لماذا صقور ترامب يعلنون الحرب الصريحة على الإسلام؟
“حرب مبكرة ضد الإسلام والإسلاميين” شنتها شخصيات صارت على مقربة الآن من الدخول إلى البيت الأبيض كجزء من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شخصيات معروفة بعدائها للإسلام منذ سنوات طويلة، وهي مرشحة لمناصب حساسة وشديدة الخطورة، فدونالد ترامب الذي جعل العداء للمسلمين على إطلاقهم داخل وخارج الولايات المتحدة جزءًا من حملته الانتخابية.
و يبدو بوضوح أنه يريد أن يحول هذا الخطاب العدائي إلى سياسات ممنهجة وبرامج، عبر اختيار كوادر بعينها لها تاريخ في محاربة الإسلام والفكر الإسلامي؛ مما يؤكد أن مقولة “صراع الحضارات” التي أطلقها الكاتب الأمريكي “صمويل هانتنجتون” ستطبق بشكل أكثر شراسة وفجاجة في عهد ترامب، فهل ستؤدي هذه الخيارات الصريحة للعداء ضد الإسلام والمسلمين إلى توليد صحوة إسلامية داخل الشعوب الإسلامية والعربية؟
صراع فج
صمويل هانتنجتون: “أكثر ما عُرف به على الصعيد العالمي كانت أطروحته بعنوان صراع الحضارات، والتي جادل فيها بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف أيديولوجيات بين الدول القومية، بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم.
بدوره، قام أوباما بسياسات ممنهجة ضد مصالح المسلمين والدول العربية والإسلامية، وسمح بعمليات إبادة جماعية بدول الربيع العربي أهمها سوريا، إلا أنه تبنَّى وجهًا ناعمًا. أما ترامب وإدارته فلا يخفيان العداء، ويتدخلان بحرب صريحة بلا تجميل، بحسب مراقبين، فهل سيولد ذلك إفاقة مجتمعية ضد السياسات الأمريكية؟
المعادون للإسلام
مناصب شديدة الحساسية ينصِّب فيها ترامب شخصيات معادية للإسلام عداءً صريحًا فجًّا، فقد عرض رئيس الولايات المتحدة المنتخب “دونالد ترامب” منصب مستشار الأمن القومي على الفريق المتقاعد “مايكل فلين”، الذي وصف الإسلام “بالسرطان، ” وبأنه في حالة حرب معه.
شغل “فلين” منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع في عهد الرئيس أوباما، ولكن حدث بينهما خلافٌ كبير نتيجة رفض الرئيس لاستخدام مصطلح “الإسلام المتطرف”؛ مما تسبَّب في عزله. ودائمًا ما امتنع أوباما عن استخدام هذا المصطلح، بحجة أنه سيربط جميع المسلمين عن طريق الخطأ، بالإرهابيين وفكرهم، إلا أنه لم يلق هذا الأمر استحسان “فلين”، وأخذ على عاتقه مهمة الترويج لهذا المصطلح.
وقد انتقد فلين هيلاري كلينتون بشدة بسبب استخدامها نفس أسلوب أوباما خلال حملتها الانتخابية، ولكن إصرار فلين على استخدام هذا المصطلح تحديدًا لا يُعبر إلا عن استيائه الشديد من الدين.
فلين: “الإسلام سرطان”
هناك مواقف عبَّر من خلالها “فلين” عن كراهيته للإسلام، منها وصفه للإسلام “بالسرطان”، ففي أغسطس الماضي، وخلال اجتماعه في ولاية تكساس بمجموعة من ACT! for America، التي ترأسها بريجيت جابرييل، وصف فلين الإسلام بالسرطان، وظل يردد أن الإسلام هو “فكر سياسي يستتر خلف الدين”، بينما تصدر بعض الشائعات بأن الشريعة الإسلامية ستطبق بشكل سري داخل الولايات المتحدة.
الخطير أيضًا رؤية “فلين” أن الخوف من المسلمين أمرٌ “منطقي”، وذلك عبر تغريدة قال فيها: “الخوف من المسلمين أمر منطقي. أرجو إرسال هذا للجميع: الحقيقة مخيفة بلا أدنى شك.”
ونشر فلين هذه التغريدة في فبراير/شباط الماضي، وأرفق معها مقطع فيديو من موقع يوتيوب يشوه الإسلام بكل وقاحة، وجاء التعليق المصاحب للفيديو كالتالي: “أرجوك، تذكر دائمًا أن هناك تناقضًا لفظيًّا في مصطلح الإسلاموفوبيا، فكونك مصابًا بالرهاب يعني أنك مصاب بخوف غير منطقي”. وجاء هذا مصاحبًا لرابط الفيديو الذي كتب عليه “فلين”: “إن الخوف من المسلمين أمرٌ منطقي.”
حرب على الفكر الإسلامي
من الواضح أن “فلين” سيحشد لفرض مزيد من القيود والقوانين والتضييق على الفكر الإسلامي؛ حيث يقول “فلين”: “بوجوب إعلان القادة المسلمين بأن الفكر الإسلامي هو فكر “سقيم”، وذلك عبر تغريدة قال فيها: “خلال الـ24 ساعة القادمة، أتحدى قادة العالمين العربي والفارسي أن يتحلوا بالجرأة، وأن يُعلنوا أن فكرهم الإسلامي سقيم ويحتاج إلى التعديل”.
فقد طلب فلين من قادة العرب والفرس الإعلان عن أن الفكر الإسلامي فكر سقيم، وذلك في أعقاب هجمات نيس التي وقعت في شهر يوليو، بعد أن قاد مواطن تونسي يُقيم في فرنسا شاحنة تجاه حشد من الناس مخلفًا وراءه 86 قتيلًا، ورغم أن الحادث قد نُسب إلى تنظيم داعش، فإن ثلث الضحايا كانوا من المسلمين.
وتشير بعض المقابلات التي أُجريت مع أفراد من عائلة المعتدي ومقربين منه، أنه لم يكن متدينًا، وأنه يمتلك تاريخًا حافلًا بالنشاط الإجرامي وتعاطي المخدرات.
من الدلائل أيضًا نشر “فلين” مقالًا “يساوي فيه بين داعش والإسلام”، حيث يقول “الحقيقة هي أن تنظيم الدولة هو إسلامي. إسلامي للغاية. هذا في الواقع ما تريده داعش”. ويزعم المقال أن تنظيم داعش الإرهابي “إسلامي للغاية”، وأنه يجب أن يُنظر إليه باعتباره جماعة دينية. يتناقض هذا الأمر مع تصريحات معظم القادة المعتدلين بأن تنظيم داعش يمثل انحرافًا شديدًا عن الدين. وكتب فلين أيضًا في هذا المقال: “ولكن الدين الذي بشر به معظم أتباع تنظيم داعش مستمد من التفسيرات المستخلصة من الإسلام”.
فلين: “أنا في حالة حرب مع الإسلام”
تصريح أكثر خطورة لـ”فلين” قوله: “إنه في حالة حرب مع الإسلام منذ 10 سنوات؛ “ففي خلال المقابلة التي أجرتها معه قناة الجزيرة في شهر يناير، قال فلين: “طوال العقد المنصرم، كنت في حالة حرب مع الإسلام أو عنصر من عناصر الإسلام”.
الجنرال مايكل فلين؛ رئيس الاستخبارات العسكرية الأمريكية السابق، وتولى منصب مدير الاستخبارات لقيادة العمليات الخاصة المشتركة في الفترة من يوليو 2004 إلى يونيو 2007، في أفغانستان “عملية الحرية الدائمة”، والعراق “عملية حرية العراق”.
“وليد فارس” .. حرب على الإسلاميين
يعد “وليد فارس” مرشحًا محتملًا كمستشار للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ومجيئه يعد كارثة ثانية مع مجيء “مايكل فلين” بمنصب مستشار الأمن القومي.
فارس؛ المرافق لترامب بحملته الانتخابية المثيرة للجدل، حذَّر مراقبون من أنه “فارس” سيعمق اتجاه ترامب نحو المزيد من التطرف ومعاداة الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، إذا ما تم اختياره كمستشار لشؤون الشرق الأوسط في الإدارة الجديدة.
فكر طائفي
“فارس” -مسيحي ماروني من مواليد لبنان عام 1957- يعد “المنظر الفكري للحرب الأهلية” ففي عام 1980 شارك وليد فارس في الحرب الأهلية اللبنانية من خلال ميليشيات سمير جعجع، وتبنى عملية فصل إثني بين مسيحيي ومسلمي لبنان، وكُلف وليد فارس خلال الثمانينيات إبان الحرب الأهلية اللبنانية مع “القوات اللبنانية” بقيادة سمير جعجع، بمهمة التثقيف الأيديولوجي لمقاتلي الحزب ضمن مهام المكتب الخامس الذي كان مكلفًا بالحرب النفسية.
متورط في الحرب
رصدت “واشنطن بوست” في أحد أعدادها لشهر نوفمبر 2016، أن وليد فارس استمر في أداء هذه المهمة، وسرعان ما أصبح من المقربين من جعجع الذي كان يريد تحويل القوات اللبنانية من مجرد ميليشيا مقاتلة إلى جيش مسيحي، ووجد في وليد فارس ضالته، لقدرته على غرس هذه الأفكار في عقول قيادات الحزب، وبالرغم من أنه لم يثبت أي اشتراك مباشر لوليد فارس في عمليات القتل التي كانت تدور رحاها في لبنان خلال الحرب، فإنه بحكم مهامه كمحرض داخل القوات اللبنانية يجعل منه شخصًا متورطًا في الحرب التي استمرت لـ 15 عامًا، وقدِّر عدد ضحاياها بـ150 ألف قتيل، وثلاثمائة ألف جريح ومعاق، و17 ألف مفقود.
متهم بالعنصرية
فارس عمل أكاديميًّا حتى أحداث سبتمبر عام 2001، وقدّم نفسه خبيرًا في شؤون الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، وتنقل بين الدوائر الإعلامية والرسمية الأمريكية، مُقدّمًا وجهًا جديدًا من أوجه التحريض على المسلمين بالشرق الأوسط، ثم انضم إلى صفوف الحزب الجمهوري ليكون من أبرز وجوه المحافظين الجدد به. كذلك اكتسب “فارس” عداءً شديدًا من المجتمع العربي والإسلامي في أمريكا، ففي بداية هذا العام أصدرت لجنة (الأمريكيين العرب ضد التمييز) إدانة وشجبًا ضد تعيينه في حملة دونالد ترامب، ووصفته بـ (مجرم الحرب) وأحد المسؤولين عن ترويج الإسلاموفوبيا في المجتمع الأمريكي.
فارس يروج لتصنيف الإخوان بـ”الإرهابية”
فور إعلان فوز دونالد ترامب بالرئاسة، أصدر وليد فارس عدة تصريحات كان أهمها: عزم ترامب إصدار تشريع يضع جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، وقال إن هذا القرار كان من المنتظر الموافقة عليه منذ سنوات، ولكنه عزا التأخير إلى “العلاقات التي تربط الحزب الديمقراطي بالإخوان!” وقال فارس في تصريح إعلامي: «يعتبر ترامب جماعة الإخوان المسلمين ضمن أخطر المجموعات التي تنشر الأيديولوجية الجهادية والأصولية، ولهذا فإنه ينوي أن يتخذ المسار العسكري ضد الإخوان بدلًا من التسامح السياسي الذي أظهره أوباما تجاههم.”
تأجيج الصراع بين الإسلام والغرب
من جهته، وصف المفكر الإسلامي د. محمد عمارة فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية بأنه كارثة من شأنها تأجيج الصراع المحتدم بين الحضارة الغربية وباقي حضارات العالم، لا سيما الحضارة الإسلامية .
وأضاف د. عمارة في تصريح صحفي في 9 نوفمبر 2016، قائلًا: “إن على الدول والشعوب الإسلامية أن تنتبه لخطر صعود اليمين المتطرف في أمريكا وأوروبا، وأن تقدم البديل الإسلامي بعد فشل جميع الأيديولوجيات الغربية بدءًا من النازية والفاشية ومرورًا بالشيوعية، وانتهاء بالرأسمالية المتوحشة.
ويرى “عمارة” أن انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في الغرب هي رد فعل لما يحرزه الإسلام من تقدم داخل المجتمعات الغربية، مؤكدًا أن المستقبل لهذا الدين تاريخيًّا ودينيًّا وقيميًّا، وقال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: إن الخطر الآن أصبح كبيرًا بعد صعود اليمين الديني المتطرف الذي يتمدد في أوروبا وأمريكا يومًا بعد يوم . ولفت عمارة إلى أنه تفاجأ بفوز ترامب، مشيرًا إلى أن اختيار الأمريكان له ينطوي على عنصرية وغوغائية وعداء للإسلام، مؤكدًا أن صعود اليمين العنصري المتطرف في الولايات المتحدة قد يعجل بنهايتها.
بوابة القاهرة