مستشفى ود مدني للأطفال.. حالة إهمال!
قطط سمان تحيط بعنبري حديثي الولادة بمستشفى الأطفال التعليمي بود مدني حاضرة ولاية الجزيرة..لا تكتفي تلك القطط بالتجوال حول تلك العنابر، بل تدخلهاوتقضي بها أوقاتاً ليست بالقليلة.. وفقاً لروايات شهود، فان غياب الكوادر الطبية عن عنابر حديثي الولادة يقع كثيراً في ذات الطابق المجاور لمكتب مديرة المستشفى.. (آخر لحظة) زارت المستشفى ووثقت لذلك المشهد… الداخل الى مستشفى الأطفال التعليمي بمدينة ودمدني يخيل إليه أنه في مركز صحي وليس المستشفى الوحيد بالولاية، والذي تحول اليه الحالات من الولايات المجاورة سنار، والنيل الأبيض، والقضارف.. لا يحتاج الحال الذي عليه المشفى الى سؤال.. يكفيك أن تلقي نظرة من الخارج لترى البؤس الذي يخيم عليه ناهيك عن الوضع الداخلي. (آخرلحظة) زارت المستشفى مرات عديدة حتى تستوثق من الشكاوي والمعلومات، التي وردت اليها وترى الحال عياناً بياناً..
اللغز:
عند دخولنا الى عنبر الحوادث وجدنا البوابة الكبيرة مغلقة. هنالك بوابة صغيرة يتزاحم عليها الجميع. عند سؤالنا عن سبب إغلاق البوابة الكبيرة وازدحام المرضى والمرافقين حول البوابة الصغيرة، والتي دخلنا بها دون أن يوقفنا أحد أو يسألنا عن سبب زيارتنا، اتضح أنها مغلقة للصيانة، ومضى على تاريخ إغلاقها عام كامل!
بعد أن دلفنا الى داخل المستشفى وجدنا في الواجهة صالة من الزنك يتجمهر بداخلها عدد كبير من الناس . أثارت ذلك الوضع عدداً من الأسئلة، فاجأتنا امرأة تحمل في يدها ورقة وبادرت بسؤالنا وهي تمد تلك الورقة قائلة :(دايره أفحص لولدي الفحص ده امشي وين وجوه في المعمل مافي الفحص)؟
أردنا أن نتأكد من صحة حديثها.. لكي نجد لها معملاً وسألناها عن معمل المستشفى، اتضح أن تلك الصالة التي يزدحم حولها الناس يوجد بداخلها المعمل، وهي عبارة عن صالة استقبال المعمل، وصالة للعيادات الخارجية.
بعد عناء وسط المتزاحمين استطعنا أن نصل الى المعمل الذي هو أكثر اكتظاظاً من الخارج، وفي أيدينا تلك الورقة وتأكدنا من صدق ماقالته المرأة بعدم وجود فحص الدم الكامل(CBC)، الجهاز معطل وأجهزة فحص وظائف الكلى والكبد أيضاً متعطلة..
قال أطباء أن أسباب تعطل جزء من أجهزة التحاليل الضرورية يرجع لضيق مساحة المعمل، وعدم وجود تهوية كافية، وعدم وجود تكييف، وأن أغلب تلك الأجهزة توقفت بسبب ارتفاع درجة الحرارة. ويقدم ذلك المعمل الصغير خدماته لمرضى العنابر الداخلية، والتي تبعد عنه امتارا .
خلال جولتنا بالمستشفى وقفنا نتأمل حال اولئك المرضى الصغار في عنابر السكري، وسوء التغذية، والجهاز الهضمي، وأمراض الدم ، وذويهم يقطعون تلك المسافة لاجراء فحوصات بذلك المعمل..
أطفال مرضى السكري، يحتاجون لفحص كل ساعتين وعنبرهم يبعد كثيراً عن المعمل، وخدمات المعمل تشمل أيضاً مرضى العيادة الخارجية، ما يزيد من الضغط عليه.
يقول أحد العاملين بالمعمل إنه في كثير من الأحيان يحدث أن هنالك طفلاً في العناية المكثفة أو حديث الولادة يحتاج الى نتيجة الفحص سريعاً، لكن بسبب الاكتظاظ على المعمل تتأخر النتيجة كثيراً.
عند خروجنا من ذلك المعمل لفت إنتباهنا ازدحاماً آخر حول الصيدلية والتي لا تتبع للتأمين الصحي.. اكتشفنا أن هناك معملاً آخر داخلي أغلق لأسباب لم نستطع معرفتها، وصيدلية أخرى بدأت تقديم خدماتها لفترة من الزمن ثم توقفت ايضاً لأسباب مجهولة.
غرفة عناية تحتاج لعناية
وجدنا أنفسنا أمام غرفة العناية المكثفة وبجوارها مبنى أبيض مكون من طابقين، يوجد فيه عنبر صغير.. عند سؤالنا لإحدى الممرضات عنه كانت المفاجأة، بأن ذلك العنبر هو غرفة العناية المكثفه..!
لا يوجد ما يشير الى أنها غرفة للعناية، فلا توجد بها أجهزة كما أن الأطباء يشتكون من قلة اسطوانات الااسجين بغرفة الإنعاش.
دلفنا الى عنبر حديثي الولادة، وإذا بنا نلتقي بسيدتين تهرولان على السلم وفي عجلة من أمرهما تحمل إحداهما طفلاً حديث الولادة، والأخرى تتبعها وهي تحمل المحلول المائي الذي يوصل بانبوب طويل بالرجل اليمنى للطفل، حامت حول المشهد عدة شكوك فربما يحملنا الطفل لإجراء فحوصات في ذلك المعمل البعيد عن العنابر، والذي يعرض الطفل لخطر أكبر في نقله الى المعمل تحت أشعة الشمس الحارقة، وربما تريدان الذهاب بطفلهما الى مكان آخر أو قد لا يكون المولود طفلهما… ذهبنا الى داخل العنبر لعلنا نجد من يجيب على أسئلتنا.. لم نجد من يفسر لنا هذا المشهد.. كان العنبر خالياً من أي كادر طبي، فقط ملائكة صغار ترقد هادئة في مهدها، وقطط سمان تحيط بالمكان وأصوات قطط أخرى خارج العنبر تخترق الهدوء.. عند خروجنا أردنا أن نغلق باب عنبر حديثي الولادة بإحكام حتى لا تدخله القطط.. خذل توقعاتنا باستحالة دخولنا الى عنبر حديثي الولادة للإجراءات المشددة التي افترضنا وجودها ولم تحدث.
كفاءات..!
بجوار تلك العنابر لحديثي الولادة وجدنا مكتب مديرة المستشفى، توجهنا إليها نستفسر عن بعض ما شاهدناه.. لم يتسنى لنا لقاءها، وأفادتنا سكرتيرتها الخاصة أنها في جولة داخل المستشفى مع طلبة إحدى الكليات.. خرجنا من المكان وحاولنا استنطاق بعض العاملين بالمشفى.. اتضح لنا من خلال حديثهم أن أغلب الممرضين لم يحصلوا على شهادة تمريض عالي مع حاجة بعض العنابر لكفاءات أكثر تأهيلاً.
بينما تذمر البعض الآخر من العاملين من عدم توفر الأدوية المنقذة للحياة، فلايوجد أوكسجين أو فانتولين في العيادة الخارجية لإسعاف الحالات الطارئة. تتوفر الأدوية المنقذة للحياة في دولاب مغلق. يتم إرسال مرافق الطفل المريض الى الصيدلية ليقف المرافق في صف واحد مع الحالات الباردة، فتضيع بذلك حياة مريض.. لا يوجد نائب اختصاصي مناوب في العيادة الخارجية وغرفة الانعاش بعد الساعة الثانية ظهراً.. يتم الاتصال بنائب الاختصاصي الموجود داخل المستشفى لمعاينة المرضى .. في كثير من الأحيان تأتي حالات مستعجلة لا تنتظر قدوم الطبيب وتفقد حياتها، إضافة الى إستيائهم من قرب أحواض الصرف الصحي من عنابر المرضى، مما يشكل خطورة على حياة المرضى.
.. ركام من الطوب والخرسانة لمطعم تم هدمه لإنشاء غرفة للعناية المكثفة، و قصص أخرى حصلنا على تفاصيلها…
ضياع حلم
مجموعة الشباب الذين يساعدون المرضى في شارع الحوادث بالخرطوم، توسعت أنشطتهم للعمل بالولايات. أطلقوا على أنفسهم شباب شارع الحوادث قاموا بتبني مبادرة لإنشاء غرفة عناية مكثفة للأطفال بودمدني. تم رسم المشروع الذي تم إطلاقه في احتفال ضم كل أقطاب المدينة.
بعد تسجيل خارطة المشروع والملف الخاص به لدي وزارة التخطيط العمراني، وتحديد موقع العمل.. عند البدء في تنفيذه تفاجأ اولئك الشباب برفض إدارة المستشفى للمشروع، وإعادة الشيكات ورفضت استرجاع الخطط والملف موضحة بأن هناك جمعية أخرى تم تسجيلها داخل المستشفى تضم المدير العام للمستشفى قد استلمت المشروع وتعمل عليه منذ عامين!
قيل إنه مشروع قومي يتبع لوزارة الصحة الاتحادية.
قامت لجنة الأطباء المركزية بالوقوف على مطالب الأطباء واحتياجات المستشفيات لرفعها لوزارة الصحة الاتحادية لكي توفر الاحتياجات.. جاء وفد من تلك اللجنة الى المدير العام لمستشفى الأطفال لرفع احتياجات المستشفى، لكن إدارة المستشفى لم تقابل ذلك الوفد بحجة أنها مشغولة على حسب ماقاله للصحيفة..
خارج الاختصاص
قبل أن نبدأ بالنشر، كان لابد من إعادة المحاولة للوصول للمدير العام لمستشفى الأطفال بودمدني البروفيسور هدى هارون.. هاتفناها وطرحنا عليها تساؤلاتنا حول ماوجدناه، طلبت منا زيارة المستشفى مرة أخرى حتى نرى التغييرات التي حدثت.. وقالت عند سؤالنا عن شباب شارع الحوادث، أن تلك جهات غير رسمية، وأوضحت أن تعين الممرضين سواء كانوا تمريضاً عالياً أوغيره ليس من اختصاصها..
جولة: ناهد عباس
صحيفة آخر لحظة
بعتذر وبشده لان الصوره المرفقه للمستشفي العسكر ي بودمدني اعتقد ماوضعت صورة مستشفي الاطفال بودمدني خجلا من بشاعة المنظر سبحان الله مستشفى للاطفال ولكنها لاتليق حتى باطفال الحيوانات فما بالك انها للاطفال