سياسية

قطاع الشمال .. انتهاكات مستمرة لحقوق الأطفال بمناطق التمرد


– مازالت الحركة الشعبية قطاع الشمال تواصل انتهاكها للقوانين الدولية الخاصة بالشق الإنساني وحقوق الطفل، وازدادت أخيراً ممارساتها السالبة تجاه الأطفال وحرمانهم من الغذاء والكساء والدواء واستخدامهم دروعاً بشرية،

وتجنيدهم داخل معسكرات ام سردبة واندلو والريكة بمحلية ريفي البرام والمناطق التي تقع تحت سيطرتها بولاية جنوب كردفان، إضافة إلى اعتقال وتجنيد المئات من الأطفال داخل معسكر إيدا بدولة الجنوب. وفي الفترة الأخيرة تدهورت الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية، وذلك بعد رفض المتمردين دخول المعينات الإنسانية للأطفال ومنعهم من التطعيم والرعاية الصحية المتكاملة والتعليم، حتى باتوا يعيشون أوضاعاً بالغة التعقيد، خاصة بعد رفض الحركة أي مقترح لدخول المساعدات الإنسانية والإيواء بما فيها المقترح الأمريكي لإيصال المساعدات الإنسانية من داخل الموانئ السودانية, وفي هذا التحقيق نسلط الأضواء على مدى المعاناة التي يتكبدها الأطفال في مناطق النزاعات والظروف الحرجة والبالغة التعقيد التي يحتجزون فيها، إضافة إلى حديث الخبراء حول الظروف والانفعالات النفسية التي يتلقاها الأطفال جراء المعاملة القاسية من المسؤولين بالحركة، وقصص الهروب اليومية للمجموعات التي تصل المناطق الآمنة بولاية جنوب كردفان.
هروب جماعي
تحدثت مجموعة من الأطفال العائدين من مناطق التمرد عن قصة هروبهم ووصولهم إلى محلية أم دورين، قائلين إنهم استطاعوا الهروب من داخل أحد المعسكرات، وإنهم عانوا كثيراً من سوء الأوضاع المعيشية القاسية وانعدام الغذاء والدواء، إضافة إلى الزج بهم داخل أتون الحرب وتجنيدهم في الأدغال والجبال دون مراعاة لصغر سنهم وعدم معرفتهم بالتكتيكات العسكرية في الميدان، إضافة إلى الأوضاع الإنسانية المتردية والبيئة المحيطة بالمعسكرات التي تشهد انهيار البنية التحتية وانتشار الأمراض والحشرات الضارة. وقال الأطفال الفارون إنهم نجحوا في الهروب من داخل المعسكر عبر سلوك بعض الطرق الوعرة من مناطق التمرد، وتمكنوا من الوصول إلى أقرب منطقة آمنة، وتمكنوا بعد مغامرات جسيمة ومخيفة من الوصول إلى مناطق القوات المسلحة التي قامت بدورها بتسليمهم إلى رئاسة الولاية بمحلية أم دورين.
تجريم قانوني
ويجرم القانون السوداني تجنيد الأطفال، ويلتزم الجميع بالسن الأدنى للتجنيد والتعيين وهو (18) سنة، في وقت أكدت فيه حكومة السودان أنها اعتمدت المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد واستخدام الأطفال في الصراعات، وكشفت الحكومة عن اتخاذها كافة الإجراءات الممكنة لحماية الأطفال لتعزيز الحماية الكلية للأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح بما في ذلك التأكد من وقف أي تجنيد للأطفال وضمان إطلاق سراح الأطفال داخل الحدود الإقليمية وتأمين تسريحهم داخل حدود الإقليم.
أوضاع مأساوية
معتمد أم دورين أجرى اجتماعات مطولة مع المسؤولين والجهات المختصة بمفوضية الشؤون الإنسانية بشأن الأطفال العائدين وكيفية إعادة إدماجهم في المجتمع لكي يعودوا أفراداً صالحين لبناء مستقبلهم والمشاركة في إعادة إعمار الولاية ورتق النسيج الاجتماعي، وقال حسن دودو إن محلية أم دورين تشهد تدفقات مجموعات كبيرة من الأطفال والنساء وذلك بسبب ازدياد معاناتهم داخل المعسكرات، وأكد المعتمد أن العشرات من الأطفال التابعين للمحلية مازال مصيرهم مجهولاً ويكتنفه الغموض، ولا يعرفون من الذين قاموا باستهدافهم وتشريدهم إلى الولايات والدول المجاورة.
مصير غامض
حملنا أسئلة كثيرة برزت إلى السطح طرحناها على طاولة مجلس الرعاية والطفولة بولاية جنوب كردفان، حول حديث معتمد أم دورين بأن مستقبل أطفال المحلية مازال مجهولاً. ورسمت صافية عبد الرحيم محمد صالح الأمين العام لمجلس الرعاية والطفولة بولاية جنوب كردفان، صورة قاتمة عن أوضاع الأطفال المحتجزين بمناطق التمرد، وأشارت إلى أن غالبية الأطفال الذين عادوا كانت تتراوح أعمارهم بين (11) إلى (15) عاماً، إضافة إلى أنهم مصابون بأمراض الطفولة، لأنهم لم يتلقوا أية رعاية صحية طيلة الفترة التي قضوها بالمعسكرات، ولا يجدون ملابس واقية، إضافة إلى عمليات (الحلاقة البدائية) تمهيداً لإلحاقهم بالعمليات الميدانية، مضيفة أن الوزارة تقوم بعمليات لم الشمل للأطفال بأسرهم وذلك مراعاةً لظروفهم وحالاتهم النفسية جراء فقدانهم رعاية الأسرة وبقائهم منفصلين عن أسرهم فترات طويلة، وأشارت إلى أن عمليات لم الشمل شملت العشرات من الأطفال في العام الماضي. وقدرت صافية أعداد الأطفال الذين تم تدريبهم في معسكرات ام سردبة وأندلو والريكة بحوالي (100) طفل.
تجنيد قسري
وهناك أعداد كبيرة من الأطفال المحتجزين بمعسكرات الريف الغربي، إضافة إلى احتجاز العشرات في معسكرات جديدة مثل معسكر أم سردبة ومعسكر أندلو، ويقدر عدد الذين ماتوا أثناء التدريب بـ (550) طفلاً، هكذا ابتدرت عفاف تاور كافي حديثها عن معاناة الأطفال الذين اعتقلتهم الحركة الشعبية وهم يتلقون أنواعاً من التعذيب والضرب بجانب المضايقات الجسدية والإنسانية والاغتصاب، وقالت إن حوالى (300) من الأطفال النازحين بمعسكر إيدا بولاية الوحدة بجنوب السودان يتم تدريبهم داخل المعسكر ومن ثم يتم إلحاقهم بقوات الجيش الأحمر بالجيش الشعبي، ووجهت تاور نداءات متكررة للمجتمع الدولي بضرورة فتح ممرات آمنة لضمان وصول الأطفال والنساء إلى مناطقهم بولاية جنوب كردفان، وأشارت إلى أن الأوضاع تمضي من سيئ إلى أسوأ خاصة في ظل الأوضاع القاسية والمجاعة والحرب الدائرة في جنوب السودان.
أين دور المجتمع الدولي؟
تساءل الأستاذ الهادي عثمان أندو رئيس المجلس التشريعي بولاية جنوب كردفان عن دور المجتمع الدولي والجهات الإنسانية الراعية لحقوق الإنسان والطفولة ودور الأمم المتحدة في فض النزاعات وتوصيل المعينات اللازمة والرعاية الصحية المتقدمة للأطفال، ووصف الهادي معاناة الأطفال بأنها أصبحت بالغة التعقيد وأن المتمردين لا تهمهم معاناة الأطفال ويستخدمونهم دروعاً بشرية لخدمة أغراضهم وأجنداتهم الشخصية، وأشار إلى أن المبادرة الأمريكية لإيصال المساعدات للأطفال كانت ستساهم في إيقاف معاناة الأطفال وإنقاذ الموقف الإنساني، إضافة إلى تطعيمهم ضد الأمراض المعدية.
تعاون دولي
وأخيراً أكد المجلس القومي لرعاية الطفولة استمراره في تنفيذ خطة العمل بين السودان والأمم المتحدة لحماية الأطفال من الانتهاكات في مناطق النزاعات المسلحة. وقالت سعاد عبد العال الأمين العام للمجلس إن تنفيذ بنود الخطة تم بنسبة (90%)، وأشارت إلى تقديم الدعم النفسي والصحي والاجتماعي للأطفال الذين تم إطلاق سراحهم والعفو عنهم، إضافة إلى تقديم عدد من البرامج والتأهيل المؤقت توطئة لإدماجهم في مجتمعاتهم بواسطة مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج. وأوضحت سُعاد أن الغرض الأساس من خطة العمل المساهمة في الحماية الكلية للأطفال المتأثرين بالصراع في مناطق الصراعات، مؤكدة على الدور التنسيقي للمجلس ومناصرته قضايا الطفولة.
ومما سبق يتضح لنا التزام حكومة السودان بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد واستخدام الأطفال في الصراعات، وفي الوقت ذاته يكشف لنا خروقات الحركة الشعبية قطاع الشمال في انتهاك القانون الإنساني وحقوق الطفل بسبب ممارساتها السالبة تجاه الأطفال وحرمانهم من الغذاء والكساء والدواء، واستخدامهم دروعاً بشرية وتجنيدهم قسرياً داخل المعسكرات بمناطق النزاعات المسلحة.

الانتباهة