اقتصاد وأعمال

روسيا تدخل ملعب الاستثمار.. في انتظار البقية


منذ أن وقع الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما على رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان بعد إيفائه ببعض الشروط والرقابة لفترة ستة أشهر، ظل السودان شعبا وقيادة في انتظار القرار الرسمي والفعلي لرفع تلك العقوبات التي أرهقت الاقتصاد السوداني كثيراُ,

ومن بعده المواطن البسيط الذي تأثر مباشرة بتلك العقوبات الاقتصادية التي دامت قرابة العشرين عاماً، وقبل عشرة أيام بالتمام بدأت البنوك السودانية في التعامل الطبيعي مع جميع دول العالم إيذاناً بالرفع الرسمي للعقوبات الاقتصادية، فيما شهدت الأيام الماضية تدافع الكثير من الشركات والدول للدخول في استثمارات مختلفة في مرحلة ما بعد رفع الحظر الاقتصادي، واكثر ما يميز عودة هذه الاستثمارات هي العودة القوية المتوقعة لروسيا التي يتوقع ان تكون شراكة كبيرة مع السودان خاصة مع زيارة رئيس الجمهورية لموسكو الشهر المقبل. الأسبوع المنصرم هبطت طائرة خاصة على متنها تسعة أشخاص يرأسهم رجل الأعمال الروسي قسطنطين ميلاديف, وهو صاحب تلك الطائرة ومعها أسطول من الطائرات تساعده في ادارة أعماله في كافة مناحي العالم ، قسطنطين قال إنه زار السودان لأول مرة لكنه لم يتمكن من رؤية معالمه نتيجة لضيق الوقت, غير أنه استعان بفريق تلفزيوني أرسله إلى البركل والبجراوية في شمال السودان لإعداد فيلم خاص عن تلك المناطق ومعالمها الأثرية والسياحية لعرضها عليه وهو عائد إلى بلاده، وعقب اجتماع الرجل بوزراء المالية والمعادن والسياحة ومحافظ بنك السودان, قدم تنويرا قصيرا للإعلاميين, بدأ تنويره ذاك بمدخل سياسي مما يؤكد أنه ليس رجلا للأعمال فحسب, وإنما له من السياسة نصيب وافر، وسرد تاريخ روسيا عقب تقسيم الاتحاد السوفيتي ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بأنه رجل روسيا القوي. وقال إن بوتين استطاع أن يعيد إلى الروس حقوقهم التي باعها “خونة” من بلاده إلى الغرب بثمن بخس، ووصف قسطنطين السودان بأنه دولة صديقة وعريقة لروسيا، منوهاً إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه بعض البلدان تضع عقوبات على الخرطوم, كانت موسكو تقف معه في كل المجالات، وأضاف: (الشعب السوداني قريب جدا لقلوبنا ولنا معه صداقات وعلاقات طويلة)، وأكد ميلاديف أن اتصالاتهم مع الحكومة السودانية قديمة ومتجذرة، بيد أن الواقع الماثل يبسط على الزيارة أهمية خاصة لكونه يربطها برفع العقوبات، فموسكو مع أنها كانت تشكل تيارا قويا يقف أمام سياسات واشنطن طيلة الفترة الماضية، إلا انها تأثرت بصورة ما بالحظر الاقتصادي سيما الجانب المالي وحركة التحويلات ، فيما يرى بعض المراقبين ان الميدان الآن مفتوح أمام الروس للاستفادة من رفع العقوبات خاصة ان لهم صداقات قديمة مع السودان، وقالوا انه من المحتمل أن تشهد الفترة المقبلة صراعا في الفرص بين واشنطن وموسكو وبعض الدول الأخرى ذات النفوذ الاقتصادي.

فيما قال ميلاديف, ان الملفات التي طرحت سيتم التوقيع عليها في شكل اتفاقيات بين الجانبين في روسيا، وأكد الرجل أنه دفع بمقترحات كبيرة تمكن الخرطوم وموسكو من تأسيس شراكة اقتصادية قوية، من بينها عرض روسي من استخدام تكنولوجيا تقنية الفضاء الروسية لاكتشاف واستخراج النفط، منوها إلى أن هذه التقنية فريدة من نوعها وليست متوفرة إلا عند روسيا، فضلا عن الدخول في شراكات واستثمارات في مجال الذهب وإنشاء بورصة للذهب على طراز عالمي، وأشار قسطنطين الى ان لقاءاته مع بعض الوزراء ناقشت كيفية استفادة السودان اقتصاديا بعد رفع الحظر، لافتا إلى أنه طرح فكرة إقامة منتجع على ساحل البحر الأحمر يضاهي وربما يفوق منتجعات شرم الشيخ المصرية ,وأضاف: “نأمل أن نجد إجابات لكل ما طرحناه ونوقع عليها معا في موسكو”.

ولم يكتف الوفد بالحديث عن البزنس, وإنما تعداه إلى تقديم مقترحات على الحكومة ممثلة في البنك المركزي بشأن كيفية معالجة ديون السودان عبر تلك المشاريع، وأوضح أن الاتفاقيات التي توقع ستضع فيها مصلحة السودان أولا وأن الفائدة الأكبر ستعود على الشعب السوداني خلال تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي، فيما أبدى بعض المراقبين استغرابهم لعدم مناقشة الوفد الروسي لمجال الاستثمار في الزراعة خاصة أن روسيا دولة لديها خبرات زراعية كبيرة وتمتلك تقانة في ذلك، فيما أبدى ميلاديف أسفه لعدم تمكنهم من التطرق إلى الزراعة بيد انه أشار إلى امتلاكه عشرين ألف هكتار بالقرب من العاصمة موسكو ولديه ثروة حيوانية مقدرة , وحصل أحد ثيرانه على الميدالية الذهبية في روسيا كأضخم ثور في بلاده، وقال إنه لا يمانع في التواصل إلى تفاهمات في مجال الزراعة مع السودان، وأكد قسطنطين أنه سيستضيف رجال الأعمال السودانيين الذين سيرافقون الرئيس إلى موسكو الشهر المقبل.حسناً, بعد زيارة رجل الأعمال الروسي قسطنطين للخرطوم , يكون السودان بدأ فعليا في استقطاب الاستثمارات الأوربية بيد أن العمل الفعلي بدخول هذه الاستثمارات ينتظر الكثير من التسهيلات والمرونة حتى لا يهرب الروس كما هرب البعض من الاستثمار في الأراضي السودانية الغنية بمواردها المختلفة.

جعفر باعو
الانتباهة