إيران.. ملف أسود وعلاقات داعشية إسرائيلية
على وقع إصرار النظام الإيراني على دعم المنظمات والميليشيات الإرهابية والتدخل في شؤون الدول العربية، يلتقي قادة دول الخليج العربي في مدينة جدة السعودية في إطار القمة التشاورية السادسة عشرة.
وستناقش القمة، بالإضافة للتطورات العربية والدولية ومسيرة العمل الخليجي المشترك، ملف إيران الأسود في المنطقة، الذي يشمل نشر الفوضى في دول عربية عدة، أبرزها العراق وسوريا وإيران ولبنان واليمن.
وتسعى إيران إلى ضرب استقرار الدول العربية كافة، بعد أن قضت على مفهوم الدولة في سوريا والعراق ولبنان واليمن عبر الاستعانة بمنظمات إرهابية طائفية، على غرار حزب الله اللبناني وميليشيات الحشد الشعبي بالعراق.
وسياسة نظام ولي الفقيه التوسعية قائمة على الدعم المباشر لهذه الميليشيات الإرهابية الطائفية، التي تشمل أيضا جماعة “أنصار الله” اليمنية، وعلى الدعم غير المباشر لجماعات إرهابية أخرى كداعش والقاعدة.
والأدلة على دعم إيران غير المباشر لداعش والقاعدة عديدة، وقد برزت في أكثر من مناسبة، كان آخرها تقارير صدرت عن محكمة أميركية تؤكد أن نظام طهران ساعد في تمويل هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وبعض قياديي تنظيم القاعدة وأبنائهم وجدوا لسنوات طويلة في الأراضي الإيرانية ملاذا آمنا، الأمر الذي يؤكد ارتباط النظام الإيراني الوثيق بالرؤوس الكبيرة للمنظمات الإرهابية التي تنفذ على ما يبدو “أجندة إيران السرية”.
واللافت أن داعش انطلق من سوريا والعراق الخاضعان لنفوذ إيران المباشر، مما يطرح علامات استفهام عن توقيت وسبب ظهور هذا التنظيم الإرهابي، الذي ساهم في تعقيد الأزمة السورية، وأوجد مبررات للتدخل الإيراني.
وما يثير الشكوك أيضا بشأن جدية “التحالف السري” و”تقاطع المصالح” بين “روؤس داعش السرية” والنظام الإيراني، أن هجمات التنظيم الإرهابي تستثني الأراضي الإيرانية، وتأتي في توقيت يلائم الأجندة الإيرانية.
فداعش يضرب شرقا وغربا إلا أنه يحيّد الأراضي الإيرانية رغم أنه يدعي العداء للنظام الإيراني، بل حتى أنه في اليمن يشن هجمات على القوات الحكومية التي تحارب ميليشيات صالح الحوثي (أنصار الله) الموالية لطهران.
وعليه فإن الاستناد إلى الاختلاف المذهبي بين عناصر داعش ونظام طهران لتبرير استحالة الارتباط بين الطرفين يعد أمرا غير منطقي، فالتنظيم الإرهابي وجد كما وجد قبله القاعدة لتشويه صورة مذهب بعينه في الإسلام.
كما أن هجمات وانتشار داعش والقاعدة كانت المبرر الدائم للتدخل في شؤون المنطقة العربية بأسرها ومحاصرتها وإبقائها تحت نير عدم الاستقرار، ومن أبرز المستفيدين من ذلك هو نظام ولي الفقيه في طهران.
وهذا النظام الديني المذهبي، الذي يجبر مواطنيه على إطاعته دينيا ومدنيا ويمعن في خنق الحريات، يسوق نفسه أمام المجتمع الدولي على أنه حامي الأقليات في المنطقة من خطر داعش وغيرها من المنظمات.
وفي ذلك تعد سياسة إيران أقرب إلى نهج إسرائيل، التي ادعت مرارا أنها تسعى لحماية الاقليات الدينية في المنطقة، لاسيما في لبنان حين غزت أراضيه عام 1982، إلا أنها كانت تسعى فقط للسيطرة عبر نشر التفرقة.
وإيران على غرار إسرائيل، تدعي حماية الأقليات ولاسيما الشيعة، إلا أنها في الواقع تسعى إلى زعزعة استقرار الدول العربية من خلال محاولة سلخ الشيعة العرب والعلويين والزيديين عن محيطهم العربي.
وكما أن إرهابيي داعش والقاعدة حيدوا الأراضي الإيرانية عن عملياتهم الإرهابية، فإن التنظيمين لم يشنا يوما هجمات على أهداف عسكرية في الداخل الإسرائيلي، رغم أنها نجحا في اختراق أمن دول غربية عدة.
ويقع على عاتق قادة الدول العربية، وعلى رأسهم زعماء دول الخليج العربي، التصدي بحزم للمشروع الإيراني الفئوي التوسعي الذي يوازي في خطورته مشروع إسرائيل التي وجدت لها منذ عقود حليفا قويا في المنطقة.
وإسرائيل وإيران تدعيان الخصومة، منذ الإطاحة بالشاه حليف تل أبيب الذي كان يلعب دور شرطي الغرب بالمنطقة، إلا أن محطات عدة أكدت أن العداوة لا تخرج عن الإطار المسرحي، ولعل أبرز دليل على ذلك ملف إيران النووي.
فإسرائيل اكتفت لسنوات بالتهديد بقصف المفاعل النووي الإيراني دون أن تحرك ساكنا على أرض الواقع، إلا أنها سارعت إلى تدمير مفاعل تموز بالعراق عام 1981، حين كانت بغداد تحارب مشروع طهران التوسعي.
والواقعة الأكثر إثارة للجدل، هي فضيحة “إيران كونترا” عام 1985، حين عمد وسطاء إسرائيليون إلى عقد صفقة بيع أسلحة بين إيران والولايات المتحدة، وكانت أراضي إسرائيل محطة انطلاق للطائرات المحملة بهذه الأسلحة.
وفي المحصلة، تعمل إسرائيل وإيران، بمباركة أميركية على الأرجح، على استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة وإثارة النعرات الدينية والطائفية، وجر الدول العربية إلى حروب أهلية وصراعات لضربها ومحاصرتها أمنيا واقتصاديا.
سكاي نيوز عربية