في ندوة «الإصلاح»..!!

حديث ساخن دلقه أحد المتحدثين عندما نادى بتفكيك الايدولوجية الدينية التي يتبناها المؤتمر الوطني لأجل تحقيق غاياته السياسية والاجتماعية..دعا المتحدث الى استبدال ذلك الخطاب بمنظومة وسطية توافقية معتدلة، لأجل إبراز واقع سياسي جديد، يقوم بمزاوجة اطروحات الإسلاميين والماركسيين، بعيد الاخفاقات التي لازمت ايدولوجية الوطني طيلة السنوات الماضية.
هذا الحديث كان مثار النقاش في منتدي (التباين الايدولوجي وأثره على الحياة السياسية في السودان)، الذي احتضنته حركة الإصلاح الآن، بمقرها بضاحية البراري بالخرطوم.
تحول اللقاء الى مطالبات بمراجعة الايدولوجيا التي تتبناها الدولة كخارطة للطريق في سياق تعاطيها مع قضايا الراهن السياسي.
المتحدثون من فوق المنصة انبروا الى التعريف بالأيدولوجية السياسية بحسب الأفكار التي يعتنقها كل واحد منهم، بينما مضى عبره المعقبون الى احتواء ما اندلق من أفكار أدلى بها المتحدثون الرسميو، والذين تقدمهم بالحديث الناشط في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات د. النور حمد، بجانب القيادي الشعبي المحبوب عبد السلام، بالإضافة الى أمينة المرأة بالشعبي الدكتورة سهير صلاح..
مضى رئيس الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين، و رئيس تحرير الغراء التيار الأستاذ عثمان ميرغني، الى فتح أبواب النقاش والتعقيب، في محاولة لإزاحة السحابة الكثيفة التي جثمت على مفهوم الايدولجية حاجبة الرؤية عن التيارات السياسية المختلفة من تلمس الطريق إليها، مما جعلها تقف عند محطة محلك سر.
*صراع الحداثة:
يقول د.النور حمد، إن تعدد الايدولجيات التي مرت بها البلاد، من نظام مايوي ماركسي في حقب الستينيات الى نظام إسلامي شمولي قابض في فترة التسبعينيات أدى الى صراع بين الحداثين والتقليديين.
وأشار الى أن الحراك السياسي الذي تولد نتيجة هذا الصراع أدى إلى بروز أحزاب جهوية التي تنادي بتقليب ايدولوجيات قبلية معينة مثل جبهة الشرق، وكتلة جبال النوبة، و إن البلاد تحتاج الى سياسات فكرية معينة وليس سرديات كاملة كالتي تحملها الايدولجيات المختلفة.
وزاد بالقول إنه من المستحيل أن ترسم خارطة طريق من البداية الى النهاية لتزاوج المصلحة بين السلطة والثروة بصفة (برغماتية) بهدف تحقيق الممكن.
وأكد أن جدلية الايدولجية السياسية جعلت بعض السياسيين يقفزون من مظلة أحزابهم الرئيسية الى حزب المؤتمر الوطني، مبرراً هذه التحولات باحتكارية الوطني لأجهزة الدولة المختلفة بما فيها المنابر، لأجل وأد أي أصوات معارضة.
وأردف أن الوطني يريد بهذه الخطوات تجيير الكل لصالحه، مطالباً الدولة بتبنيها الى برنامج اشتراكي في كيفية توزيع السلطة والثروة، بدلاً من التقوقع داخل ايدولجيتها. وقال أن إنفاذ الايدولجية السياسية يبدأ بخطوة (ادخال رجلك) في حذاء الآخر و إن التحدي الذي يواجهنا هو كيفية بناء الدولة وتحريك القواعد من خلال المؤسسية المناقضة للايدولجية الإسلامية، التي يتأبطها المؤتمر الوطني بأن معالجة كافة الاشكاليات تقبع في النص.
*مساجلات سياسية:
قال المحبوب عبد السلام إن الايدولجية السياسية لعبت دوراً في إقصاء الآخر عن تلمس المشهد السياسي بالبلاد، الأمر الذي فرخ عملية (التكتيكات) المرحلية رسمها المكبوتون للوصول الى مبتغاهم. مشيراً الى أن النخب اليسارية بجانب الإسلامية كانوا من أول الذين أدخلوا الايدولجيات الى البلاد. معتبراً أن تناحر الإسلاميين مع الجمهوريين كان حول فكرة (اللاهوت) التي يتبناها محمود محمد طه، لأنها حولت الفكرة الى حالة من المجادلة السياسية.
وأضاف حاولنا (نجر) الجمهوريين عن ايدولجيتهم قليلاً، لكن إعدام محمود طه أخمد الفكرة في مهدها، مؤكداً أن الراحل الترابي دلف الى مساجلات ايدولوجية عديدة مع الوزير الاسبق د. منصور خالد، جرت معظمها حول المعايير الصائبة للحكم الراشد.
*حالة التخندق:
ومن جانبها مضت د.سهير صلاح الى تعريف الايدولجية بأنها كلمة فرنسية تعني مجموعة الأفكار والرؤى التي يسعى حاملها الى تحقيقها على أرض الواقع، مشيرة بأن تعاقب الأزمات تؤدي الى تغييرات بالايدولجيات، وزادت بأن الإنقاذ التي جاءت بالإنقلاب هي ليست الإنقاذ الحالية، واستعرضت في حديثها صراعات الايدولجية التي جرت فصولها بين طائفتي الختمية والأنصار، بأنها تمثل انعكاساً سالباً على الواقع السياسي السوداني.
وأكدت أن معظم الحركات المسلحة الموجودة بالخارج تمضي وفق ايدولجيات أفكار اليسار أو الإسلاميين، لكنها تتخفى حول ستار التهميش.
وقالت إن مشاكل الايدولجية تكمن في حالة التخندق التي تضفيها على معتنقها في جعلها بداخل صندوق يحول بينها والرؤية الخارجية.
*ايدلوجيات اثنية:
وفي السياق اعتبر رئيس الإصلاح الآن د.غازي صلاح الدين إن من مشكلات الايدولجية أنها ضارة ونافعة في ذات الوقت، وقال إن المفكر الإسلامي علي شريعتي أول من مضى الى استخدام الايدولوجية وربطها بالواقع الإسلامي، وزاد ليس بالممكن أن نلخص الايدولجية في الدين؛ لأن الايدولجية أقل من الدين.
وأشار الى أن انهيار ايدولجية الاتحاد السوفيتي أدت بكافة الايدولجيات العالمية الى التراجع، ما أفضى الى بروز ايدولجيات اثنية توزعت بكل دول العالم.
وقال إن البلاد لم تسلم من مخاطرها التي نجمت أثر محاولتها تكريس ايدلوجيات ثنائية بين أبناء البحر والغرب، بينما قال رئيس تحرير التيار الأستاذ عثمان إن هنالك أزمة تعريف في مصطلحات الايدولجية لارتباطها بمعايير تطبيقها، وأشار الى أن الايدولجية الحالية ليست لها علاقة بالأوضاع السياسية التي نعيشها اليوم.
تقرير:ايمن المدو
صحيفة آخر لحظة
أول مرة اعرف ان عثمان ميرغني أصبح ضمن المثقفين والمفكرين
عجبي!!!!!!!