حوارات ولقاءات

عضو المجلس الأعلى للتصوف في السودان الشيخ “مجدي الأحمدي”:أقول لهؤلاء.. إدارة حزب سياسي ليس (إدارة نوبة أو حولية)

أثار قرار منع الصوفية من إقامة ندوة بقاعة الصداقة في الأشهر الماضية، موجة غضب لدى الصوفية وظهرت أخيراً مجموعة من المشايخ يدعون لتكوين حزب سياسي باسم الحزب الصوفي الديمقراطي العام، وفي الأثناء ظهرت مجموعة أخرى مناهضة لتكوين الحزب لدوافع ورؤى تتمثل في عدم تدخل الصوفية في معترك السياسة والاكتفاء بالجانب الروحي والديني فقط، وترك مجال السياسة ومشاكلها للسياسيين. جلست (المجهر) إلى عضو المجلس الأعلى للتصوف بالسودان، الشيخ “مجدي صلاح الدين الأحمدي”، وأجرت معه الحوار التالي حول الموضوع وما أثاره من جدل:

{لماذا علا وارتفع صوت الصوفية هذه الأيام؟
-التحيات الطيبات لصحيفة (المجهر) لاهتمامها بالقضية.
من المعلوم أن الطرق الصوفية لها السبق في إدخال الإسلام ونشره في أرجاء المعمورة، وكان لأسلافنا الفضل في تأسيس نظم الحكم والإدارة الأهلية، بجانب دورهم الأصيل في تعليم القرآن الكريم.
{ما هي دواعي تكوين حزب سياسي باسم الصوفية؟
-هي فكرة من ثلة أو قلة من بعض المتصوفة تدعو إلى تكوين هذا الحزب، وفي يقيني لأن هنالك بعض عوامل ساعدت المشايخ للدعوة لتكوين الحزب الصوفي.
{ما هي؟
-الغبن الموجود في صدور بعض المشايخ واعتقادهم بأن الحكومة اتجهت إلى تقريب بعض الفئات أو المدارس، وبعض المذاهب الإسلامية على حساب المشايخ، وقد ظهر ذلك عندما طالب المتصوفة ولاة الأمر استصحابهم – أي الصوفية- في الحوار المجتمعي والحوار الوطني، بيد أن الصوفية الآن أصبحوا يحملون أعلى الدرجات العلمية والفكرية، والمسيد لم يعد مكاناً للذاكرين وتعليم القرآن فقط، ولكنه أصبح لتبادل الأفكار السياسية، والعلاقة بين الشيخ والمريدين والأحباب لا يستطيع أن يؤثر في المريدين إلا بالطاعة، وهنالك إجماع على أن الشيخ لا يتدخل في أذواقهم السياسية والرياضية، يعني لا يقول لهم صوتوا للحزب الفلاني أو شجعوا الهلال أو المريخ.
}الغبن من ماذا؟
-الدولة قربت السلفية في الحكم ومنحتهم مقاعد في البرلمان وشاركوا في تشريع القوانين والتي صاحبتها كثير من العلل، وخاصة محاكمة المتعاملين بالدجل، في إغفال المشرع لتعريف مادة الدجل والشعوذة، وهي جاءت على مزاج السلفية.
ونحن نرى أن الدجل هو أكل أموال الناس بالباطل، وليست البخرة والمحاية، فهي ليست ضرباً من الدجل أو الشعوذة، بل هي وسائل للعبادة والتقرب إلى الله.
وما حدث في سنوات قليلة من ذهاب الطلاب إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش، هو نتاج لإغفال الدولة عن متابعة النشء ومستقبلهم، السبب الثاني هو أن هؤلاء المتصوفة يريدون المشاركة في الحكم ونحن لا ندعي الكمال وأي مؤسسة تصاحبها بعض شواذ الأفكار، لأن هنالك بعضاً من المنتسبين للطرق والبيوتات الصوفية، يرون أنهم أفضل من بعض الوزراء الحكام الحاليين، ويحق لهم المشاركة في حكم البلاد والتصرف في شؤون العباد، ومن أجل ذلك فكروا في قيام هذا الحزب، ونحن نقولها صراحة إننا لا نحرم حقاً للصوفية، الحق في الحكم ولكن كأفراد، ونرفض الزج باسم الصوفية في أي حزب سياسي.
}لماذا؟
-لأن التصوف لا يمكن أن يقزم أو يؤطر في حزب سياسي، إذا افترضنا أن شيخ الطريقة تم رفضه من قبل الجمعية، فكيف يكون منظره أمام أتباعه ومريديه؟.. سيكون صفراً كبيراً، ونحن ضد الزج، لأن الحزب تمارس فيه الديمقراطية والصوفية تمارس فيها الطاعة، ونحن ضد الاستغلال والزج باسم التصوف في برك السياسة الآسنة وتقاطعاتها. التصوف منهج تزكوي ودعوي وإصلاح وإرشاد، وليس أداة لعب بالسياسة.
وحسب علمي فإن قانون مجلس الأحزاب السياسية يرفض تسجيل حزب باسم ديني أو قبلي أو طائفي، وإذا كان ذلك، فهل الجماعة شاورونا؟.. وهل أخذوا موافقة الشيوخ الأجلاء “الطيّب الجد ود بدر” والخليفة “عبد الوهاب البرهاني سيف الدين محمد أحمد أبو العزائم”؟ هؤلاء قامات لا يمكن تجاوزهم في شأن الصوفية، لماذا ثلاثة يتحكمون في تغيير مسار التأريخ للطرق الصوفية ودورها توجيه الحكام إذا انحرفوا عن الجادة وليس المشاركة في الحكم؟.. وكيف حال الصوفي إذا أصبح مخطئاً، وهذه واحدة من الأخطاء الشائعة التي ارتكبها الإخوة الأعزاء.
{هنالك بعض المؤسسات السياسية لها مرجعيات صوفية؟
– الحزب الاتحادي الديمقراطي ،مرجعيته من طائفة الختمية ولم يسمَ حزب الختمية، وكذلك حزب الأمة القومي، معظم أعضائه مرجعيتهم من طائفة الأنصار ولم يسمَ حزب الأنصار.
هنالك برز اتجاه من الصوفية بتكوين حزب، هو إحساس بضعفهم وإبعادهم عن إدارة العمل الديني في البلاد، ووجود جماعات لها عداء للصوفية، وهم ينتسبون إلى جماعات لها أفكار تقذف التصوف، وظهور مشروع الحزب يناقض التصوف جملةً وتفصيلاً، وهذا هو المحظور. وللأفراد الحق في ممارسة السياسة ولكن لا يمكن أن يكون الشيخ، علاقة المتصوفة بالحكام لتعضيد الحق ومساندتهم، إذا كانت للباطل ستكون مرفوضة ويجب أن لا يغفلوا دورهم، وتعضيد الحكام والنظم وهي التزكية والتربية واللوائح، الطرق الصوفية كلها واحدة وهي حزب مدني وليس سياسياً، والصوفية تعمل على إصلاح الإنسانية، وفيها التشاور وتربية الأجيال، فعملها أكبر من الحزب السياسي الذي تنزل له السياسات.
{هل تكوين الحزب يشكل حرجاً للصوفية؟
-نعم سيشكل إحراجاً للصوفية أنفسهم ونتوقع بروز خلافات لا يستطيع حزب حلها، وقد تأتي بإفرازات سالبة.
}ما هي الخلافات؟
-من يقود الحزب وبقية الأمانات وما هي المعايير؟.. وإذا الجمعية العمومية جاءت بشخص آخر غير الدكتور “عبد الجبار”، هل سيقبل بشيخ أغبر يكون رئيساً للحزب؟.. وكيف سيكون منظر أتباعه؟.. ستكون هنالك خلافات بين أتباعهم. وشيوخ الطرق عندما يتفاوضون مع الأحزاب لحل الإشكالات، والحزب هو أكبر خطأ ارتكبته المجموعة، لأنه ستكون هنالك تناحرات.
وهؤلاء عرضوا الصوفية للنيل منها وسيكونون محلاً للسخرية والتندر من سفهاء السياسة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تلفق التهم جزافاً والتي طالت حتى الرئيس، لأقوال لم يقلها، فكيف بشيخ طريقة؟.. وهذه ستقلل من مكانة الشيوخ.
{هل هنالك معايير لرئيس الحزب؟
-إن تكوين الحزب له معايير محددة تتوفر لرئيس الحزب بأن يكون ملماً بالأحوال السياسية، ومارس العمل السياسي، لأن السياسة لا تحتمل العواطف ولا المجاملة وليس لأنه ابن القطب ولا البيت المقدس ولا البيت الفلاني، وإذا تم تكوين الحزب بهذه الطريقة، سيهزم الحزب قبل قيامه، ونحن الآن منقسمون بين المجلس الصوفي والمجمع الصوفي. وإدارة الحزب ليست (إدارة حولية أو نوبة)، دا حزب فيه الصالح والطالح، وليس الأشخاص المناط بهم أمر الحزب، وهو حزب فيه التصفيات ليست جسدية، ولكن تصفيات معنوية، ومهاترات وإظهار ضعف القيادات، وحتى القائمين الآن نرى أنهم ليسوا بالكفاءة لقيادة حزب سياسي، ليقود البلاد إلى بر الأمان.
{ظهور داعش ألم يكن تقصيراً أيضاً من الصوفية؟
-ليس تقصيراً ولكن لانشغال الصوفية بالخلاوى بعد التحفيظ ببرنامج أسموه العودة، يذهب الطالب وينشر الدعوة في البلاد، غير أن المشايخ الآن مشغولون ليس بالدنيا، ولكن بتفاصيل الحياة، والمسيد بحاجة إلى معينات ويكلف مبالغ طائلة ومعظم المشايخ يمارسون الأنشطة التجارية أو الزراعية لتغطية حاجات الطرق الصوفية، لو رجعنا للقاعدة الأصولية توكلت على الله لرزقنا الله مثل ما يرزق الطير، نكتشف أن العلة فينا وهذا تقصير منا نحن الصوفية لأننا ظللنا ننتظر عطف الحكام وديوان الزكاة ليتصدق علينا، ونحن أغفلنا الجانب الدعوي.
هنالك تيارات سلفية استغلت الثغرة التي تركتها السلفية واستطاعت أن تنشر الأفكار الهدامة والتكفيرية.
}ما هو الحل؟
-نحن عندنا كيانان متناحران وفي خطين متوازيين، والحل هو أن تنتبه الدولة للأمر ولا تجامل فيه بحل الإشكال الدعوي، واقترحت ورقة أنه لا بد من وضع ميثاق شرف لتجنيب البلاد شر الفتن بتجميع كافة الطوائف الدينية، ولضبط الخطاب الدعوي بعدم التكفير وسب الموتى وتجريم الآخرين، وينبغي توحيد الصوفية بكافة أطيافهم، وهنالك صوفية مستقلون لا يتبعون للمجلس الصوفي ولا المجمع الصوفي، مثل الطريقة البرهانية الدسوقية لا تريد تسييس العمل الدعوي، وأدعو الدولة لعدم حل المجلسين، وتركهما يعملان.
{أين المجلس الأعلى للذكر والذاكرين؟
-يجب أن يدعم المجلس القومي للذكر والذاكرين، يجب أن يدعم بالكوادر المؤهلة والنيرة، وتوفير الوسائل. وأنا لا أستحي من قول الحق، وأقولها بالصوت العالي وبكل أسف إن على رأس هذا مجلس الذكر والذاكرين رجل كثير الكلام قليل الأفعال، “الصافي جعفر” ويريد أن يصنع من المجلس الأعلى للذكر والذاكرين سندس أخرى، ماذا فعل في سندس؟.. وهل هو شيخ طريقة؟ وهل له أتباع؟.. أطالب الدولة أن تهتم بالمجلس وتعينه بكادر مؤهل، لأن المجلس اسم شعبي للجسم الرسمي للدولة، أدعو الأفاضل، وإن كانت نيتهم خالصة في توجههم أقول لهم إنكم أخطأتم لأنكم لم تستكملوا الشورى باتخاذكم اسماً سياسياً للتصوف، وأخطأتم دينياً، والأمر لم يكن شورى وأصبح صوفياً، وأتحداهم أن يسموا خمسة مشايخ وهم ثلاثة “عبد الجبار” و”سنان” و”عبد اللطيف”، وكلهم فروع، هل استشاروا من باب الشورى، حول الحزب الصوفي الديمقراطي العام.

حوار – وليد النور
المجهر السياسي

تعليق واحد

  1. ما هو برنامج الحزب الصوفى الديمقراطى؟ هل الشعور بالغين وتقريب الحكومة للسلفيين مبرر كاف واساس متين لقيام حزب صوفى؟ وما هو موقف الصوفيين المنتمين لأحزاب أخرى؟ وهل يمكن لحزب ولد كرد فعل لحدث عابر أن يكتب له النجاح؟ للصوفية قيمها مفاهيمها وموروثاتها الدينيه فشيخ السجاده يكون له الولاء والطاعة فى كل الامور، فهل هذا الأمر يتسق مع الديمقراطية التى تعمل براى الاغلبية؟ مما لا شك فيه أن سياسية الحكومة التى أفرزت أحزاب الحتروب المدغمس لا يضيرها شئ أن ذاد هذا الحتروب قطرة وياما فى الجراب يا حاوى عشنا وشفنا وياما حانشوف لو عشنا.