حوارات ولقاءات

ونسة مع بائعة شاي برتبة (عميد كلية)… الخالة مريم: الجامعة دي كلها أولادي.. والبروفيسور عبد الله الطيب (زجرني) بسبب (الحلبة)!

الخالة مريم الطاهر بائعة الشاي بكلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة أم درمان الإسلامية، امرأة ذات شخصية استثنائية، تجلس كبائعة شاي بركن الكلية إلا أن مهامها إدارياً تصل لرتبة (العميد)، أما اجتماعياً فهي أم لآلاف الطلاب هناك، (كوكتيل) جلست لأكثر من ساعة مع الحاجة مريم تحت ظل (عريشتها) المتهالكة داخل مجمع اللغة العربية بالجامعة وخرجت منها بالآتي.
*حاجة مريم إنتي شغالة هنا ليك كم سنة؟
28 سنة، وأنا أساساً عاملة بالكلية، وبعد المعاش قررت إدارة الجامعة أن أبقى هنا وحالياً أجلس بهذا المكان منذ أكثر من 11 عاماً وأعمل ببيع الشاي والقهوة و(الحُلبه).
*لماذا تقولين (حُلبه) بإظهار الضم على حرف الحاء؟
تطلق ضحكة عالية وتقول: لي موقف مع ذلك في حياة البروفيسور عبد الله الطيب عليه رحمة الله؛ فقد كان في ضيافته ذات يوم البروفيسور بابكر البدوي دشين والذي طلب منه شراباً ساخناً فقال له عبد الله الطيب عندنا مريم بتعمل شاي وقهوة وحُلبه، ليقول دشين يا مريم أعطينا حُلبه فضحكت وقلت له: (أنا عندي حِلبه بس حُلبه دي ما بعرفها)، لينتفض عبد الله الطيب ويقول: (اسمها حُلبه يا مريم وليست حِلبه)، ومنذ ذلك اليوم لم أقُل حِلبه -بكسر الحاء- على الإطلاق.

*هل عاصرتِ أجيالاً من الطلاب والأساتذة؟
أجيال وأجيال وكلهم أولادي وأهلي وأسرتي.
*هل لديك أبناء؟
توفي أبنائي الثلاثة والحمد لله لكن عندي بنات أختى ثلاثة برضو أيتام، أمهم وأبوهم اتوفوا وأنا ربيتهم وهم بناتي الماجبتهم من بطني.
*كيف يبدأ يومك؟
بعد صلاة الفجر أتوجه من منزلي بدار السلام إلى الكلية وأبدأ عملي، وعلى فكرة كل الطلاب والأساتذة والدكاترة كان ما جوني سلموا علي هنا ما بدخلوا الكلية ولا ببدوا يومهم، يعني بجوني التمام أول حتى يمشوا.
*ما السر في ذلك؟
محبة في الله وأولادي بتفاءلوا بي خصوصاً الداخلين الامتحان بجوا يشيلوا الدعوات من أمهم.
*يقول أبناؤك الطلاب إن كلمتك مسموعة عند (العمادة)… الكلام دا صحي؟
أنا زولة قديمة هنا والحمد لله الكل بحبني وبحترم كلامي والله أي طالب عندو مشكلة بتوسط ليهو وأي زول قروشو ناقصة بسجل ليهو. (هنا يقطع حديثها أحد الطلاب مضيفاً: شوفي يا أستاذة أمنا مريم دي تجيها هنا تشرب شاي وتفطر وتشيل حق المواصلات وتمشي، كمان لو عندك أي مشكلة في الكلية بتحلها ليك، ولو في البيت بتحلها، والله مريم امرأة بوزن الرجال).
*في حالة غيابك هل يفتقدك طلاب الجامعة؟
بجوني في البيت والله، لحدي العميد بجيني، وأنا ما بغيب إلا للشديد القوي، حتى رمضان بعمل الحلو مر وبجي بوزعو للطلاب والأساتذة كلهم حتى ندخل في العطلة، وكمان لما ننزل بعد العيد كلهم بجونى في البيت أول.
*ما هي المواقف الطريفة التي مرت بك بخلاف موقف (الحُلبه)؟
مرة جاني البروفيسور دشين في البيت زيارة ولقى البيت مليان شهادات تقديرية قال لي: (يا مريم إنتي شغالة شنو بالضبط والله الشهادات دي في بيتي أنا العميد مافي)، ومرة في الجامع برضو بعد صلاة الجمعة بدعي بصوت عالي إنو ربنا ينجح أولادي وبكرر فيها كتير قامت مرة جمبي قالت لي إنتي أولادك كم؟ قلتا ليها أكتَر من 800 ولد، قامت طوالي طلعت برة المسجد سريع وقالت: (جوة في مرة مجنونة).
*ُهل تمتد علاقتك بأسر الطلاب والأساتذة؟
بالتأكيد… العندو عرس مشيت معاهو والعندو وفاة أنا أول زول بمشي ليهو والإتخرج بزغرد ليهو وبوزع حلاوتو حتى الأجانب البعملوا رسالات هنا أنا البزغرد ليهم وبطلع معاهم المنصة.
*أولادك قالوا عندك (عِرق المحبة) بتكبيهو ليهم في الشاي؟
خلاص إنتي أشربي وجربي براك -تضحك بشدة-.

حوار: وسام أبوبكر
السوداني

تعليق واحد