تحقيقات وتقارير

هل تحل “الركشة” بطالة خريجي السودان؟


بعد ثلاث سنوات من تخرجه في جامعة الخرطوم قسم المحاسبة والعلوم الإدارية، فشل محمد عثمان وغيره من الخريجين السودانيين في الحصول على وظيفة تبدد مخاوفهم من دخول “نادي البطالة الكبير”، كما يقول.

وبالرغم من إكماله التعليم الجامعي بتفوق، فإن ثلاث سنوات من الانتظار لم تكن كافية للحصول على وظيفة، وذلك حال كثير من الخريجين السودانيين الذين يصطفون بالآلاف أمام لجنة الاختيار للخدمة العامة.

ويقول محمد عثمان الطيب الذي حقق حلمه وأسرته بالتخرج في جامعة الخرطوم إنه لم يتوقع قبل سنوات أن يتأجل حلمه الأكبر بالتوظيف بأحد دواوين العمل العام أو الخاص إلى أجل غير مسمى.

ويضيف محمد، وهو يدوس على مقود “ركشته” التي اقتناها، أنه بذل كثيرا من الجهد والتعب من أجل التفوق، والحصول على درجة علمية تؤهله للتنافس الحقيقي على وظيفة تمكنه من المساهمة مع أسرته لمواجهة حالة اقتصاد هو من بين الأفقر بين الدول.

و”الركشة” وسيلة نقل صغيرة تسع ثلاثة أشخاص، يستغلها السودانيون للتنقل بين الأحياء السكنية والأسواق القريبة.

عمل هامشي
ومع تبدد حلم التوظيف واستنفاد كافة سبل البحث عنه، لم يجد محمد عثمان غير البحث عن عمل حر بعيدا عن تخصصه بالاندماج في أعمال هامشية لتلبية احتياجات أسرته أولا.

ويقول عثمان إن المهن الهامشية ظلت عصية عليه وعلى الآخرين، قبل أن يستدل من بعض زملائه على العمل في قيادة “الركشة”، حيث تمكن بمعاونة أصدقائه من امتلاك واحدة لتحيي معه آماله في عيش كريم.

ويضيف للجزيرة نت “طرقت أبواب عدد من المؤسسات الحكومية دون جدوى ليستمر الإحباط أكثر من ثلاث سنوات قبل التعامل مع الركشة”.

وكما وجد محمد مهنة تقيه الحاجة والسؤال بعيدا عن تخصصه، فقد فرّ رامي عبد الكريم موسى، الذي تخرج من كلية العلوم المصرفية منذ سنتين، من شبح البطالة عن طريق قيادة “الركشة”.

خدمة الوطن
ويقول رامي إنه كان يتمنى خدمة وطنه بإيجاد وظيفة في مجاله بعيدا عن المهن الهامشية، وهو يطالب بتغيير إستراتيجية الدولة تجاه الخريجين.

ويعاني السودان من ارتفاع مستمر في معدلات البطالة في صفوف خريجي الجامعات، إذ يشكل الخريجون 38% من جملة العاطلين، البالغ عددهم أكثر من مليونين وفقا لآخر إحصائية لوزارة العمل.

غير أن عصام الدين ميرغني نائب رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي في البرلمان يقطع باستحالة استيعاب كل الخريجين في وظائف القطاع العام، لافتا إلى وجود 133 جامعة وكلية في البلاد تخرج نحو ثمانين ألف طالب سنويا.

مسؤولية الدولة
لكن ميرغني يستدرك في تصريح للجزيرة نت ويقول إن الأرقام الكبيرة المذكورة لا تعفي الدولة من القيام بمسؤوليتها لتوفير واستحداث وظائف للخريجين.

ويعتقد البرلماني السوداني أن ثورة التعليم العالي التي تبنتها الحكومة الحالية في بداية تسعينيات القرن الماضي لم يكن من بين أهدافها اعتماد وظائف حكومية للخريجين بقدر ما كانت تهدف إلى نشر الوعي بين الكافة وإتاحة فرصة التعليم للجميع.

عماد عبد الهادي-الخرطوم
موقع الجزيرة