أصالة تصدم الجمهور بألبوم “مهتمة بالتفاصيل”.. والأسباب؟
لا تكفي صفة “الجديد” أن يكون حديث الإصدار أو الظهور، بقدر الحاجة إلى أن يكون متميزاً في فرادته بتضمين غير المستهلك. هذه النزعة ملازمة لمصطلح “إبداع” والذي يتطلب دائماً جرأة وإقدام وسعياً نحو الدهشة. الفنانة #أصالة من القلة الذين لا يرتكزون على نجوميتهم، بل يضعونها في رهان مستمر على التجريب بين رغبتي إرضاء المستمع وإثبات الاستحقاق. منذ أن “علّقت الدنيا” في ألبومها الخليجي العام المنصرم، وهي تبحث عما يترجم أفكارها إلى أغانٍ، حتى وصلت إلى عنوان عريض في ألبومها الجديد، يعلن صراحةً أنها “مهتمة بالتفاصيل”.
سيكولوجية العشاق
مغامرة كبيرة قامت بها أصالة من خلال 13 #أغنية بالمزاوجة بين المدرسة الرومانسية، السائدة عربياً، والمدرسة الواقعية.
البيئة الفنية المصرية الحديثة تجنح إلى هذه الشراكة، مما ساعد أصالة في صنع ألبوم حيّ ويكتظ بالتساؤلات. جسدت أصالة دور الطبيب الجرّاح تارة والطبيب النفسي تارة أخرى. “مهتمة بالتفاصيل، أنا بتخان، كام مرة، قاصد ايه، مين فينا”، أغانٍ تصدّت للخوف والشك وآثرت المواجهة بالاعتراف، سابرةً أغوار سيكولوجية الفرد العاشق، وراصدةً لواقع علاقات متوترة سواء بين الفرد وشريكه، أو بينه وبين المجتمع. الشجاعة تكمن في المكاشفة عكس ما اعتاد عليه المتلقي العربي في ميل الأغاني غالباً إلى البوح أو استعراض حالة، مما سبب لبعض #الجمهور صدمة. وهذه دورة حياة الإبداع أن يأتي جديدا غير معتاد، فيُقابل بالرفض، يُحارَب، ينتشر، ثم يصبح مقبولاً. أصالة خبيرة في الأغنية، والخبير يعرف ماذا يريد وكيف ومتى.
مسرحة الأغنية
شجاعة أصالة تمتد إلى طرحها ألبوماً بطابع مسرحي إجمالًا. تضمن الألبوم مونولوجا بحوارات فردية، وحوارات ثنائية، ومجموعة قصص أخذت فيها دور السارد حدث في “كام مرة، يوم الرحيل، كل اما تفتكره، صندوق صغير، أنا بتخان، هيقولّك”. مشاهد شعرية أضاءت جوانب بعض هذه الأعمال. المؤلف الغنائي أشرف أمين استطاع أن يخلق حالة بصرية في أغنيته “كام مرة” منذ مطلعها، حيث كتب “خنت كام مرة؟ ح تقول لي ولا مرّة! طب اخرج من جوّاك، وشوفك، مرّة من برّا”.
محمد عاطف أيضاً أشعل حالة القلق التي تتلبس أغنية “أنا بتخان” عندما كتب على لسان بطلة علاقة مضربة “بقيت وأنا ماشية بتلفّت حواليّا.. ببص كتير على الدبلة اللي في ايديّا”. ومن اللافت كذلك في “هيقولّك” روح السخرية في الأغنية التي ازدانت بضحكتها الموظفة تمامًا في سياق الحوار، وقد أقدمت أصالة على هذا الطرح مراراً، آخرها أغنية “أشكرهم” في ألبومها الخليجي مع الشاعر سعد المسلم والملحن عبدالقادر هدهود. لم تقف جرأة أصالة عند هذا الحد بل في نفس الألبوم غنّت قصيدة سريالية للأمير بدر بن عبدالمحسن تصدرت عنوانه “أعلق الدنيا على مسمار، مدقوق فيه جدار” للملحن عزوف، إلى جانب عناوين أخرى صارخة مثل “حوبتي” و”ذاك الغبي”.
رهان التنويع
رغبة التنوع والتجديد بدت جلية في ألبوم أصالة الأخير، حيث يحسب لها عدم تكرار أسماء صنّاع الألبوم. في 13 أغنية تعاونت مع 13 مؤلفاً و12 ملحناً و12 موزعاً. الملحن مدين استحوذ على عملين وكذلك الموزع نابلسي. ولإضافة نكهة أخرى، احتوى #الألبوم على دويتو مع الممثل والملحن الشاب محمد الشرنوبي، كما تضمن تعاونًا مع ملحنة، دانا الفردان.
لاعب محترف
كانت وما زالت أصالة في تحدٍ لا ينتهي مع كسر الصورة النمطية التي أطّرها فيها المستمع الأول لها. صورة الطرب_الكلاسيكي سيظل لصيقاً بها لأنها جديرة بذلك. ولكن، أصالة أصبحت بلا شك أيضًا أنموذجاً للتجديد بمهارة لاعب محترف يتألق في كل الملاعب الجماهيرية: الخليجية، المصرية واللبنانية. صرحت أصالة غير مرة بأن “مهتمة بالتفاصيل” ألبوم قريب جدًا من قلبها وتفكيرها واشتغلت عليه بحب وشغف. ولو لم تصرح بذلك، أصالة نجحت في عكس ما تود قوله من خلال كل التفاصيل المذكورة أعلاه، والتي تنم عن “أصالة” فنان “مهتم” بالفعل.
اخبار العربية