منوعات

علي جمعة: الزكاة واجب على مال اليتيم إذا توفر فيها «شرطان»

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه يجب أن تخرج الزكاة عن مال اليتيم القاصر بعد مرور سنة هجرية من حين تملكه لهذا المال، وهو وقت وفاة أبيه؛ لأن الزكاة حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصِّغَر، ويُخرجها عنه وليُّه، بشرط أن يكون هذا المال قد بلغ النصاب وقدره 58 جرامًا من الذهب عيار و21 أو قيمته من المال، ويكون فائضًا عن نفقة القاصر وحاجته الأصلية.

وأضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال «هل تخرج زكاة عن أموال أولاد ابني القُصَّر الذين وُضِعَت أموالهم تحت ملاحظة النيابة الحسبية بعد موت أبيهم؟» أن جمهور العلماء يرى أن الزكاة واجبة في مال الصبي القاصر وفي مال السفيه أو المجنون المحجور عليه، وهذا هو الذي عليه الفتوى؛ لأنه حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصِّغَر أو السَّفَه أو الجنون، ويُخرجها عنهم أولياؤهم.

وأشار إلى أن العلماء استندوا في ذلك إلى عموم النصوص من الآيات والأحاديث الصحيحة التي دلَّت على وجوب الزكاة في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول؛ كقوله تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» [التوبة: 103]، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين أرسله إلى اليمن: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» رواه مسلم. والقُصَّر والسفهاء والمجانين تُرَدُّ فيهم الزكاة إذا كانوا فقراء، فَلتُؤخَذ منهم إن كانوا أغنياء.

وتابع: كما استدلوا بما رواه البيهقي عن يوسف بن ماهَك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَسْتَهْلِكُهَا الصَّدَقَةُ»، وهو مرسل صحيح يعتضد بما سبق مِن عموم النصوص، وبما يأتي من طرقه وشواهده، وقد صح هذا اللفظ أيضًا موقوفًا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

واستكمل: وروى الطبراني في “المعجم الأوسط” عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، لَا تَأْكُلْهَا الزَّكَاةُ»، وصححه الحافظ العراقي، وروى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ».

وأوضح: «ولولا أن الزكاة واجبة في مال القاصر والسفيه والمجنون لَما جاز للولي أن يخرجها منه؛ لأنه ليس له أن ينفق ماله أو يتبرع منه في غير واجب، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتنمية أموالهم حتى لا تستهلكها الزكاة الواجبة فيها».

وألمح إلى أنه صح إيجاب الزكاة في مال الصبي والمجنون عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم، ولا يُعرَف لهم مخالف من الصحابة إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس رضي الله عنهما لا يُحتَجُّ بها.

واستطرد: وهذا هو الملائم لتشريع الزكاة في الإسلام من أنها حق في المال يجب لمستحقه كما قال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: فإن الزكاة حق المال، كما أن كلًّا من القاصر والمجنون أهل لوجوب حقوق العباد في ماله، ولذلك يضمن ما أتلفه بأداء الولي من ماله.

ونوه بأنه ينوب عن القاصر أو المجنون أو السفيه وَلِيُّه في إخراجها، بشرط أن يكون هذا المال فائضًا عن نفقة الصبي وحاجته الأصلية وأن يبلغ هذا الفائض النصاب ويحول عليه الحول.

صدى البلد