كوكب (القمر) استوطن بالفطرة في قلوب السودانيين
سطع بضيائه داخل الأغنيات
الخرطوم – عامر باشاب
السودان بمساحاته الواسعة الشاسعة، وأنهاره وأدغاله وصحاريه وبواديه، أراضيه المسطحة التي لا يغيب عن سمائها (القمر) بلياليه وأسمائه المتعددة المعروفة.. وكوكب القمر مثلما أخذ مكانه في صدر السماء نجده كذلك قد استوطن بالفطرة في دواخل وقلوب كل الناس خاصة عند أهل السودان بأجناسهم وألسنتهم كافة، صغاراً وكباراً رجالاً ونساء، فكان الملهم والأنيس والصاحب في لياليهم، حيث سكبوا دموعهم وعيونهم عليه كل ما جاش في دواخلهم من حكاوى وقصص يتسامرون بها تحت بريق ضوئه الذي ينعكس كاللآلئ في الرمال وبداخل وجهه يرون وجه الحبيبة، وفي بهاء نوره يتغزلون ويرسمون الكلمات وينظمون الأغنيات، يتسامرون بها ويسيرون عليها حياتهم في الحل والترحال، وفي سهرهم الممتد بالآمال العراض والحكايات التي يحلو تناولها، و(القمر) فوق رؤوسهم مشعاً وباسماً وداعياً لهم بالمزيد من التأمل والتفكر في خلق السموات والأرض.
* كان طلعت القمرا
والمتأمل والمتعمق في بحور الإرث الإبداعي والثقافي في السودان، يجد أن (القمر) دائماً هو الموحي لكثير من الكتاب والشعراء، حيث نجده في أغانيهم الشعبية، ففي شمال السودان مثلاً نجد معظم مبدعي فن الطنبور كتبوا عن (القمر) وتغنوا بجماله، وإذا ذهبنا في الاتجاه الغربي حيث الأغنية الكردفانية، نجد أن كل مبدعي فن (المردوم) و(الجراري) تناولوا (القمرة الضواية) في إبداعاتهم الشعبية، وكذلك الحال في إبداعات الشرق الحبيب، وفي فن الجنوب وفي أغاني الوسط، وكذلك في الأغاني الحديثة وفي المدائح النبوية والأمثال الشعبية، وهناك الأغنيات التراثية الشهيرة التي يتلألأ (القمر) بين كلماتها منها على سبيل المثال: (كان طلعت القمرا.. أخير يا عشانا تودينا لي أهلنا بسألوك مننا”، وفي “قمر السبعتين الليلي بادي طلوع: وفي قمر العشا الضواي والقمر الضويت، ويا قمر حلتنا.. ويا القمرا يا القمرا كبي السنسنة الحمراء، (وشفنا قمر بين الأزهار.. والقمر خالا وعمها).
* تم دورو واتدور
ومن روائع أغنيات الحقيبة ورد القمر في أغنية جوهر صدر المحافل (انت القمرا بتشبهيها) وظهر في أغنية (ما بنسى ليلة كنا تائهين في سمر أنا وإنت والنيل والقمر)، التي تغنى بها كروان الأغاني الشعبية “أحمد الطيب”، و(تم دورو واتدور) التي تغنى بها الفنان المخضرم “عبد الكريم الكابلي”، و”كابلي” أيضاً غنى (يا قمر دورين أنا شفتك وين)، وعشرات الأغنيات الخالدات التي تتمثل وتتأمل وتغازل في القمر، وهناك لإمبراطور الأغنية السودانية الراحل المقيم العملاق “محمد عثمان وردي”. : (القمر بوبا) ، و(فرحي خلق الله واتني يا شبه القمرا)،
*يا قمرا في دورين
وأيضاً نجد (القمر) سطع في عدد من أغنيات الفنان القدير “صلاح بن البادية” من بينها أغنية (ننساك) (حتى القمر حولو النجوم إتلموا فيك يتغزلوا)، وكذلك أغنية (زي القمر والله أحلى من القمر). والفنان الراحل “سيد خليفة” غنى (يلا يابدور ويلا يازهور غنوا للقمر)، ومن روائع ثنائي العاصمة (يا قمر ليالينا يالمنور لينا)، وعند الفنان “عبد العزيز المبارك” ورد (القمر) في آخر مقاطع أغنية (بتقولي لا) (حتى القمر غار من صفاك وأصبح يردد في الصلاة)، وعند الفنان الجميل “أبو عركي البخيت” برز (القمر) في رمية أغنية (من معزتك انتي لي) (ما بتشبه القمر البتاوق في السماء)، وبين أغنيات الفنان الراحل “مصطفى سيد أحمد” نجد أغنية (قمر الزمان). وكذلك نجد (القمر) قد سطع بنوره في العديد من أغنيات فنان الشباب الراحل “محمود عبد العزيز” من بينها أغنية (زاد بي لهيب الشوق) (يا قمرا في دورين)، وقد تكون هناك عشرات الأغنيات والأعمال الإبداعية التي ورد فيها ذكر (القمر) ولم ترد هنا.
لكن يبقى (القمر) عند كل أهل السودان هو ذلك الضياء الداعي دوماً للتأمل والتغزل والراحة النفسية العميقة للتدبر في خلق الكون وعظمة الخالق.
المجهر