الشيخ سعد أحمد سعد عضو هيئة علماء السودان في حديث عن فقه الاحتساب ل (كوش نيوز): التمرد والفاسد لا يحارب إلا بتمكين ونشر ثقافة الاحتساب
دعا الشيخ سعد أحمد سعد الحكومة لتمكين ونشر ثقافة الاحتساب لإنقاذ الدولة والمجتمع من الأمراض المجتمعية والتمرد وسوء الأخلاق ، وقال إن أفضل بديل للتمرد والفساد الاحتساب ، واعتبر عهد النميري العهد الذهبي لانتشار ثقافة الاحتساب ، وطالب الدولة والعلماء والدعاة لتأسيس أجسام متخصصة تعنى بنشر فقه الاحتساب وتدريسه وتأهيل الأئمة والدعاة وأفراد الشرطة العاملين في هذا الحقل ، وقال إن الدولة غائبة تماماً عن الاحتساب المجتمعي مما أسهم في تزايد المنكرات وتخوف سعد إذا استمر الوضع على هذا الحال أن يأتي يوم يستهجن فيه المحتسب ويضحك ويتندر عليه . (كوش) جلست إليه حول الاحتساب وأهميته ودوره ومن يقوم به وغيرها من المحاور فإلى ما خرجنا به .
حاوره : عمر عبد السيد
ما مفهوم الاحتساب وماذا يعني ؟
كلمة الاحتساب من أصل الكلمة (حسب) بمعنى أن الإنسان يفعل فعل الخير ويطلب أجره من عند الله تعالى . وأطلق لفظ المحتسب على القائم بعملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . والحسبة في مصطلح الفقهاء هي أمر بمعروف قد ظهر تركه ، ونهي عن منكر قد ظهر فعله . (ظهر) بمعنى أنه لايحتاج إلى بيِّنة .
ما حكم الاحتساب ؟
فرض كفاية ، إذا كان هناك من يحتسب في المنكرات الظاهرة رفع الإثم عن البقية ، وفي بعض الحالات قد يتعين الاحتساب على شخص إذا لم ير المنكر غيره . وإذا عرفته منكراً ولم تنكره فأنت آثم .
البعض يرى أن الحسبة عمل سلطاني بعمنى أنها من اختصاصات الحاكم فقط ؟
الحسبة تنقسم إلى نوعين ، حسبة سلطانية وأخرى طوعية . السلطانية يقوم بها الحاكم ويفوض فيها من يقوم بها . أما الحسبة الطوعية فيقوم بها الجميع سيما العلماء والدعاة . يقول تعالى : (ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) يعني جماعة محددة مكلفة بالاحتساب ، والأحاديث تدل على أن الاحتساب ينبغي أن يقوم به الجميع بشروط طبعاً ” من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبلسانه وذلك أضعف الإيمان ” . ومن حقوق المحتسب السلطاني (التصفح) بمعنى البحث عن الجرائم والمخالفات ، وهذا لا يحق للمحتسب الطوعي .
ما المنكر الذي يجب إنكاره ؟
المنكرات درجات ، والاحتساب يكون في المنكرات المتعلقة بحق الله (العقيدة والعبادات) وفي حق العباد (معاملات) والحقوق المشتركة بينهما ، والاحتساب في المسائل المتفق عليها بين العلماء وليس في مجال الاجتهادات .
ما المواصفات التي ينبغي أن يتصف بها المحتسب ؟
الرفق واللين والحكمة ، والحسبة السلطانية قائمة على السطوة وأن يكون معه أعوان يعينونه على تغيير المنكر ، وأن يكون على علم وافي بالمنكرات . وأن يحتسب فيما اتفق عليه العلماء . وأن لا يحمل الناس على رأيه الفقهي . وأن يرفق بالمحتسبين .
نشاهد مظاهر شركية عديدة في عدد من المواقع من طواف بالقبور واستغاثة ودعاء غير الله ، أين المحتسبين من هذه السلوكيات التي تمس العقيدة ؟
طبعاً المسألة استفحلت ، وفي هذه المواقع لا يحتسب على هؤلاء إلا محتسب سلطاني .
أين المحتسب السلطاني إذن ؟
غير موجود .
لماذا ؟
الحسبة في النظام القائم مهمشة ولم تأخذ وضعها الطبيعي ، المجتمع الان معرض تماماً عن الحسبة وأخشى أن نصل لمرحلة يُستهجن فيها المحتسب .
مقاطعاً : هناك هيئة حكومية باسم المظالم والحسبة العامة ؟
هذه تقوم بدور الحسبة الإدارية فقط ، وتحتسب في مكاتب الحكومة وتراقب الأداء عموماً .
أين دورها في الاحتساب على المنكرات في المجتمع ؟
لا توجد جهة رسمية تحتسب في المجتمع وشؤونه .
البعض يقول إنكم تحتسبون على المجتمع وتغضون الطرف عن الاحتساب على الحكومة ؟
ليس صحيحاً ، لكن الاحتساب على الحكومة له ضوابط وهنا تسمى المناصحة ، وفي الحديث : ” من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده له علانية ؛ ولكن ليأخذ بيده فإن قبل منه فذاك ، وإلا فقد أدى الذي عليه ” .
من الذي يحتسب على الحاكم ؟
أهل العلم والعلماء .
حالياً كيف تقيم الاحتساب على الحاكم من قبل العلماء ؟
غير راضٍ عنه لأنه غير كافي .
الهيئات العلمية والمجامع الفقهية هل تمثل جانب الاحتساب على الحاكم ؟
لا ، لأنهم لا ينظروا للحسبة باعتبارها جزء من فقه الدولة أو ولاية سلطانية ، وإنما ينظرون لها باعتبارها جزء من الدعوة . وما من شك أن الحسبة عمل دعوي لكن ينبغي أن تخصص جهات خاصة بأمر الحسبة على المجتمع والحاكم .
ما دور هيئة علماء السودان في الاحتساب على الحاكم باعتبارها تجمع العلماء ؟
هي تجمع جزء من العلماء وليس كلهم ، وهي هيئة علمية دعوية ، وهناك جهود مقدرة ولكنها بطيئة وغير مطمئنة في مجال الاحتساب المجتمعي أو على الحاكم .
هل بالهيئة قسم خاص بالاحتساب وفقه الحسبة ؟
لا يوجد .
كيف تنظر للجهود المبذولة في مجال الحسبة ؟
لا أعلم جهود لمؤسسات متخصصة في مجال الحسبة سوى مؤسستين تقريباً (هيئة النصيحة ، هيئة تزكية المجتمع) ، وهناك جهود فردية .
في رأيك ما المنكرات التي ينبغي التركيز على إنكارها والاحتساب فيها حالياً ؟
إنكار الشريعة الإسلامية باعتبارها سيدة الأحكام والمرجعية عند المسلمين .
ما العهد الذهبي الذي تمكن فيه فقه الاحتساب ؟
في عهد نميري شهدت الحسبة عهدها الذهبي ، والآن الحاجة للاحتساب أكبر والتعرض للاستهداف الداخلي والخارجي كبير .
ما الأثر المترتب على المجتمع في حال شيوع الاحتساب ؟
في حال شيوع فقه الاحتساب سينقذ المجتمع من كثير من الأمراض والشرور ، وتؤدي إلى تماسك المجتمع وتختفي المجاهرة بالمعاصي والمنكرات ، والحسبة أفضل بديل للتمرد والخروج على الحاكم . والحسبة يمكن أن تقضي على الفساد إذا وجدت آذان صاغية .
قانون النظام العام هل يمكن اعتباره عمل احتسابي ؟
يمكن أن يكون من ناحية النظرية والإدارة لكن الذين يطبقونه غاب عنهم فقه الاحتساب ، وربما لم يدروا أنهم محتسبين أساساً .
كثيرون يستنكرون السلوك الذي يتعامل به أفراد النظام العام في تغيير بعض المنكرات أحياناً .. ما تعليقك ؟
حقيقة أنا لا أندهش لهذه الممارسات التي قد تغضب آخرين ، وذلك لانتشار المنكرات وتفشيها وجرأتهم على ممارستها .
البعض يأخذ على بعض المحتسبين الفظاظة والغلظة ما تعليقك ؟
الفظاظة والحسبة خطان لا يتلاقيان ، وهؤلاء ليسو محتسبين وقد يكونو مأجورين ومدفوعين من جهات ما غرضها تشويه صورة الاحتساب .
كأنك تريد اتهام جهات بتشويه صورة الاحتساب .. أليس صحيحاً ؟
بلى . أنا وآخرون في مجال الحسبة منذ التسعينات ؛ وللأسف دائماً ما نصطدم بجهات في الداخل ونحن متأكدون أنهم مدفوعون من الخارج .
ما القضايا التي كنتم تحتسبون فيها واصطدمتم بهذه الجهات ؟
الختان ، سيداو ، الجندرة ، سفر المرأة من غير محرم وغيرها من القضايا .
ما أبرز المهددات والتحديات التي تعترض طريق الاحتساب ؟
رسوخ المنكرات ، الجهل عن المحتسب والمحتسب عليه ، والتدخل الخارجي ، التمسك والتشبث بالمناصب .
كيف السبيل لإصلاح حال الاحتساب ؟
أولاً التوفيق من عند الله ، بروز جماعات تنشر ثقافة الاحتساب وتتحمل الأذى في سبيله .
ما يشغل بالك في مجال الاحتساب ؟
نحتاج الاحتساب في شعيرة الصلاة لملاحظة كثرة التهاون في أدائها ، كذلك في مجال المرأة دفاعاً عنها وعن قضاياها ، كذلك في مجال الإعلام والسياسة الشرعية .
الخرطوم (كوش نيوز)
يا شيخ كلامك عن الاحتساب و التمكين حسب المفهوم الديني لا غضاضه عليه , لكنك لا تعلم احدثوهو اناس نحسبهم من الصالحين اساءوا فهم هذه المدلولات الدينيه و اخرجوها من عطارها الاخروي و افرقوها تماما من حسها الايماني و بدأوا يكنزون من وراءها اموالا طائله من غير وجه حق … الاحتساب الان معناها عندما ينهب احد من المقربين اموال الدوله فعليك ان تحتسب ذلك و لا تشنع به و يخلوها مستوره فبذلك اتخذت هذه كسانحه من اجل تكميم الافواه و ستر الفاسدين و آكلي الاموال العامه بالسحت … اما التمكين ايضا خرج تماما عن معناه الاصلي و لم يعد , فاصبح هذا كوسيله لتعيين الاقارب و ابناء النافذين و اسرهم في المفاصل الدوله الحساسه حتي و ان لم يكونوا اكفاء وذو نواصي علميه . فالشواهد تقول ان بعض الذين حصلوا علي مناصب مهمه و عندما كان مؤهلاتهم لا تؤهلهم لذلك اختفظوا بالمنصب مع التفريق من العمل الي حين تكملة دراسته ثم المواصله من مال الدوله فهل هذا من الدين . حتي ادي ذلك الي انتشار الكذب و التقارير الكاذبه من اجل اجلاء اناس ابرياء من مناصبهم بحجه انهم من معارضه او ذو اصول اهل الحركات ثم تطور هذا الاحساس الي ان اصبح عنصريه بعينها و بصورتها النتنه فاشتعلت الحروب من جراءها و ضربت الحصار الاقتصادي و وضع السودان في دائرة الارهاب …. بصراحه الذين يريدون الامر المعروف و نهي عن المنكر فاليلتزموا بالقانون لأن القانون وحده القادر علي تصجيح المجتمع و علي الشيوخ الرجوع الي نواة المجتمع لتصحيحه وهي الاسره فبصلاح الاسره تنصلح المجتمع فاليتركوا الدوله الي من يفهموها و اياكم و الدغمسه مرة اخري و تكرار التجربه الفاشله و ازهاق الارواح البريئه … نحن نطالب بدولة المواطنه بحيث يحس كل مواطن بأن هذا البلد وطنه وهو ليس فيه غريب .