تقييمها في القريب لنبدأ المرحلة الأخرى في تصحيح الأخطاء.
*المرحلة الأخرى تتضمن المواصلة في الشراكة أو فضها؟
أي شيء وارد.. الإنسان إما أن يقدم شيئاً أو لا يقدم. إن لم نتمكن من تقديم شيء أفضل فعلينا أن نترك المكان لغيرنا.
*لكن البعض يتهمكم بصورة مباشرة، أنكم ترغبون بزياة مقاعدكم الوزارية لتخوفكم من تقاسم الأحزاب المُشاركة في الحوار الوطني السلطة؟
الحزب الذي شارك في الانتخابات ليس مثل الذي لم يشارك.. هذا حق دستوري لا يملكه من لم يدخل الانتخابات.
*ماذا يريد الحزب الاتحادي الديمقراطي؟
الحزب منذ سنوات ينادي بحكومة وفاق وطني تفضي لانتخابات نزيهة وعادلة.. الآن لدينا عشرات الأحزاب المسجلة وعشرات الحركات المسلحة المشاركة في السلطة، والدولة لا تسير بهذه الطريقة.

*هل هذه فقط مطالبكم؟
الحزب يؤمن بالوحدة والديمقراطية، وهي لا تأتي إلا إن كان هناك وفاق وطني وتراضٍ، وهذه مهمة رئيس الجمهورية أن يجمع الناس، ولقد جمع الناس في الحوار الوطني لكني أرى الحوار “يقوم وينزل” وسننتظر إلى أن نرى نهايته.

*وإن سارت الأمور بنفس هذا السيناريو ما هو موقف الحزب؟
لا بد أن تحدث انتخابات، وليس لنا خيار إلا أن نستمر بهذه الصورة ونحرز نتائج أفضل.

*إذاً فض الشراكة غير وارد؟
فضُّ الشراكة وارد، إن لم نتمكن من تحقيق شيء.. إن لم يكن هناك ما يستدعي الاستمرار، فلن نستمر لأنه لا يوجد سبب للاستمرار في الباطل.. الرجوع للحق فضيلة.

*أُوكِلَتْ إليك عددٌ من الملفات.. بدءاً، هل هذه الملفات تُلبِّي طموحات محمد الحسن الميرغني؟
أي شيء يُمكِّنُنا من إصلاح البلد هو مفيد بالنسبة لنا.
*مقارنة بالملفات التي كنت تتحدث عنها سابقاً، هل ما أوكل إليك من ملفات مُقنع بالنسبة لك؟
قبل فترة كان هناك حديث عن الملف الأمريكي، لكني فضلت الإمساك بملف داخلي بالسودان، كي أستطيع أن أصلح “الخراب الفيه”.

*لكنك قلت إن لك علاقات واسعة مع جهات في الولايات المتحدة.. ما سبب تبديل آرائك لتمسك بملفات أقل أهمية؟
الإنسان يبدأ بنفسه، يصلح بيته ثم بيت الجيران.. لدينا مشكلات قبلية وغيرها، علينا أن نصلح ما في أنفسنا أولاً. لا بد أن نُبرز وجهاً حسناً للعالم.
*هذه الأشياء تسير متزامنة مع بعضها البعض.. لماذا تنتظر حل ملفات داخلية لتنظر بعد ذلك في الملفات الخارجية؟
تفادياً للشتات وحتى لا “نشربك” أنفسنا في أي شيء وفي النهاية لا نحرز شيئاً.. أنا أفضل أن يبني السودان نفسه كدولة حضارية ومواكبة، ويحس المواطن أن له حق المواطنة.. أنا أفضل أن أشرف على شيء الخلل فيه مفتعل.
*بمعنى؟
يمكن أن تأخذيها بالفهم والمعنى العام.
*عفواً.. لم أعرف ماذا تقصد؟
أي لا توجد مشكلة بين الشعوب.. المشكلات هي إما سياسية أو اقتصادية أو غيرها، أعني أن المشكلات مفتعلة، مثلاً أن تلتزم بأشياء معينة كي يحسن الآخر معك علاقاته.. المشكلات المتعلقة بالحكومات هي مفتعلة.

*ولكن المشكلات والأزمات عادة تحدث بين الحكومات وليست الشعوب؟
صحيح.. لكن الفقر والمجاعة ونقص الخدمات هي مشكلات أفضل أن أركز عليها وأحلها.

*أُوكِلَتْ إليك ملفات داخلية.. ماذا ستفعل فيها؟
سأجتهد فيها وأحرز فيها قدراً من النجاح، وبعد ذلك يمكن أن ألتفت لأي شيء آخر يُوكل إلي.

*هل هو مرضٍ بالنسبة لك أن تكون رئيساً مُناوباً للمجلس الأعلى للأمن الغذائي، ومُشرفاً على قاعة الصداقة، وأيضاً مجلس الصداقة الشعبية، وغير ذلك من المجالس؟
بلا شك.. مجرد أن توكل إلينا ملفات فهذا أساس ثقة من رئيس الجمهورية.. أما كون أنها مرضية فهذا سؤال تصعب الإجابة عليه.. معنى مرضية أن تكون الناس رضيت وستكون مُرضية إن أحرزنا فيها نتائج، لكن إن فشلنا ستكون الإجابة لا.

*وهل يتوقع السيد محمد الحسن أن يفشل في هذه الملفات؟
الذين يعرقلون النجاح موجودون و”المفشلاتية كتار”.. ولكن إن شاء الله سنُحرز نتيجة في فترة وجيزة جداً.

*برأيك، ما هو أهم ملف موكل إليك؟
الأمن الغذائي والتغذية.. الصداقة الشعبية أيضاً تحقق الأمن الغذائي، فالملفات متصلة ومرتبطة مع بعضها البعض. قاعة الصداقة هي المكان الذي جمع السودان والصين قبل ذلك.. الملفات مهمة جداً إن حققنا فيها تقدماً حقيقياً.
*بحسب ما علمت، أنت رئيس مناوب لمجلس الأمن الغذائي والتغذية.. فمن رئيسها خاصة أننا نرى تناوباً بين قادة الدولة بمباشرة المهام فيها؟
قرار رئيس الجمهورية واضح، ولا أرى أن أحداً من مصلحته مخالفة رئيس الجمهورية.. حسب فهمي إن كنت رئيساً مناوباً للجنة وأنا مساعد رئيس، فرئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للأمن الغذائي.. القرار واضح.
*إذاً، هل هناك تداخل في الاختصاصات بينك وبين النواب أو المساعدين الآخرين؟
يفترض أن لا يكون هناك تداخل لأن القرار واضح وموزون، كل شخص له مهام مربوطة ببعضها، هو قرار صائب وحكيم وسنعمل على إنجاز ما هو موكل إلينا.

*وهل ستنجز ما هو موكل إليك في (180) يوماً؟
إن شاء الله سنُحرز القدر الكافي في (180) يوماً.

*في كل الملفات أم فقط في الأمن الغذائي؟
حتى في الدبلوماسية الشعبية سيُحزر الناس فيها تقدماً، ولو أنها ستكون أبطأ لأننا سنركز على الأمن الغذائي.
*متى يمكن أن نبدأ حساب الـ(180) يوماً؟
بعد رمضان يمكن أن تحسبوها إن شاء الله، لكن نحن استلمنا الملفات وبدأنا الاتصالات، وطلبت مواعيد مع عدد من الجهات، مثل الفاو ولجنة الزراعة في الكونغرس، لكن سننتظر إلى أن يردوا علينا، وهذه ستعود للعلاقات التي تربط الولايات المتحدة بالسودان وهي متأرجحة وبلا شك أنها تعيق في الإنجاز.
*هذا ملف داخلي.. لِمَ تربطه أنت بعلاقات السودان الخارجية وتأرجحها؟
العمل في الداخل أكثر، يمكن أن أقسمه إلى 70%.. و30% المتبقية تعتمد على العلاقات الخارجية، فلا يمكن أن ننقطع من الخارج، ولا بد أن نسوق ونستورد معدات وغيرها لتحقيق تقدم ملموس في هذه الملفات.. ليس بإمكاننا أن نترك شيئاً على حساب الآخر، العلاقات الخارجية بها معوقات كما هو معلوم، لكننا سنسعى عبر مجلس الصداقة الشعبية أن نساهم في حل الإشكاليات.
*ألا تتوقع أن يعيق عملك أحدٌ؟
العمل لا يخلو من معوقين، وكلهم بأسبابهم المختلفة.
*وهل ستجتاز من يرغب في إعاقة عملك؟
مولانا السيد علي إن سألوه عن شيء كان يقول “حد مسك إيديكم” فطالما لم يمسك إيدي أحد، ستظل هذه الأمور زوبعة في فنجان.
*راج حديثٌ عن مخصَّصاتك وأوجه صرفها حينما كنت مسافراً.. هلَّا حدثتنا عنها؟
الحمد لله.. أينما ذهبنا نجد مكاناً نقيم فيه، وتذاكرنا ندفعها من جيوبنا، ومن نذهب إليهم يستضيفوننا سواء كنا في الإمارات أو القاهرة.
*ألم تدفع لك رئاسة الجمهورية ثمن رحلاتك الخارجية واستشفائك وغير ذلك من أوجه الصرف؟
الإخوان في المكتب من المفترض أن يعيدوا إلى الرئاسة الأموال التي صدقوا لنا بها.
*لماذا؟
صدقوا لنا بالأموال للسفر إلى تايلندا، لكننا سنرجع الأموال على “داير المليم” .. أما الإنفاق الآخر فكان في ضيافة من نذهب إليهم والوالد.

*وهل وجدت مخصَّصاتك وعرباتك “الأربع” بعد العودة كما هي.. أم حدث نقصان؟
لا يوجد شيء سحبوه.. لكننا لا نحب العصا القصيرة.. العربات ليست مُعضلة، ولدينا سيارات موجودة منذ عام 1927.. ليست لنا مشكلة عربات في المائة سنة الماضية.. وحتى إن كانت هناك مشكلة عربات، “الركشات موجودة”.
*ألا تتضايق من هذه الإشاعات التي تُلاحقك؟
الإشاعات تأتي من باب “التتفيه”.. يريدون أن يروجوا بأننا ذهبنا من أجل المال والمناصب والمُخصَّصات، وأننا نغضب لأن الحكومة لم تعطنا عربات.

*ولم لا ترد المعلومات المغلوطة؟
قال الإمام الشافعي: إن رددت عليه فرجت عنه، ولو سكت مات في غيظه.

تصوير: معاذ جوهر
حوار: لينا يعقوب

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ،،، إن مثل هؤلاء الذين يحتقرون كل صغير وكبير في هذا المجتمع الذي اواهم هم وابائهم واجدادهم ،،، بكل حسن نية ،،، لا يستحقون سوى الطرد الى بلاد الهند من حيث ما اتوا ،،، وذلك في اقرب فرصة،،