الأتراك يقلبون الطاولة على الألمان في عقر دارهم
رجح فلاديسلاف بيلوف نائب رئيس معهد أوروبا لدى أكاديمية العلوم الروسية احتدام التوتر بين أنقرة وبرلين واندلاع صدامات واحتجاجات عارمة في ألمانيا على خلفية اعتراف برلين بمذبحة الأرمن.
وفي حديث أدلى به بيلوف لصحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية، اعتبر أن قرار البرلمان الألماني الاعتراف بالمذبحة “إبادة جماعية” على أيدي الأتراك في الدولة العثمانية، قد يثير كذلك موجة جديدة من الهجرة اللاشرعية وتدفق اللاجئين على أوروبا خلال فترة وجيزة لن تتعدى الشهر الواحد، وحذر كذلك من اندلاع احتجاجات عارمة في ألمانيا الأسبوع الجاري.
وأضاف: “أجزم بحدوث ذلك، حيث يقطن ألمانيا زهاء أربعة ملايين مواطن من أصل تركي، فضلا عن الأتراك المقيمين فيها ولا يحملون جنسيتها، في حين أن الجالية الأرمنية في ألمانيا، قليلة العدد، إذ تتركز كثافتها في فرنسا. التيارات اليمينية المتطرفة في ألمانيا، سوف تستغل هذا التوتر لا محالة، وستسخره في تحقيق مآربها خلال الاحتجاجات التي ستنشب”.
وتابع يقول: “أرجح كذلك وقوع صدامات بين المتظاهرين والشرطة، فيما ستعكف الزمر الراديكالية على تجنيد أعداد إضافية في صفوفها، كما قد يتمكن حزب “البديل من أجل ألمانيا” المعارض من استقطاب أعداد إضافية من المؤيدين”.
ولفت بيلوف النظر إلى أن الحكومة التركية من جهتها، وفي سياق الإجراءات الجوابية، ستسوّغ لنفسها الانسحاب من اتفاقية تسوية مشكلة اللاجئين التي أبرمتها مؤخرا مع الاتحاد الأوروبي، لترفع الرقابة عن الحدود، بما يشرّع الأبواب في وجه اللاجئين إلى أوروبا، مما سيجعلنا شاهدين في يوليو/تموز المقبل على تدفق جديد للاجئين إلى هناك.
وفي التعليق على مدى حساسية قرار البرلمان الألماني بالنسبة إلى تركيا، أشار بيلوف إلى أنه سوف يفضي بلا شك إلى تدهور العلاقات بين أنقرة وبرلين، لتقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مكتوفة اليدين، إذ هي رئيسة للحكومة لا للدولة في بلادها.
واعتبر في تحليل أسباب، وتوقيت تبني برلين هذا القرار، أنه جاء نتيجة لتراكم جملة من العوامل الداخلية والخارجية.
ومضى يقول: “يبدو أن الأوضاع في تركيا ومحيطها، وبشكل رئيس تلك المرتبطة بالأزمة السورية وسيل اللاجئين، قد حملت المجتمع، والنخبة السياسية الممثلة للناخبين في مجلس النواب الألماني، على إدراج هذه القضية في أجندة الاهتمامات الألمانية”.
وأعاد إلى الأذهان كذلك، أن طرح مسألة الاعتراف بمذبحة الأرمن للنقاش، قد أسس بشكل مؤكد لتدهور العلاقات بين برلين وأنقرة، وذكّر بأن هذه المبادرة لم تصدر عن أنجيلا ميركل، بل لم تكن هي معنية بذلك بالمطلق، حيث تعهدت بفعل كل ما في وسعها من أجل الحيلولة دون تعكير صفو العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا خلال الأسابيع الحالية على الأقل، والتي هي مليئة أصلا بالتعقيدات.
وأشار في هذه المناسبة، إلى ما أعربته أنقرة على لسان رئيس الوزراء التركي خلال زيارة ميركل إلى تركيا، عن توجس الجانب التركي حيال احتمال بحث قضية مذبحة الأرمن في البرلمان الألماني.
واعتبر أن المستشارة الألمانية تلعب دور المفتش الذي يحضر إلى مكان الحادث، وأنها بذلت مختلف جهود التسوية في ظل عدم جهوزية تركيا لتطبيق جميع المعايير التي فرضت عليها شرطا لتحرير نظام التأشيرة معها.
وأكد أيضا أن تركيا، لم تجهز بعد لتعديل تشريعاتها على صعيد مكافحة الإرهاب، وتبني المعايير الديمقراطية المرعية في العلاقة ما بين السلطة والمجتمع المدني، فيما ميركل من جهتها أعلنت منذ البداية أنها لن تحضر التصويت على قرار الاعتراف بمذبحة الأرمن، تعبيرا ضمنيا منها عن رفضه، وحاولت كذلك تجاهل مساعي احتكار مقاليد الحكم في يد رجل واحد يشغل منصب رئيس الجمهورية في تركيا.
هذا، وتبنى البرلمان الألماني الخميس 2 يونيو/حزيران الجاري وبالأغلبية الساحقة مشروع قرار اعتبر مذبحة الأرمن في الدولة العثمانية عامي 1915 و1916 “إبادة جماعية”.
ويوصي القرار البرلماني الحكومة الألمانية “بإتاحة بحث الرأي العام قضية تهجير الأرمن والقضاء شبه التام عليهم في الدولة العثمانية، ودور الإمبراطورية الألمانية كذلك إبان هذه الأحداث”.
روسيا اليوم