تحقيقات وتقارير

التعديلات الدستورية تعبر مرحلة السمات العامة تعيين النواب.. “الزيادات” تهزم “خفض” الإنفاق

أجازت الهيئة التشريعية القومية في جلستها أمس (الإثنين) التعديلات الدستورية في مرحلة العرض الثاني (السمات العامة) بعدد (387) صوتاً من جملة (396) جملة الحضور في الجلسة ورفض الإجازة (5) من نواب وامتنع عن التصويت (4) نواب.

وتمركزت الأصوات الرافضة في مسألة إضافة نواب جدد بواسطة التعيين من قبل رئيس الجمهورية، وبدا ذلك في اعتراضات المستقلين، الذين جاء صوتهم متوافقاً مع صوت عائشة الغبشاوي النائبة في كتلة حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وسبق الجلسة مطالبات من آلية (7+7) بإجراء إلحاقات للتعديلات الدستورية تتضمّن مسألة الحريّات والتعديل في قانون جهاز الأمن الوطني.

واعتبرت كتل (المؤتمر الوطني، الاتحادي الديمقراطي، والاتحادي الديمقراطي الأصل، المستقبل، وأحزاب الأمة والتحرير والعدالة القومي) التعديلات الدستورية الواصلة إلى البرلمان، تنفيذاً لتوصيات الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس عمر البشير.

ضد الزيادات
انتقد عدد من النواب أبرزهم عائشة الغبشاوي تعيين عضوية جديدة في البرلمان ومجلس الولايات، بوقتٍ تشهد فيه البلاد أوضاعاً اقتصادية مأزومة.

ودعا عضو البرلمان بابكر عبد المحسن، لتنازل عدد من النواب الحاليين، عن مقاعدهم للقادمين الجدد، تجنباً لزيادة العبء على الموازنة، وقال: ( يجب أن يتنازل النواب الحاليون طواعية من مقاعدهم للنواب الجدد، لأنّ الموازنة فيها عجز كبير وإضافة نواب جدد يزيد حجم الموازنة).

وانتقد البرلماني المستقل بكري سلمة منح رئيس الجمهورية تفويض تعيين النواب وقال إن هذا من حق الشعب وليس الرئيس، مشيراً إلى أنّه ليس هنالك منطقاً لمنح الرئيس هذا التفويض، أو نوّاب رئيس الجمهورية بعدم النظر لحكومة الوفاق الوطني بالترضيات.

بينما أبدت عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني، عائشة الغبشاوي، اعتراضها على إضافة نواب جدد تحت مسمى توسيع المشاركة في الحكومة، مشيرة إلى أن كم النواب الحالي دليل على توسعة المشاركة. مشيرة إلى أن إجازة التعديلات الدستورية تؤدي لزيادة أوجه الصرف وقالت الغبشاوي: (ليس من المنطق أن يحكم السودان كل أبناء السودان) وأضافت: (إن العدد كبير من الأحزاب السياسية ليس دليلاً للصحة السياسية وإنما يدل على طمع الكل في المشاركة في الحكم وتحقيق ما يريد) وتساءلت عائشة الغبشاوي عن إمكانية فرض زيادة جديدة للنواب حال موافقة الحركات المسلحة غير المشاركة الانضمام للحوار الوطني.

ضد التعيين
رفض البرلماني المستقل أبو القاسم برطم إضافة نواب بالتعيين للبرلمان، وقال إنها تحمل الكثير من السلبيات، مشيراً إلى أنهم يريدون التعامل مع التعديلات كمواد قانون وليس كترضيات وتسويات سياسية، مطالباً البرلمان بعدم إجازتها.

بدوره انتقد البرلماني المستقل بكري سلمة منح رئيس الجمهورية تفويض تعيين النواب، وقال إن هذا من حق الشعب وليس الرئيس، مشيراً إلى أنه ليس من المنطق منح الرئيس هذا التفويض.

دفوعات
دافع رئيس الدائرة السياسية بكتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان، حسب الله صالح عن خطوة تعيين نواب جديد بالبرلمان، ووصف الحديث عن تشكيلهم بالعبء على الموازنة ادعاء أجوف. وقال: (ماذا تساوي المرتبات التي ستدفع للنواب مقابل الأمن عندما يشاركوا في استقرار السودان، وكيف نقيم المال بالاستقرار). ومن ثمّ اعترض على الأصوات الرافضة للتعيين باعتباره حق يمارس في أعتى الديمقراطيات (حد تعبيره).

قانون الانتخابات
برزت إلى السطح، في الآونة الأخيرة، تساؤلات عن وضعية النواب الجدد مقارنة بالمنتخبين، من شاكلة هل يحق لرئيس البرلمان محاسبة أو استدعاء أحدهم حال مخالفة لائحة أعمال المجلس الوطني لأن تعيينهم وفقاً لمرسوم جمهوري وليس بالانتخاب كغيرهم، ذلك لأن المرسوم الجمهوري أعلى سلطة من لائحة البرلمان.

وبحسب قانون المفوضية القومية للانتخابات لسنة 2008 تعديل 2014 اختصت المادة (21) منه على أهلية الناخب ويشترط فيه ان يكون سودانياً بالغاً من العمر (18) عاماً وأن يكون مقيداً في السجل الانتخابي وسليم العقل وأن يكون مقيماً بالسودان، وحدّد قانون المفوضية عضوية الهيئة التشريعية القومية بـ(426) منتخباً للمجلس الوطني، و(54) عضواً لمجلس الولايات، وبحسب التعديلات الدستورية الجديدة من المتوقع إضافة (67) عضواً جدد للمجلس الوطني و(18) بمجلس الولايات بواقع ممثل واحد لكل ولاية، الأمر الذي يتطلب تعديل الانتخابات مرة أخرى لإعطاء رئيس الجمهورية الحق في تعيين (85) نائباً للهيئة التشريعية القومية.

ولم يتطرق قانون الانتخابات لتعريف النائب البرلماني إلا إنه أشار إلى شروط أهلية الناخب التي تعطي كل سوداني مقيم بالسودان خلال تاريخ تقديم طلب التسجيل في السجل الانتخابي كما أعطت الحق لكل ناخب مسجل الترشح في الدائرة التي يقيم فيها، فيما عرفت لائحة تنظيم أعمال المجلس الوطني عضو المجلس الوطني بكل من أدى اليمين الدستورية.

ما بعد التعديل
بتعديل قانون الانتخابات بعد إجازة التعديلات الدستورية الجديدة سيتم تعيين (85) عضواً جديداً بالهيئة التشريعية القومية إضافةً لـ(426) عضواً آخرين عبر الانتخابات التي عقدت في أبريل من العام 2015، ويستمد رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر سلطاته في رئاسة المجلس الوطني وفقاً للائحة أعمال المجلس الوطني التي عدلت العام الماضي، وتسري اللائحة على النواب المنتخبين.

وأثارت مسألة تعيين نواب جدد وفقاً لمرسوم جمهوري، جدلاً يتمحور حول ما إذا كانت تنطبق عليهم لائحة المجلس لا سيّما وأنّ المرسوم الجمهوري أعلى سلطة من لائحة أعمال المجلس الوطني.

وسبق أن أعطى الدستور للرئيس جعفر نميري حق تعيين (10%) من نواب البرلمان، من مدخل رفد المجلس بكفاءات لم تأت عبر الانتخابات، لكنّ الشاهد أنّهم كانوا خاضعين للائحة البرلمان وقتذاك، شأنهم شأن المنتخبين.

المستقلون -على وجه خاص- عارضوا إضافة نواب جدد، من ناحية الشكل (إضافة نواب) وموضوعاً (معضلة التعيين).

وهذا يحيلنا لقول عبد الجليل عجبين لـ(الصيحة): إن النواب الذين سيتم تعيينهم وفقاً للمرسوم الجمهوري لن يخضعوا لتوجيهات رئيس البرلمان، الذي لا يستطيع محاسبتهم أو اتخاذ أيّة إجراء في مواجهتهم إلا برفع الأمر لرئيس الجمهورية، لأن سلطات رئيس البرلمان ليست أقلّ من المرسوم الجمهوري الذي بموجبه تمّ تعيينهم.

قول يعارضه النائب عن حزب المؤتمر الوطني، ووزير العدل الأسبق عبدالباسط سبدرات، الذي يؤكد لـ(الصيحة) بأنّ النواب الذين سيتم تعيينهم خاضعين للائحة أعمال المجلس الوطني، وكل القرارات التي يصدرها رئيس البرلمان، ذلك لأن القانون عرف النائب البرلماني بأنه كل من يؤدي القسم.

تأكيداً لحديث عجبين فإن التعديلات الدستورية التي جرى عرضها أمام البرلمان لإجازتها في مرحلة السمات العامة، لم تتطرق في تفاصيلها إلى خضوعهم للائحة أعمال المجلس الوطني من عدمه. لكنّ البند الثاني من المادة (117) وفقاً للتعديلات الدستورية أشار إلى أن أعضاء الهيئة التشريعية الذين يعينهم رئيس الجمهورية يكون لهم نفس الاختصاصات والصلاحيات والامتيازات والحصانات الممنوحة بموجب الدستور والقانون لرصفائهم المنتخبين، بينما لم تشير التعديلات الدستورية إلى أن النواب المعينين يجب أن يخضعوا للأئحة أعمال المجلس الوطني، لكنها نوّهت إلى أنّ التعيين سيتم وفقاً لما يحدده قانون الانتخابات القومية بعد تعديله.

الخرطوم: صابر حامد
صحيفة الصيحة