تحقيقات وتقارير

مبــادرة الشعبـي .. النـار تـأبـى أن تـخبــو

يحاول المؤتمر الشعبي، أن يظل حزباً فاعلاً ومؤثراً في مجريات الأحداث السياسية وتطوراتها، لا سيما قضايا الحكم والحوار والحرب والسلام ، وهي محاولات متصلة منذ واقعة الرابع من رمضان في العام 1999 مما حدا ببعض المراقبين للمشهد السياسي والحراك الذي شهدته علاقة الحزبين الوطني والشعبي منذ ذلك الحين ،

الى وصف كل هذه الجهود بأنها محاولات أشبه بعمليات البحث عن الكرسي المفقود أو كأنها خطوات لاهثة لإعادة اللحمة والحلف القديم. ولهذا تشكلت جهود المؤتمر الشعبي كما يبدو بما يتوافق مع تفكيره وأشواقه وتحركاته. ولأن مشروع الحوار الوطني الذي لعب فيه المؤتمر الشعبي دور (العراب) وانتهى الى مخرجات (مؤجلة) أو عصية على التنفيذ كما يظن بعض ممثليه في هذا المشروع، حيث دفع هذا الوضع الإخوة في قيادة الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي، للتفكير في مشروع سياسي جديد يساند ويدعم جهود شركاء الحوار في مطالبهم الحثيثة لإنفاذ المخرجات، خصوصا أن هذا الحوار يعتقد خصومه أنه لم تصحبه أي تطورات موجبة في سبيل وقف الحرب وصناعة السلام. ومن هنا ربما جاءت المبادرة الجديدة للمؤتمر الشعبي والتي ركزت بشكل مباشر وواضح على ضرورة وقف الحرب في كل جبهات القتال في السودان .
تحولات كبيرة
أما في سياق التفاعلات التي يمكن أن تحدثها هذه المبادرة على مستوى القوى السياسية السودانية، فقد توقع لها البروفيسور حسن الساعوري المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، أن تحدث تحولات كبيرة في المشهد السياسي إذا مضى المؤتمر الشعبي الى نهاية الشوط في توفير مطلوبات مبادرته لوقف إطلاق النار، رغم أن الساعوري أكد في إفاداته لـ»الإنتباهة» أن هذه المبادرة جاءت متأخرة جدا، وقال إنه كان من الأجدى للمؤتمر الشعبي أن يعلن هذه المبادرة لوقف إطلاق النار فور مشاركته في الحوار الوطني وقبل دخوله حكومة الوفاق الوطني، إلا أنه استدرك : ( لكن ان تأتي مؤخراً خير من ألا تأتي ) .
فرص نجاح المبادرة
وأبدى البروف الساعوري قدرا من التفاؤل بنجاح هذه المبادرة، مستندا في ذلك الى العلاقات التي تربط الدكتور علي الحاج ببعض قادة الحركات المسلحة سواء في دارفور أو في الجبهة الثورية، خصوصاً ان علي الحاج كان قد خاض عمليات تنسيق سابقة مع قادة الجبهة الثورية في سياق تحالفات حزبه مع هذه القوى دعما لخيارات المعارضة آنذاك، وبالتالي فهو في نظر الساعوري، مؤهل وبقدر كبير لإسماع كلمته وصوته لهؤلاء القادة العسكريين، ولذلك فان فرص نجاح مبادرته لوقف إطلاق النار ايضاً كبيرة ومتاحة .
مادة دسمة للحوار
لكن الساعوري، استبعد ان تكون لهذه المبادرة علاقة مباشرة بحالة الاسترخاء التي تعايشها قوى الحوار الوطني لإنفاذ مخرجاته، وإنما اعتبر هذه المخرجات بمثابة مادة دسمة للحوار أو مشجعة للآخرين للدخول في سلام مستدام، لكنه في ذات الوقت لم يستبعد ان تكون لهذه العملية لو قدر الله لها النجاح أن تكون لها احتمالات وظلال سياسية يمكن ان تقود الى تشكيل جبهة عريضة بمشاركة هؤلاء القادة والدخول عبرها للانتخابات القادمة. ولهذا فإن المؤتمر الشعبي ربما يريد عبر هذه المبادرة تحقيق مشروع الجبهة الوطنية العريضة .
حسن نوايا
أما الفريق فضل الله برمة ناصر وزير الدفاع الاسبق ونائب رئيس حزب الأمة، فقد ذهب في اتجاه أكثر تشاؤما بحتمية فشل مبادرة المؤتمر الشعبي لوقف إطلاق النار لاعتقاده بانها غير مؤسسة ولا تستند الى مقومات حقيقية، ووصفها بأنها مجرد حسن نوايا وان كل القوى السياسية السودانية لا ترفض أي جهد يصب في اتجاه وقف إطلاق النار وبناء السلام .
الوقت الخطأ
وقال الفريق برمة في حديثه لـ»الإنتباهة» ان هذه المبادرة جاءت في الوقت الخطأ وفي مناخ غير ملائم ومسرح غير مهيأ ، لان الجبهة الداخلية ليست على قلب رجل واحد والحركة الشعبية شمالا منقسمة على نفسها وتبحث عن هيكلة جديدة، كما ان الحركات الدارفورية المسلحة متباينة في الرؤى والأفكار والمواقف وحتى المؤتمر الوطني نفسه يعاني من أوضاع داخلية غير مستقرة ، وتساءل الفريق برمة عن خارطة الطريق الى أين انتهت، وماذا تم بشأنها ؟ ويرى الفريق برمة أن المؤتمر الشعبي الذي يرفع شعار المطالبة بالحريات كان ينبغي عليه ان يواصل في مطالبه بالبحث عن هذه الحريات، بل كان يجب عليه أن يسعى في اتجاه مواصلة الجهد لتحقيق أكبر التفاف حول خارطة الطريق وإنفاذ المخرجات والعمل على تقريب وجهات النظر بين كل القوى السياسية ، وبالرغم من ان سعادة برمة أقر بجلوس السيد الإمام الصادق المهدي مع أصحاب المبادرة في المؤتمر الشعبي إلا انه أكد وجهة نظره الخاصة أن هذه المبادرة لا يمكن لها ان تنجح ما لم تستند الى إرادة وطنية جامعة ورؤية حقيقية تستوعب واقع الحركات المسلحة والجبهة الثورية والجبهة الداخلية.

هاشم عبد الفتاح
الانتباهة

تعليق واحد