تحقيقات وتقارير

مرور (48) عاماً مايو .. ذكرى غير قابلة للنسيان

رغم مرور 48 عاماً وتعاقب كثير من الأحداث التي مرت بتاريخ السودان الحديث إلاّ أن فترة مايو التي امتدت لستة عشر عاماً ستظل ذكرى متواجدة في وجدان الشعب السوداني غير قابلة للنسيان ، خاصة للذين عايشوها طوال فترتها وبحسب الصحف السياسية الصادرة في ذلك الوقت فقد كانت تشير الى أن الأجواء متوترة مماساعد على قيام الإنقلاب و في صبيحة يوم 25 مايو / 1969 م بثت إذاعة أم درمان بياناُ للعقيد أركان حرب جعفر محمد نميري معلناً استيلاء القوات المسلحة السودانية على السلطة في البلاد، وتم تكوين مجلسين، مجلس قيادة الثورة برئاسة نميري الذي ترقى في اليوم ذاته إلى رتبة لواء ثم لاحقاً إلى رتبة مشير ، ومجلس الوزراء برئاسة بابكر عوض الله رئيس القضاء ،ومثل المجلسان السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. شمل مجلس قيادة الثورة تسعة ضباط كلهم تقريباً من رتبة رائد وضمت الحكومة الجديدة (21) وزيراً برئاسة جعفر نميري رئيس مجلس قيادة الثورة ووزير الدفاع. وكانت حكومة تكنقراط ..

بروفايل
ويعتبر جعفر محمد النميري الرئيس الخامس لجمهورية السودان ولد بود نوباوي بأم درمان عام 1930م ،ونشأ نميري في أسرة متوسطة الحال.. والده كان من عامة الشعب درس النميري الأولية بمدرسة الهجرة بأمدرمان والوسطى بمدرسة ود مدني الأميرية ثم مدرسة حنتوب الثانوية وبعد ذلك تقدم لكلية الخرطوم الجامعية ولكنه آثر الالتحاق بالكلية الحربية السودانية لأسباب مادية في العام 1950م.و تخرج في الكلية الحربية بأم درمان عام 1952، وحصل على الماجستير في العلوم العسكرية من فورت ليفنورث بأركنساس الولايات المتحدة الأميركية ، تنقل في عدة مواقع أثناء عمله بالقوات المسلحة واتهم عام 1955 بتدبير انقلاب عسكري على النظام الديمقراطي القائم في البلاد في ذلك الوقت، غير أنه تمت تبرئته منها بعد التحقيق ، حكم النميري البلاد في الفترة من مايو 1969 الى أبريل1985م حينما قامت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكمه إبان تواجده باميركا في مهمة رسمية ، استقر بعدها في العاصمة المصرية القاهرة بعد أن طلب اللجوء السياسي ، وظل بها لمدة 14 عاماً عاد بعدها في مايو 2000 م وتوفي النميري في الثلاثين من مايو 2009 عن عمر يناهز الـ (79) عاما .
منهج ثورة
عضو الاتحاد الاشتراكي المايوي علي فقيري عبادي قال: إن مايو قامت على درب الانقلابات لكنها في ذات الوقت كانت تحمل في كنانتها مناهج الثورة عبر حزمة المشاريع التنموية العملاقة التي بسطتها في كافة الأصعدة والمحاور على مستويات المركز والأطراف من قبل الانقلابين من ذوي القبعات الخضراء الذين كان معظمهم ينتمون إلى المؤسسة العسكرية وبالرغم من أنه كانت تطغى الصبغة العسكرية عليهم إلا أنهم أفلحوا في الإفلات من دواعي التمشدق بآثار الانقلاب والتوجه نحو العمل «الميري» واستطاعوا في فترة وجيزة تحويل الإنقلاب الى خطط تنموية ثورية ساعدت البلاد في الخروج من عزلتها نحو النهضه في كافة المحاور، ويرجح فقيري أن كلمة السر في انقلاب مايو كانت استحداث ثورة في شتى المجالات وهذا ما برهنته الأيام التي أعقبتها من خلال الطفرة العمرانية التي شهدتها البلاد على مستوى البنيات التحتية للمشاريع العملاقة من طرق قومية وكباري ومشاريع زراعية كبرى ، كالرهد وكنانة التي مازالت شامخة الى اليوم ، وتابع بالرغم من ذلك لم ينسب أحد من المايويين النجاحات التي حققتها الثورة الى الاتحاد الاشتراكي المايوي كتنظيم حاكم علي الرغم من انضواء عدد كبير في عضويتها من قطاعات عريضة من الزراع والعمال والطلاب والمثقفين وذوي رأس المال الوطني ،لأن مايو حينما قامت شمر قادتها عن سواعدهم في السعي الجاد نحو تحقيق ثورة حقيقية غير مسبوقة في النماء والإعمار بالبلاد دون النظر الى آفة السياسة التي أقعدت البلاد اليوم عن دورها الطليعي بعد أن كبلت بأعراض الجهويات والحزبية والقبلية.
أجهضوا الثورة
القيادي بجبال النوبة والذي كان عضوا في جهاز الأمن المايوي أمين بشير فلين قال لـ (اخر لحظة ) :إن ذكرى مايو جزء هام جداً من تاريخ السودان وأكد أنها كانت بداية حقيقية للتنمية في المناطق الأقل نمواً وتوعية المواطنيين بها بحقوقهم وتوسعت في التعليم وأضاف كما استطاعت أن تضع اسم السودان في مقدمة الدول العربية والأفريقية وحول شخصية النميري قال فلين :إن شخصيته كانت قوية ووصفه بالسوداني الأصيل ودائما مايضع كرامة السودان وعزته في المقدمة ،وأضاف فلين أن مايو كانت ثورة بكل المقاييس وكانت البداية لبناء السودان الحديث إلا أنه قال :إن أصحاب العلاقات الخاصة وبعض القوى الوطنية أجهضت الثورة .
مقارنة
عضو مجلس الشعب والاتحاد الاشتراكي آنذاك القيادي بالمؤتمر الوطني حاليا محمد الطاهر أبو كلابيش قال :إنه وجد كثير من الصدق والإخوان الأوفياء في مايو واصفاً جعفر نميري بالرجل النزيه وقال :إنه لم يفكر في ذاته يوما أثناء حكمه ووصفه بأنه يمتاز بسعة الصدر وسماع الآخرين ورفض أبو كلابيش المقارنة بين ثورتي مايو والانقاذ بيد أنه قال أقرب نظام لمايو الانقاذ .
مايو حقبة من تاريخ السودان استمرت لستة عشر عاما كان تاريخها حافلاً بالكثير من الأحداث والمواقف وهناك من يؤيدها ويساندها وهناك من وقف ضدها الى أن تلاشت وأصبحت تاريخاً وذكرى تمر عاماً بعدعام .

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. معظم حكام السودان لا يذكر لهم تاريخ إلا وتوجع الوطن بنكباتهم الكارثية مدى الحياة