السودانيون يترقبون زيادة الأجور لمواجهة الغلاء
يترقب السودانيون بدء تنفيذ قرار وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي المتعلق بزيادة الأجور بدءاً من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل بما يتراوح بين 400 جنيه (الدولار = نحو 16 جنيهاً) كحد أدنى و1200 جنيه الحد الأعلى للزيادة.
وجاءت الزيادات التي أقرتها الحكومة لمواجهة تداعيات إجراءات تم اتخاذها الفترة الأخيرة متمثلة في رفع الدعم عن المحروقات، ما رفع أسعار السلع والأدوية بنسبة وصلت إلى 200% وبالتالي سيلتهم الغلاء زيادة الأجور، حسب محللي اقتصاد لـ”العربي الجديد”.
ولأول مرة تم إقرار بدل ملابس لجميع العاملين بواقع شهرين سنوياً ومنحة للعيدين بواقع شهر للفطر وشهرين للأضحى وزيادة منحة العدوى من 50 جنيهاً إلى 150جنيهاً، فيما عدلت علاوة الزواج من 15 جنيهاً إلى 50 جنيهاً وعلاوة الطفل إلى 15جنيهاً بدلاً من 5 جنيهات. وألزم القرار تطبيق بدل الوجبة دون قيود ما عدا في العطلة والإجازة التي يتمتع بها العاملون.
وكان الاتحاد العام لعمال نقابات السودان أصدر بياناً، أخيراً، أكد فيه أن الزيادات هي الأكبر في تاريخ البلاد، وأنها استهدفت إزالة الفجوات في رواتب شريحة تمثل حوالى 90% من إجمالي العاملين في السودان، إلا أن الاتحاد انتقد اكتفاء الزيادة المعلنة بالعلاوات والبدلات وعدم رفع الأجر الأساسي.
وقلّل مراقبون من أهمية خطوة وزارة المالية والتخطيط في السودان بزيادة الأجور، معتبرين أنها سترفع التضخم في البلاد، وطالبوا بإجراءات إضافية منها زيادة الإنتاج ورقابة الأسواق لضبط انفلات الأسعار وعدم الاكتفاء بزيادة الأجور.
وقال الخبير الاقتصادي بابكر فيصل لـ”العربى الجديد” إن “تطبيق الزيادات لن يواكب نفس معدلات ارتفاع أسعار معظم السلع خاصة التي تستورد بالعملة الصعبة بعد الزيادة الرسمية الكبيرة للدولار في ظل القرارات الاقتصادية الأخيرة”. وطالب بتطوير أداء العديد من القطاعات منها الزراعة لتوفير المنتجات المحلية بأسعار مناسبة.
وكان بنك السودان المركزي أعلن في وقت سابق عن تحرير جزئي للدولار عن طريق إعطاء حافز يصل بسعر الدولار إلى 15.90 جنيهاً بدلاً من 6.4 جنيهات لجذب مدخرات المغتربين وتشجيع الاستثمار والصادرات، إلا أن الخطوة جعلت أسعار الدولار في السوق الموازية تقفز مجدداً إلى أكثر من 18 جنيهاً.
ويرى الخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي في حديثه لـ “العربى الجديد” أن الزيادة في الأجور يمكنها تخفيف معاناة المواطنين، مؤكداً أنها خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها لا تعالج جذور المشكلة. وأضاف أن “ما يأكله التضخم بسبب الإجراءات التقشفية الأخيرة أكثر من الزيادة التي سيتقاضاها العامل”.
ومن جابه، قال أستاذ الاقتصاد، هيثم فتحي، لـ”العربى الجديد”، إن “المشكلة تكمن في انخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار والذى انعكس على الوضع العام وشمل حتى المنتجات محلية الصنع تستخدم مواد خام مستوردة”، مشيراً إلى أن قيمة العملة انخفضت بأكثر من 70% خلال فترة قصيرة.
ويستورد السودان أربعة آلاف وخمسمائة سلعة من دول مختلفة، وتحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر تصديراً للسودان بثلاثة آلاف سلعة، حسب الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس.
وأكد فتحي أن السودان حدثت به متغيرات كثيرة جعلته من شبه مكتف ذاتياً إلى مستورد، مما جعل أسعار الدولار تلعب دوراً رئيسياً في تسعير السلع الأساسية في الأسواق.
ويعاني السودان من عجز في الميزان التجاري عقب انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011 وبلغت صادراته 3 مليارات دولار مقابل واردات بنحو 9 مليارات دولار بعجز يصل إلى 6 مليارات دولار خلال العام الماضي.
وكان مجلس الوزراء قد رهن إصلاح الدولة باستيعاب قضية الأجور للعاملين بالدولة، وأكد وزير الدولة بمجلس الوزراء أحمد فضل، في تصريحات صحافية، أن المجلس قام بإجراء مسوحات ميدانية للوصول إلى إصلاح حقيقي في قضية الأجور باعتبار أنها تمثل قضية محورية لتفاصيل حياة العاملين. وأعد المجلس الأعلى للأجور 20 دراسة بهدف مواكبة الأجور على المستوى العالمي والعربي.
وأوصى المجلس بضرورة أن يراعى في الحد الأدنى للأجور احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوى العام للأجور وتكاليف المعيشة واستصحاب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالدولة. واعتمد البرلمان السوداني في وقت سابق توصية المجلس الأعلى التي تتمثل في إلزامية حد أدنى قومي للأجور في الدستور وتعديل القوانين الحالية وإلغاء كافة الاستثناءات الواردة فيها لإثبات إلزامية القرارات الجديدة المتعلقة بالأجور.
العربي الجديد