سياسية

التحكيم الدولي لحلايب .. هـل يجـر مصـر للاستسـلام


عوضية سليمان – هناك ثمة أسئلة محيرة بعض الشيء في تصاعد قضية حلايب المتنازع عليها والتي تدعي مصر تبعيتها إليها, رغم اعتراف الأمم المتحدة أن لديها وثائق وإثبات لأحقية المنطقة,
وهذا ما أكده مختصون في المجال خلال حديثهم الى الصحيفة .. لكن يبدو أن النزاع سياسي بينهما وينشط في أوقات التوتر السياسي, وحتى اللجوء الى التحكيم الدولي ظل خياراً لفترات طويلة, فالقضية مدرجة في قوائم مجلس الأمن إلى أن يطالب أحد الطرفين بتحريكها , وعمدوا على تجاهلها الى أن أصبح التحكيم الدولي هو الخيار والحل الأفضل لتفادي بعض العقبات السياسية بينهم. لكن هل السودان يستطيع اللجوء للتحكيم البحري في نزاع مثلث حلايب ..وهل ستخضع مصر لقانون البحار ؟
سياسة مستقلة
الخبير الفريق عثمان بلية نائب رئيس هيئة الأركان سابقاً يرى في حديثه لـ ( الإنتباهة ) أنه ليس هنالك حل مع القاهرة حول مثلث حلايب غير التحكيم الدولي, باعتبار أن مصر ليس لديها وثائق أو خرائط تثبت ملكيتها لحلايب . ونحن السودانيين من أعطيناهم الوثائق ومع ذلك احتلوا المثلث ووضعوا شروطاً للدخول والخروج حتى على السودانيين داخله, وهم أغلبهم من قبيلة البجا . وبدأ المصريون يتعاملون معهم بسياسة تقديم الخدمات لسودانيين داخل المثلث إلى أن أصبح ما يقومون به هو تحصيل حاصل في الفارق . وقال إن قضية حلايب هي كرت ضغط على السودان . وأن مصر اعتبرت الموضوع سياسياً لوضع المشاكل بين المنطقتين , وهي أكثر ما هي عليه من احتلال من الجانب المصري . وقال إن السودان صاحب حق دون جدل كثير ودون سياسة مستقلة من الجانب المصري مع سد النهضة والحصار الاقتصادي بينهم. وكشف بلية أن القوات السودانية المتمركزة داخل المثلث حجمها بسيط جداً باعتبار أنها قوات رمزية تمثل السودان مع الوحدة الإدارية لحلايب, لذلك السبب المصريون فرضوا أنفسهم على المثلث واستقلوا وطالبوا وأعطوهم نقاطاً حدودية على البحر الأحمر يبلغ عددها عشر نقاط, وكل واحدة تبعد عن الثانية مسافة عشرة كيلو مترات .
تعدٍ على سيادة السودان
ونفى الخبير في القانون الدولي د. فيصل عبد الرحمن خلال حديثه لـ(الإنتباهة), ما ذكره المحكم الدولي في الحدود البحرية عثمان الشريف, من قدرة السودان على جر مصر الى التحكيم أمام محكمة قانون البحار على إثر تمليك الخرطوم الشهر الماضي لدى الأمم المتحدة قراراً جمهورياً يتعلق بإحداثيات خطوط الأساس لمناطقه البحرية والتي شملت مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر, وأرفق السودان اعتراضاً على إحداثيات مماثلة أودعتها حكومة الرئيس المصري الأسبق بزعم أنها تتعدى على سيادة السودان في منطقة حلايب, ويقع المثلث في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية في السودان على ساحل البحر الأحمر, وتسكن المنطقة قبائل البجة السودانية المعروفة . ومنذ 1958 يتنازع السودان ومصر السيادة على المثلث الذي فرضت مصر سيطرتها العسكرية عليه عام 1995 ويضم ثلاث بلدات كبرى حلايب وأبو رماد وشلاتين . وقال: الدولتان المصرية والسودانية ملتزمتان بالتحكيم وفق اتفاقية قانون البحار أمام المحكمة الدولية لقانون البحار, وهي محكمة لديها هيئة قضاء وقانون ومواد منصوص عليها , وربما يحيل النزاع للتحكيم في حال رفضت مصر إمكانية التدخل بإجبارها على الخضوع, إن المحاكم المنشأة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لن تستطيع ممارسة أي اختصاص بشأن المنطقة البحرية لحلايب طالما أن النزاع البري حول المنطقة لم يسو بعد .
نزاعات حدودية
وكشف محكم دولي في الحدود البحرية ان السودان يسعى إلى تحكيم ملزم لمصر أمام محكمة تسوية المنازعات البحرية الدولية عبر اعتراض أودعه الأمم المتحدة أخيرا على ضم القاهرة حلايب الى حدودها البحرية, وبحسب المحكم الدولي في الحدود البحرية عثمان محمد شريف وكيل نقيب المحامين السودانيين فإن اتفاقية قانون البحار في عام 1982 التي وقع عليها السودان ومصر, تلزمها بالمثول أمام المحكمة المختصة بالنزاعات الحدودية في البحار والمحيطات. وأوضح الشريف أن الإعلان الذي أودعته الخارجية السودانية الأمم المتحدة في مارس الماضي بموجب قرار جمهوري, أرادت الخرطوم من خلاله سلوك طريق ثالث بعد أن رفضت القاهرة خياري التفاوض المباشر والتحكيم الدولي. وأشار إلى أن إيداع الخرطوم إحداثيات بحرية شاملة مثلث حلايب بعد 27 سنة من إيداع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك مرسوماً بحدود بلاده البحرية في عام 1990 لا يسلب حقوق السودان في حلايب وما يوازيها من مياه بالبحر الأحمر , وأكد أن اتفاقية قانون البحار الدولية ملزمة, وبعد إيداع السودان لهذا الاعتراض مضمناً بإحداثيات وخطوط الطول والعرض وفقاً للخريطة الدولية, فإن الأمين العام للأمم المتحدة سيخطر مصر بأن إيداعها في 1990 مخالف, وهنالك اعتراض عليه بإحداثيات, وينتظر الرد وبعدها يمكن التقاضي. وقال إن الدولتين المصرية والسودانية ملزمتان بالتحكيم وفق اتفاقية قانون البحار أمام المحكمة الدولية لقانون البحار, وهي محكمة لديها هيئة قضاة وقانون ومواد منصوص عليها. الأمين العام للأمم المتحدة ربما يحيل النظام إلى التحكيم, وحال رفضت مصر يمكنه التدخل بإجبارها على الخضوع . وتابع المحكم ( إذا مضينا في القضية كنزاع بحري سيكون لدينا وسائل للتحكيم الملزم .. ولكن برياً لا يوجد قانون تحكيم ملزم . وشدد قائلاً إن الأمين العام للأمم المتحدة بحكم أنه الضامن للاتفاقية يمكنه منع الأمر الواقع الذي كرسته مصر في عام 1995 بوضع اليد على مثلث حلايب, لأن الحدود البحرية للسودان في حلايب ثابتة, وهي مكملة للحدود البرية . وأضاف: الإيداع لن يوجد حق السودان في مياه البحر الأحمر الموازية لمثلث حلايب لأنه هو أصلاً حق مضمن في اتفاقية البحار الدولية. وأشار إلى أن الترسيم مرسوم بحدود واضحة وقانون دولي ملزم بعد أن وقعت على اتفاقية البحار 60 دولة في 1994 ثم ارتفع عدد الدول الموقعة الآن إلى 157 دولة والسودان ومصر من ضمن الموقعين عليه .

الانتباهة