تحقيقات وتقارير

النقابة تطالب البنك المركزي بالتدخل البنك الأهلي السوداني.. المستثمرون اللبنانيون في قفص الاتهام


أمين عام النقابة: الشراكة لم تعد بالفائدة على البلاد والعاملين

مدير سابق لعدد من الأفرع: تم إغلاق أكثر من 13 فرعاً للبنك

الإدارة تعتذرعن الحديث والمدير العام لم يرد على اتصالات الصحيفة

في عام 2007 اشترى بنك عودة اللبناني 76% من أسهم البنك الأهلي السوداني أحد اعرق المصارف بالبلاد لتتحول إدارته ناحية المستثمرين القادمين من الشام المشهود لهم بالتفوق في العمل المصرفي، غير أن نقابة العاملين بذات البنك تعتقد أن الصفقة لم تعد عليهم ولا على البلاد بفائدة تذكر، وخاطبت بنك السودان المركزي أكثر من مرة للتدخل لإصلاح ما تراه انحرافاً عن اللوائح المنظمة للعمل المصرفي في البلاد وما تعتقد أنه ظلم حاق بهم.

مذكرة وتوضيحات
في الرابع عشر من أبريل عام 2013 خاطبت الهيئة النقابة للعاملين بالبنك الأهلي، محافظ بنك السودان في ذلك الوقت صابر محمد الحسن، حيث قدمت شرحاً وافياً عن الأوضاع التي كان يشهدها البنك في ذلك الوقت وطالبت بتصحيحها عبر تدخل المركزي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا يتعرض البنك الأهلي للانهيار ويتشرد موظفيه ـ كما وضحت ـ وفي فاتحة المذكرة أشارت النقابة الى أن إدارة البنك لم تلتزم باللائحة المالية لحقوق العاملين التي أصدرها بنك السودان في العام 2008، وأكدت أن إدارة البنك مارست كل أنواع الاضطهاد والإذلال والتشريد وسلب حقوق العاملين تحت مسميات مختلفة ، بالإضافة إلى تقليص حجم نشاط العمل في الفروع ما أثر على جذب العملاء وتشريد عدد كبير من العاملين، عطفًا على المماطلة في زيادة المرتبات منذ العام 2008، وعدم وجود هيكل وظيفي وراتبي واضح للعاملين يحدد مهام كل وظيفة.

ومضت المذكرة في تشخيص واقع البنك الأهلي، وأشارت إلى أن الإدارة لا تقدم علاوات للعاملين وتم إيقاف السلفيات الكبرى وتجريد مديري الفروع من جميع الصلاحيات والمخصصات، عطفاً على انتهاج سياسة الترهيب تجاه العاملين والنقابيين بنقلهم أو المساومة بعدم تجديد عقودهم.

تراجع شامل
ولفتت النقابة في خطابها إلى بنك السودان إلى أن عدد فروع البنك منذ تأسيسه بلغت 23، وقد تم تقليصها بعد أن تم إغلاق ستة عشر فرعاً عقب الشراكة، معتبرة هذا تأكيداً على عدم جدية المستثمر الأجنبي وضعف اهتمامه بتقديم خدمة حقيقية تفيد اقتصاد البلاد ،مشيرة إلى أن عدد العاملين في البنك تناقص بعد أن تم الاستغناء عن عدد كبير منهم لانتهاج الإدارة سياسة الخصخصة، وأكدت النقابة عدم وجود إسهام ملحوظ للبنك في الاقتصاد الوطني، وتشرح المذكرة هذه الجزئية وتوضح: بنك السودان المركزي وضع ضوابط للاستثمار وكيفية تقسيم محفظة الاستثمار المصرفي حسب النسب على مختلف القطاعات (الزراعي، الصناعي، التجاري، التمويل الأصغر، الحرفي والأوراق المالية وغيرها)، وتؤكد النقابة أن جل استثمارات البنك تقتصر على الأوراق المالية بنسبة 79% من محفظته، وهذا يعني إحجام البنك عن دعم الاقتصاد الوطني.

ونوهت المذكرة إلى حدوث انخفاض واضح في حجم الودائع وتراجعها عاماً تلو الآخر، ولفتت إلى أن البنك يحقق أرباحاً سنوية متزايدة عن كل عام، رغم عدم وجود معاملات مالية مثل الاستثمارات والاعتمادات وخطابات الضمان وغيرها. وكشفت أن البنك يتعرض لغرامات مستمرة من بنك السودان، بيد أنها لا ترقى إلى مستوى المخالفات التي يرتكبها ومنها تجاوزه في سوق الأوراق المالية.

جملة من المشاكل الإدارية
ولم تكتفِ النقابة باستعراض مشاكل العاملين وما رأت أنه تجاوز في عمل البنك الأهلي، حيث كشفت أيضاً عن وجود عدد مقدر من المشاكل الإدارية والفنية منها عدم وجود هيكل وظيفي، علاوة على عدم وجود مديري إدارات، تم إغلاق الفروع بدعوى الخسائر، وإدارة البنك من لبنان، وأن الاستثمار في أرواق شهامة يتم تمويله بودائع العملاء الذين تؤكد النقابة استغلال أموالهم من دون تقديم استثمارات أو خدمات مصرفية إلا أن إدارة الشركة تبحث فقط عن الاكتفاء بالفرع الرئيس والتخلص من كل الفروع الأخرى البالغة 22 فرعاً .

إبعاد الأمين العام للنقابة
وفي هذا الصدد، فإن الأمين العام للهيئة النقابية لعمال البنك الأهلي، محمد طاهر محمد الأمين، يشير إلى أنهم في النقابة ونتيجة للمشاكل الكبيرة التي تحيط بالبنك عملوا على التنويه إليها ومخاطبة الإدارة لحل قضايا العاملين، موضحاً أنه ونتيجة لذلك تم فصله عن العمل في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 2016، وقال في حديث لـ(الصيحة) إن إدارة البنك تمسكت بقرارها رغم عدم قانونيته، وأردف: إدارة البنك ضربت بقرارات عدد من الجهات الحكومية عرض الحائط ورفضت إعادتي للعمل، فقرار مسجل عام تنظيمات العمل في فبراير من هذا العام قضى بإلغاء فصلي، وكذلك خاطبت الهيئة النقابية لعمال المصارف والأعمال المالية إدارة البنك الأهلي تؤكد بطلان فصلي عن العمل الذي جاء مخالفاً لقانون نقابات السودان.

ويقول: رغم كل هذه المخاطبات إلا أن إدارة البنك تمسكت بقرارها في غرور من مستثمرين أجانب يرى أنه غريب لتحديهم الجهات الرسمية السودانية.

مذكرة أخرى
لم تتوقف الهيئة النقابية بالبنك عند محطة مذكرتها الأولى، كما أن قرار فصل أمينها العام محمد الطاهر محمد لم يثنها عن المضي قدماً في توضيح أوضاع البنك الأهلي، وأخيرًا في الثالث من شهر أبريل من هذا العام، خاطبت الوحدة النقابية مجددًا بنك السودان المركزي ممثلاً في شخص مساعده، حيث أشارت في المذكرة التي حصلت أيضاً “الصيحة” على نسخة منها، إلى أن الأهلي السوداني يعد من البنوك الرائدة في البلاد ومن التي لها اسم ومكانة وسمعة معروفة في مجال العمل المصرفي قبل الدخول في شراكة عام 2007 مع بنك عودة اللبناني الذي اشترى 76% من أسهم البنك، وتؤكد المذكرة النقابية أنه وطوال ثمانية أعوام قضاها المستثمر اللبناني في السودان، فإنه لم يمارس نشاطاً استثمارياً إلا في السنوات الأولى وبعدها اتجه للاستثمار في شهادة شهامة الأوراق المالية حتى بلغت جملة استثماراته 79% من رأس المال، وتضيف النقابة في مذكرتها: ومن هنا بدأت المخالفات التي ترتب عليها إيقاف كل أنواع الاستثمارات الأخرى للمصرف وانعكس هذا سلباً على أدائه، والدليل على ذلك إغلاق سبعة عشر فرعاً له بالخرطوم وبحري وأم درمان في أكتوبر الماضي دون مبررات تذكر، ثم بعد ذلك تمت خصخصة حسابات العملاء وإجبارهم على كسر ودائعهم حتى لا يدفع لهم البنك أرباحاً وأيضًا لمنع المصروفات، بالإضافة إلى خصخصة الإدارات وحجب كل الصلاحيات الخاصة بمديري الإدارات حتى نائب المدير العام أصبح دون صلاحية، علاوة على استهداف العمل النقابي بالمؤسسة منذ إبرام الشراكة ودخول المستثمرين اللبنانيين عبر الفصل والنقل ورفضهم التفاوض مع النقابة حتى وصل الأمر إلى مرحلة التحكيم حيث رفضت تنفيذ قرارات مكتب العمل والمسجل عقب فصل الأمين العام وإيقاف العضو نعمات أحمد حسن عن العمل دون مبررات.

بيع الحصة
وتلفت النقابة في مذكرتها لبنك السودان إلى بيع بنك عودة حصته البالغة 76% من أسهم البنك إلى مجموعة مستثمرين إماراتيين وسودانيين ورغم ذلك تؤكد النقابة عدم إجراء إدارة البنك تسوية حقوق العاملين التي طالبت بها النقابة، وناشدت النقابة بنك السودان التدخل لحماية حقوق العاملين المفصولين الذين ما يزالون يعملون بالبنك.

تراجع وأسباب
ويعود الأمين العام للنقابة للحديث محمد الطاهر محمد، ويشير إلى أن أسباب تراجع البنك تعود إلى اتجاه الإدارة للاستثمار في الأوراق المالية “شهادة شهامة”، وإيقاف الاستثمار في القطاعات الأخرى، وسألناه عن الأسباب التي دفعتهم للاستثمار في شهامة فقط وإغفال القطاعات الأخرى واستفسرناه عن موقف بنك السودان الذي دفعت إليه النقابة بعدد من الشكاوى التي تنبه إلى ما يحدث بالبنك، فأجاب قائلاً: الاستثمار في شهامة يتم بأقل تكلفة ولا تقع على البنك خسائر تشغيل أو خلافه، والعائد جيد حيث يتراوح بين الـ18% إلى 20%، علماً بأن البنك المركزي قرر بل شدد على أن يكون استثمار كل بنك في شهادات شهامة لا يتجاوز 25% من رأس المال إلا أن إدارة البنك الأهلي لم تهتم بهذا القرار أو تحرص على تطبيقه، وذلك لأنها استثمرت في شهادات شهامة 79%، وهذا بدوره انعكس سلباً على النشاط الاستثماري عموما، للبنك، وقاد إلى تشريد العاملين وقفل الفروع، علماً بأن الذين تم الاستغناء عنهم منذ دخول شراكة بنك عودة في 2007 من العاملين بلغ عددهم ما يقارب 197 عاملاً منهم مديرو فروع وذلك عبر الفصل والاستقالات الجبرية، ويلفت إلى أن البنك الأهلي قبل الشراكة كان يتبع لثلاثة من رجال الأعمال السودانيين، وكان ناجحاً وينال المساهمون أرباح بصورة راتبة بالإضافة إلى أن البنك كان فاعلاً في الاستثمار على كافة الأصعدة الاقتصادية بالإضافة إلى الأوضاع الجيدة للعاملين، كاشفاً عن أن بنك عودة اشترى 79% من الأسهم في 2007 بمبلغ يعادل 150 مليون جنيه، وأنه قد باعه أخيراً بمبلغ 183 مليون جنيه، مؤكداً تحقيق البنك أرباحاً لا تقل عن 25 مليون جنيه سنوياً، وهذا يعني أنهم كسبوا كثيرًا من هذه الصفقة، ولم يتعرضوا لخسائر.

ملاحظات
من ناحيته، فإن رئيس النقابة السابق ومدير عدد من الفروع والإدارات بالبنك الأهلي، الخبير المصرفي، يسري برعي، يؤكد في تعليقه على الأوضاع بالبنك الأهلي أن مردوده الاقتصادي ضعيف، ويكشف في حديث لـ(الصيحة) عن عدم مساهمته في التنمية الريفية، أما على صعيد الانتشار المصرفي الذي يؤكد أنها باتت سمة العصر، فإن البنك – بحسب برعي – اكتفى بمدينتي الخرطوم وبورتسودان، مبيناً إغلاق أكثر من ثلاثة عشر من فروعه، وبدا غير راضٍ من الاستغناء عن عدد من العاملين، مذكرًا بأن مالكه ميشيل عودة أكد أنه اشترى البنك لأمانة ونزاهة العنصر البشري، بعد أن ثبت له بعد مراجعته لميزانيات البنك عدم وجود اختلاسات وتزوير، معتبرًا العنصر البشري أغلى ممتلكات البنك وأن هذا دفعه لشراء الأسهم ، وقال برعي إن مشيل راقب عبر طاقمه العاملين في البنك والأوضاع العامة لمدة عامين قبل شرائه وبعد أن تأكد من كفاءتهم ونزاهتهم، وقال إن ميشيل وعد بتحسين شروط الخدمة للعاملين.

إلا أن الخبير المصرفي برعي يؤكد أن البعض بالبنك سار عكس توجهات وخطط مالك البنك ميشيل بظلمهم للعاملين بالمؤسسة الاقتصادية التي يصفها بالعملاقة، وقال إنها يمكنها أن تلعب دوراً فعالاً في مسار الحركة الاقتصادية بالبلاد إذا ما تغيرت الأوضاع والسياسة التي تدار بها، مطالباً بنك السودان بتفعيل الضوابط والأسس، مسدياً نصحاً لإدارة البنك مفاده تحقيق مطالب العاملين وإزالة الغبن عنهم.

اعتذار عن الحديث
سعت “الصيحة” وتحقيقًا للعادلة لاستنطاق إدارة البنك الأهلي لاستفسارها عن حقيقة ما حوته مذكرتا النقابة من عدمها، غير أن نائب المدير العام معاوية أحمد والمستشار القانوني خالد مزمل اعتذرا عن الحديث، فيما لم يستجب المدير العام اللبناني فادي شحاته لاتصالاتنا رغم إرسالنا رسالة نصية .

الخرطوم: صديق رمضان
صحيفة الصيحة


‫4 تعليقات

  1. بنك السودان اصلا نايم نومة اهل الكهف
    خلى لصوص شركات الدواء الوهمية ينهبون دولاراته وهسي تكون البنوك كلها بتلعب على كفيها
    بس انا ما عارف ليه مافي محاكم تحكم في قضايا العاملين وتنفذ الحكم بقوة القانون ؟؟
    والا القانون في بلادنا دي مع الكبار حاجة اي كلام ؟؟؟!!!!.

  2. من ( أقوى ) القوانين واللوائح الموجودة في السودان ( قانون ) العمل ..
    لكن ( فساد ) الناس يقود في ( كثير ) من الأحيان ( ليس ) لتطبيق قوة القانون ( إنما ) لتطبيق قانون القوة ..
    عليه ( تضيع ) الكثير من حقوق الناس وأغلبهم ( هم ) العامة والمساكين ..

  3. خلال سنوات الحصار وقع السودان ضحية للسرقة المقننة من قبل شركات و بنوك اجنبية و دولة مجاورة. لا يعلم احد الا الله كم من ثروات السودان قد سرقها هؤلاء و نحن في ضعف و في غفلة من امرنا.
    يجب تقديم البنك الاهلي للمحكمة و تعويض المتضررين السودانيين بملايين الدولارات تماما كما يحدث في الغرب.