رأي ومقالات

الله فوق مدنى وفوق شباب مدنى

والله لقد دمعت عيونى وانا أتوقف مهابة واجلالا عند هذا الموقف الانسانى النبيل .. وليس ذلك بعزيز على انسان الجزيرة أرض الخير وأرض الطيبة والطيبين عرين الرجال ووحي الجمال .

والقصة يا سادتى تبدأ بمحاولة الشرطة إلقاء القبض على رجل كهل وبصحبته ابنته ذات التسع ربيع .. بسبب التمويل الأصغر وعجزه عن السداد ، والرجل يتوسل إلى رجال الشرطة أن يتركوه يذهب ببنته للمستشفى من أجل العلاج ومن ثم يسلم نفسه إليهم .. ولكنهم رفضوا وحاولوا أخذه بالقوة وهو يتشبث بعامود أحد مظلات الموقف وبنته ممسكة بيده ، والبنت تبكى والرجل الكبير يبكى لبكاء بنته .. ومن ثم أخذ الناس يتجمهروا شيئا فشيئا ويطلبوا من رجال الشرطة أن يتركوا الرجل يذهب ببنته للمستشفى ونحن نضمن لكم عودته .. ولكن دون جدوى مع إصرار أولئك على أخذه بالقوة دون مراعاة للحالة الإنسانية ليقترب منه ذلك الشاب الوضيىء ويسأله عن السبب فيجيبه الأخير وسط الدموع انا لست مجرما يا ولدى وكل الحكاية باقى أقساط التمويل الأصغر 6500 جنيه .

فيصيح الولد فيهم لحظة بالله لو سمحتم نحن سنحل هذه المشكلة والآن .. إذا جمعنا المبلغ سوف تطلقون صراح هذا الرجل المسن المسكين ليتابع علاج بنته .. وافقوا هذه المره فأخرج الشاب من جيبه 500 جنيه فاتحا ومبتدرا التبرع ، وبدأ الحضور كل يجود بما عنده فى سخاء وكرم وصل حد أصحاب الدرداقات شاركوا فى ذلك حتى وصل المبلغ إلى 3800 .. فدخل الشاب السوق ومعه شاب آخر حتى وصل الرقم 5800 وبينما يتحدث الشاب إلى رجال الشرطة أن يتركوا الرجل وأنه سوف يسدد الباقى لاحقا إذا بشاب آخر يترجل من سيارته ويسأل عن الحاصل ودون أدنى تردد يخرج من جيبه ال 700 المتبقية وسط هتافات وتكبيرات الرجال وزغاريد النساء … وقبل أن يتفرق الجمع يأتى شابان ويدفع كل واحد منهم 500 ويقولان هذه مساهمة منا فى العلاج … وتنفك كربة هذا الشيخ المسكين وهذه الطفلة البريئة ويشطب شباب مدنى البلاغ ويسدد الدين ويعالج الطفلة البريئة لتعانق والدها مرة أخرى وهي تبكى بعبرة .. ولكن هذه المرة بدموع مختلفة دموع الفرح والسعادة بشباب ورجال ونساء … حصريا صنع فى مدنى ..

صدقونى كل من حضر هذا المشهد بكى … وأنا سمعته فقط فبكيت .. هذه هي مدنى وهذه هي الجزيرة أرض المحنة والتى أعطت ومازالت تعطى فى كل المجالات .. الفن .. الرياضة .. السياسة .. الإعلام .. والأدب .. والثقافة .. وعلمت الناس سر المحنة ونشرت رسائل الحب والسلام والتعايش والإنسانية .. من غيركم يا أهل مدنى أكثر رقيا وحضارة وشهامة ورجولة ووفاء ؟ .. وأما الكرم فليس بجديد على أهل الجزيرة فهي من حملت هم الوطن واقتصاد الوطن ومن فجر الاستقلال وإلى يومنا هذا بسخاء ..
وأخيرا تتضاءل كل كلمات الشكر أمام كبرياء أولئك الشباب الغر الميامين .. وتلك اللوحة الجميلة الزاهية الراقية والتى رسموها لنا والتى تشبه قيمنا وتربيتنا وكرمنا .. فما اسعدنا بكم رجالا ونساء ، والله فوق مدنى وفوق شباب مدنى .
ودمتم بخير .

أحمد بطران

تعليق واحد

  1. والله لقد أدمعت عيوننا ، وأتخيل إذا لم يكن هنالك هؤلاء الشباب فماذا هو حال هذا الرجل والكهل وابنته المريضة ؟
    أم يجب أن نضع في كل مكان من بلادي مثل هؤلاء الشباب ؟