احترس.. سينقطع الاسفلت أمامك الطرق بالقضارف.. الاقتصاد يتأثر والبقال تتعثر
يحاول الشاب آدم دائماً أن يتجاوز حادثة أليمة، إلا أنه يؤكد فشله الذريع بدعوى أنها ظلت تسكن دواخله ولا تفارق مخيلته ، ويحكي بحسرة وأسى عن وفاة شقيقته التي تقطن قرية حدودية بمحلية القريشة، ويستدعي جزءا من تفاصيل الماضي الأليم وهو يتحدث إلينا بوسط سوق القضارف الضاج بالحركة ، ويشير إلى أن شقيقته داهمهمتا في خريف العام الماضي آلام المخاض عند منتصف الليل في يوم لم تتوقف السماء من إرسال الأمطار، ويقول إنه وبرفقة زوجها حاولا إيصالها بعد أن تعسرت حالتها إيصالها الى قرية الأسرة الحدودية لوجود قابلة ومساعد طبي وذلك على متن جرار، إلا أنها والحديث لآدم الذي تغيرت ملامح وجهه فارقت الحياة بعد ربع ساعة من تحركهم، تاركه وراءها طفلين وأطناناً من الحزن والألم في دواخل أهلها.
أزمة مستفحلة
ومعاناة مواطني عدد مقدر من محليات القضارف مع الطرق وقفنا عليها في أكثر من زيارة، وفي كل مرة نتوجه صوب قضارف الخير نجد أن وضع الطرق قريب الشبه من “الضل الوقف ما زاد”، فمن يُرد التوجه في فصل الخريف نحو محليات القريشة، الرهد، المفازة، قلع النحل والبطانة، فعليه ترك وصيته لأن احتمال عدم وصوله وهو على قيد الحياة وارد، ويحكي لنا السكان المحليون في القريشة وقلع النحل الكثير من القصص المؤلمة لنساء حوامل فارقن الحياة وهن على ظهور جرارات قبل أن يصلن المستشفيات، ويسردون قصصهم بمرارة وغبن وحسرة ، فتردي الطرق صيفًا وشتاء وخريفاً عنوان بارز، ويعتقدون بأن الولاية الأكثر إنتاجاً للمحاصيل بالبلاد تتعرض لظلم فادح وواضح من الحكومة الاتحادية أما حكومتهم الولائية فيقولون إن جل تركيزها ينحصر في حاضرة الولاية فقط.
معاناة لا تنتهي
خلال تجوالنا وقفنا على حقيقة الظلم الواضح الذي تتعرض له ولاية القضارف والتي لولا الطريق القومي الرابط بين العاصمة وكسلا وذلك القاري المؤدي الى أثيوبيا لتوقفت الحركة تماماً بين حاضرتها ومحلياتها، وأكثر المناطق تأثراً تلك المحادة لدولة أثيوبيا، وهنا ورغم أن عضو تشريعي الولاية عن دائرة القلابات الشمالية، أحمد وداعة، بدا مستحسناً قرار حكومة الولاية القاضي بوضع خطط لتنمية الشريط الحدودي، إلا إنه يؤكد أنها ما تزال حبراً على الأوراق لم يجد طريقه الى أرض الواقع، لافتاً الى أن طريق الأسرة الذي رصدت له سبعة مليارات لم ير النور حتى الآن بداعي توجيه كل الأموال والجهود ناحية مياه القضارف، مؤكداً على أن القاطنين على الشريط الحدودي مع دولة أثيويبا يعانون كثيراً في سبيل التواصل، كاشفاً عن أن كل قرى الشريط الحدودي تنقطع عن العالم الخارجي تماماً في فصل الخريف ويحكم على مواطنيها بالبقاء لمدة أربعة أشهر دون حراك، مبيناً أن الردميات الموجودة التي تربط بين تبارك الله والأسرة التي يبلغ طولها 50 كيلو متراً باتت بالغة السوء و”عدمها أفضل من وجودها”، لافتقارها الى الصيانة، وقال إن أكبر المشاكل التي تواجه المواطنين تتمثل في الخيران ومنها القنا وزراف اللذان قال إنهما وعند هطول الأمطار يسهمان في توقف الحركة تماماً بسبب جريان المياه، وأبدى بالغ دهشته من عدم وجود ولو نصف كيلو من الاسفلت بمحلية القريشة.
الوجه يتمدد
من ناحيته يقول عضو تشريعي الولاية أحمد بابكر إن محلية القريشة تعاني كثيراً بسبب انعدام الطرق المسفلتة، وقال إنه كان من المفترض تشييد طريق من الردمية من دوكة حتى القريشة ومن القريشة إلى سفاوا في توقيت واحد إلا أن هذا بحسب أحمد بابكر لم يحدث حيث تم الاكتفاء بطريق دوكة القريشة، وقال إن السماء كانت رحيمة بمواطني المحلية وخاصة سكان الشريط الحدودي وذلك عقب بدء عمليات تشييد سدي نهر عطبرة وستيت، وقال إن تشييد ردمية تربط الطريق الرئيس بقرى الشريط الحدودي غيّر من مسار حركة المواطنين التي كانت تمر بالقريشة، وقال إن المسار بات عبر الشوك، الحمرة شارع السد الذي وصفه بالجيد رغم أنه غير مسفلت، وقال إن موجة الإسهالات التي اجتاحت قرى الشريط الحدودي تسببت في إزهاق أرواح ليس بسبب عدم وجود الدواء أو المراكز الصحية ولكن لصعوبة التحرك نحو المشافي بداعي انقطاع الطرق في الخريف.
المزارعون يدفعون الثمن
ويعتبر المزارعون من أكثر الشرائح التي تعاني من انعدام الطرق المسفلتة خاصة في المحليات الجنوبية، وهنا يشير العضو السابق باتحاد الزراعة الآلية أحمد أبشر إلى وجود معاناة كبيرة تواجه المزارعين جراء انعدام الطرق الزراعية بالمحليات، مشيراً إلى أن الأراضي الزراعية تنعزل تماما ابتداء من شهر يونيو وحتى ديسمبر وأن المزارعين يواجهون صعوبات بالغة في ترحيل المحروقات والغذاءات والمحاصيل خاصة الى منطقة الفشقة التي تنعدم فيها الكباري والمعابر، وقال إن الطرق لا تجد الاهتمام الكافي من الدولة بعد أن تم تعليق العمل في تنفيذ طريق الحمرة الشواك والذي توقف عقب قيام سدي سيتيت وعطبرة ، مشيراً إلى ضعف الخدمات من قبل إدارة السدود خاصة في محور الطرق والمعابر عكس المشروعات المصاحبة لقيام سد مروي والتي تم فيها إقامة مشاريع ضخمة مصاحبة مثل كبري مروي البركل، وقال أبشر إن الفشقة منطقة حدودية مع أثيوبيا تحتاج لرعاية خاصة أسوة بما يحظى به المزارعون الأثيوبيون بنجاح دولة أثيوبيا في إقامة قرى على الشريط الحدودي لم تكن موجودة في السابق وتوفيرها لكل الخدمات المطلوبة ومنها الطرق المسفلتة، مشيراً إلى أن المزارع الأثيوبي يجد رعاية واهتماما من الدولة التي لا تكتفي بتوفير التمويل ومدخلات الإنتاج، بل تعمل على توفير كل سبل الراحة له حتى يتفرغ للإنتاج، وبالمقابل فإن الحكومة السودانية بحسب أحمد أبشر لا تولي المناطق الزراعية أدنى اهتمام، مبيناً انعزال المناطق الزراعية وصعوبة الوصول إليها، وقال إن هذا السبب قاد بشكل مباشر الى تأجيرها للأثيوبيين.
ويرى أبشر أن انعزال المناطق الزراعية واهتمام أثيوبيا بمزارعها أدى الى تمكين الأثيوبيين من زراعة أكثر من مائة ألف فدان بالحدود، مشيراً الى أن هنالك شبكة طرق أثيوبية ومعابر وطرق داخلية ميزت المزارع الأثيوبي عن السوداني. وطالب أبشر بضرورة إعادة التوازن إلى المنطقة الحدودية بعد أن ساهم المزارعون السودانيون في الحد من التغول والاستيطان الأثيوبي لأراضي الفشقة.
الرهد الكبرى .. أزمة طرق
تعاني محليات الرهد الكبرى من عدة إشكاليات في الطرق بحسب إفادة أحد المهندسين، وكان قد تم التوقيع على إنشاء طريق (الفاو – القرية 3 – الحواتة) غير أن العمل لم يبدأ حتى الآن بسبب خلاف نشب حول نقطة البداية حيث يرى البعض ضرورة أن يبدأ العمل في الطريق من مدينة الحواتة لأهميتها الاقتصادية والتجارية ووجود الزراعة البستانية على طول نهر الرهد بجانب الكثافة السكانية، وأيضا لأنها تنعزل في العام لمدة ستة أشهر، ويرى المهندس الذي فضل حجب اسمه بأن بداية هذا الطريق من الحواتة يخفف من معاناة التنقل بين محليات المفازة والرهد والنحل، ويشير المهندس إلى أن طريق (القضارف – النحل – الحواتة) الذي يبلغ طوله (106) كيلو انهارت معابره الأربعة في مناطق خيران (جابوتا – النحل – الرديف – البراميل)، وأضاف: هي خيران رئيسية كبيرة وتحتاج الي كبارٍ أو مزلقانات وقد تسببت في عزل المحليات الثلاث تماماً خاصة في الخريف، يجب إعادة تأهيل هذا الطريق الذي يربط مناطق نهر الرهد المعروف بالإنتاجي.
البطانة .. خارج التغطية
محلية البطانة بولاية القضارف لا يمكن الوصول إليها في فصل الخريف مباشرة من حاضرة الولاية، وذلك لأن الطريق الذي لا يتجاوز المائة كيلو يتحول طوال أربعة أشهر إلى عقبة يصعب تجاوزها لعدم سفلتة حيث يمر بعدد من القرى منها الكراديس القديمة وودعشيب والعديدات، فلايجد المواطنون حلاً غير التوجه عبر مدينة حلفا الجديدة، وحاضرة المحلية مدينة الصباغ تبدو كتلك المدن التي هجرها أهلها، وحينما سألنا عن السبب علمنا أن الكثير من سكانها فضلوا الهجرة نحو مدن تتوفر فيها مقومات الحياة الكريمة، حيث تعاني من أزمة دائمة في مياه الشرب بالإضافة إلى عدم وجود الكهرباء وتدني الخدمات الصحية حيث تعتمد كل المحلية على طبيب عمومي واحد، كما أنها تفتقد الطرق.
باسنده.. أكثر من أزمة
أما المدير التنفيذي لمحلية باسندا، عوض الكريم الربيع فقد أشار الى أهمية تشييد طرق تربط قرى الشريط الحدودي الثماني عشرة بطول (96) كيلو متراً، والذي يستفيد منه أكثر من (30) ألف نسمة، وقال إن في تشييده محافظة على الأراضي الزراعية من التغول الأثيوبي، وأيضاً حتى تصبح قرى جاذبة ذات خدمات، مبيناً أن انعدام الطرق وتردي الخدمات أدى الى هجرة المواطنين بحثاً عن الخدمات ودفع المزارعين الأثيوبيين إلى الاستيلاء على الأراضي الزراعية، مشيراً الى وجود أكثر من 10% من الاراضي السودانية تحت سيطرة الأثيوبيين بالشريط الحدودي، وكانت في السابق تصل إلى (30) ألف فدان انخفضت بعد عمليات التنمية الحدودية والمفاوضات التي منعت من عمليات الاعتداء والتغول الذي تبقى في المناطق الجبلية (ود ابلسان وجبال القلابات).
دفوعات وتوضيح
من الغرائب أن نهر الرهد الذي يعبر القضارف من الجنوب الغربي الى الشرق لا يوجد فيه ولو معبر واحد شيدته الدولة فالوحيد الموجود شيده مواطن للاستثمار، وهنا يشير مديرة الإدارة العامة للطرق بوزارة التخطيط العمراني بالولاية علي حسن العاقب الى وضعهم خطة لتشييد أربعة كباري على نهر الرهد، وذلك حتى يتمكن المواطنون في الضفتين من التواصل ، وقال إنه تم اقتراح موقع جسرين وهما بالأسرة وكونا زبرنا ، بالإضافة الى الرهد والسبعات اللتين تم إجراء اختبارات للأرض بهما لتشييد جسرين على النهر، وقال إن مسؤولية التشييد تقع على عاتق صندوق إعمار الشرق، وفيما يتعلق بالطرق فقد أشار إلى أن طريق سمسم القضارف باندغيو البالغ طوله 145 كيلو متر بلغت نسبة الإنجاز فيه 14%، فقط كاشفاً عن أن فترة العقد مع الجهة الممولة انتهى أجله، وكانت تعمل في هذا الطريق شركة النصر المصرية التي كشف عن خروجها واستلام الطريق من قبل شركة صينية، وقال إن أعمال الكباري والمصارف تم الانتهاء منها، أما طريق الحواتة الفاو البالغ طوله 104 كيلو متر فيبدو أنه مايزال حلماً يصعب تحقيقه. وهنا يشير الى أن تم تصميم الطريق ورسا عطاء تشييده على شركة دلتا الصينية، معترفاً بعدم وجود طرق مسفلتة تربط حاضرة الولاية بالمحليات باستثناء الطرق القومية.
الصيحة
عندنا في القريه لو المرأة الحامل ستلد في شهور الخريف احتياطا و قبل هطول الأمطار بتمشي و معاها مرافقات و يعسكرن خارج المستشفي لمده شهور و يعملو خيمه من القش و يسكنو فيها … لا كهرباء لا مياه نظيفه … صعوبه في الاستحمام صعوبه في النوم و بعوض و حشرات و عقارب و ثعابين و سؤ في التغذية. .. الخ
و لكم أن تتخيلو ما تعانيه المرأة الحامل في تلك القري المنسيه
الله يكون في العون بس … ضيق و ضنك شديد في الحياة و لا أخفي عليكم ان قلت أصعب بقعة للحياه في العالم هو السودان … و بعد ده كلو الطفل يتولد هو مديون للبنك الدولي و نادي باريس و الصين و دول الخليج العربي و غيرها
الطفل عندنا يتولد بعذاب و طلوع الروح و يعيش بقيه حياته و عمره معذب و في مشقة و لا يرتاح إلا في القبر
و دة كلو بسبب حكوماتنا منذ الاستقلال حتي اليوم