تحقيقات وتقارير

حلايب المحتلة .. حينما يبكي الرجال

قبل أن نقف على الجزء الجنوبي من البوابة التي صنعها المستعمر المصري لحلايب, لم ينجح الزميل حافظ الخير في السيطرة على مشاعر الغبن وترك مقلتيه ترسلان الدموع حرقة على أرض سودانية يقف عليها غاصب يجاورنا حدودياً،

لم يكن الوصول لبوابة حداربة صعباً كما كان في وقت سابق، فحكومة علي حامد تركت الخيار لمن يريد الوقوف جنوب الاسلاك المصنوعة حتى يتذكروا دوما أن شمالا باتجاه المثلث أرض سودانية ستعود يوماً وإن طال الزمن، ووقف هو كذلك مرات عديدة عند تلك البوابة وأدى صلاة العيد في وقت سابق في الجزء الجنوبي من المثلث، ومنذ أن يرى أفراد الجيش المصري ارتالاً من البشر يتوجهون نحو البوابة حتى يبدأوا الاستعداد, وكأن القادمين ينوون خوض حرب من أجل الاسترداد – وسيحدث يوماً- بيد أن جل من يزور تلك المنطقة فهم من أهل الإعلام الذي يلتقط الصور التذكارية والتي سيحكيها للأجيال القادمة بعد ان تسترد الأرض المحتلة، ما يختلف في زيارتنا للجزء الجنوبي من بوابة المثلث عن الزيارات السابقة , هو زيادة الانتماء لمن هم داخل المثلث لأرض النيلين ومقرنهما.
تصوير متبادل
منذ أن وصلنا على مقربة من البوابة وقف من يجلسون على برجي المراقبة على أطراف البوابة, أحدهما كان يحمل كاميرا حديثه وبدأ يلتقط لنا الصور فبادلته بفعل ذلك والتقطت له عدداً من الصور، ثم فضل ذاك الفرد والذي أعتقد أنه يتبع للمخابرات المصرية لأنه لم يكن يرتدي زياً عسكرياً , والتقط صوراً من الجزء الشمالي للبوابة, وفعلنا معه ذات الفعل، وبالقرب من ذاك الشخص كانت هناك شاحنات تحمل لوحات مصرية تفرغ في شحنة أخشاب وأخرى تنتظر في الجانب الجنوبي لنقل تلك الأخشاب لداخل السودان، وتساءلنا عن ضرورة دخول أخشاب لا نستفيد منها اقتصاديا كما تستفيد مصر منها, ولكن بالطبع لم نجد إجابة منطقية، معتمد حلايب عثمان أحمد عثمان السمري, قال لنا إن التجارة القادمة من مصر عبر شلاتين انخفضت بنسبة 50% بعد القرارات الاقتصادية بإيقاف التجارة مع مصر. وأكد أن البضائع القادمة من مصر , معظمها غير ذات جدوى اقتصادية، وكان مطلبنا جميعا بضرورة إيقاف كل التبادل التجاري مع القاهرة بما في ذلك الأخشاب التي لا جدوى منها.
طلاب عائدون
خلال الفترة الماضية, أدرك السودانيون الموجدون داخل المثلث المحتل ضعف العملية التعليمية عبر المنهج المصري لذا بدأت الأسر في إرسال أبنائها للتعليم في المدارس السودانية الموجودة في عاصمة حلايب أوسيف . وشهدت المدينة خلال هذا العام عودة أكثر من ثلاثة عشر تلميذاً ليدرسوا في المدارس السودانية, ومتوقع زيادة هذا العدد خلال الفترة المقبلة خاصة مع انتهاج حكومة الولاية لسياسة الداخليات التي تسهم بصورة كبيرة في تحفيز أسر التلاميذ على ابتعاث ابنائهم للدراسة، وقطع لنا السمري بتمسك المواطنين بسودانية المنطقة. وطالب بالمزيد من الدعم لمحليته لتكملة مشروعات التنمية بالمحلية, وأكد على إنشاء 4مدارس وداخليات للطلاب بالمحلية في غضون الفترة الماضية, منوهاً لتعاونهم مع العديد من الجهات لتقديم المزيد من الخدمات حتى تكون المحلية أكثر جذباً للمواطنين بالمثلث المحتل, قاطعاً بأنه تم إنشاء داخليات بالمحلية للمساهمة في استقرار التعليم.
الميناء والمفوضية مطلبان
محمد شريف مواطن من أبناء الشرق يعيش جزءاً من أيامه داخل المثلث ثم يتسلل لزيارة أهله في اوسيف وقابتيت وغيرهما من مناطق المحلية ، وجدناه على بعد من البوابة وسألته عن أوضاع المواطنين داخل المثلث المحتل, فقال لي ان المواطنين يعانون كثيرا داخل المثلث ولا يجدون حريتهم في أي شيء حتى ان أرادوا الاحتفال بالمناسبات الوطنية مثل الاستقلال أو غيره من المناسبات السودانية, فإنهم يعرضون أنفسهم للمخاطر. وكشف شريف عن المعاناة النفسية وتقييد الحركة التي يجدها المواطن داخل المثلث, وطالب الحكومة المركزية بضرورة إنشاء مفوضية لحلايب اسوة بأبيي. وقال ان حلايب الكبرى لم تجد اهتماماً من الحكومات الولائية السابقة عدا الاهتمام الكبير الذي وجدته المحلية من حكومة علي أحمد حامد. وقال شريف إنهم كمواطنين داخل المثلث لا يهمهم الخدمات التي يقدمها المصريون لكسب انتمائهم لهم ,فنحن لا نبدل انتماءنا للسودان ولو بكنوز الدنيا ولا نبيع حريتنا بالخدمات التي توفرها مصر مع الضغوط النفسية لنا جميعا، وقال شريف إن على الحكومة المركزية والولائية توفير وسائل لكسب المعيشة حتى يتم جذب المواطنين من الأرض المحتلة لأوسيف , ومن الاولويات التي نطالب بها هي إعادة تشغيل ميناء أوسيف الذي يفيد الاقتصاد القومي والولائي ويفيد مواطني حلايب كثيرا. معتمد المحلية السمري قال لنا نحن كذلك نطالب بهذا الميناء الذي يحقق نقلة كبيرة بالمحلية ويسهم في تحقيق قيمة مضافة لمحليته , فضلا عن توفيره لفرص عمل للشباب والعاملين بمحليته, واضاف إنهم في المحلية لديهم مشروعات استزراع سمكي وقوارب صيد سيتم تدشينها قريبا من أجل تشغيل الشباب.
التمسك بالأرض
على الرغم من الخدمات التي تقدم للمواطنين السودانيين داخل المثلث المحتل بيد ان جميع السكان هناك متمسكون بأرضهم وسودانيتهم مما جعل حكومة الولاية ممثلة في المحلية في توفير الكثير من الخدمات للمواطنين جنوب المثلث لإحداث استقرار لهم، خاصة وان عددهم يصل الى تسعة وأربعين الف نسمة موزعين في ثماني قرى تبدأ من البوابة 24 حتى بوابة حداربة فيما يصل عدد المواطنين السودانيين داخل المثلث الى ستة وخمسين الف نسمة، ويمتاز الشريط الحدودي في تلك المناطق بالمعادن المختلفة ويكثر المعدنيون الأهليون الى جانب بعض الشركات التي تعمل في هذا المجال رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها والتي نجحت المحلية في السيطرة عليها، فيما كشف معتمد حلايب عثمان السمري عن الاعتداءات التي تتم من قبل السلطات المصرية على المواطنين السودانيين في ذاك الشريط. وقال آخرها كان المعدنيون السودانيون حيث استقبلت عاصمة المحلية اوسيف أكثر من تسعمائة وأربعة معدنين, كانوا يعدنون في أرضهم داخل المثلث ولكن السلطات المصرية اعتدت عليهم وتم احتواؤهم في اوسيف، ورفع الأمر لوالي البحر الأحمر ومنه لوزارتي الخارجية والدفاع .وقال السمري ان المواطنين داخل المثلث متواصلون مع أهلهم خارجها في جميع مناساباتهم الاجتماعية والتواصل بينهم لا ينقطع لإيمانهم بأنهم شيء واحد، كما أن الإنسان هناك لديه ارتباط بمنطقته التي لا يريد أن يغادرها، كما توجد قوات مسلحة داخل المثلث المحتل وتواصلنا معها مستمر لا ينقطع. وأضاف السمري انهم الآن يقومون بعمل كبير في عقبة وادي العلاقي التي تشتهر بالتعدين, وهي تقع على الشريط الحدودي, ولكن الطريق اليها كان صعبا وبعد الانتهاء من هذه العقبة سيكون التواصل سهلا الى جانب انتشار قوات سودانية تعمل على حماية المعدنين ومكافحة التهريب.
وأكد السمري انهم يعملون على توفير كافة الخدمات للمواطنين في حلايب بدءاً من حل مشكلة المياه جذريا , وقال ان المحلية الآن تشرب مياهاً نقية تماما بفضل جهود حكومة الولاية مع المحلية, وأعلن وصول محطة كهرباء المحلية وهي في طور تركيبها , مشيرا الى أنها تغطي جميع مناطق المحلية بجانب تغذية بعض المحليات المجاورة, متعهدا بالاستمرار في تنفيذ المزيد من المشروعات الخدمية في الفترة المقبلة.
تحديات حلايب
حسناً , تحديات كثيرة تواجه حلايب خاصة الجزء خارج المثلث المحتل منها باعتبار أن الدولة مطالبة بتوفير المزيد من الخدمات الضرورية للمواطنين والعمل على توفير سبل كسب المعيشة فيها، عدد من المواطنين التقتهم (الإنتباهة) وجلهم وجدناهم يطالب بضرورة إعادة تشغيل ميناء أوسيف الذي يوفر فرص عمل لهم وتحسين أوضاعهم، واتفق السمري مع المواطنين في مطلبهم هذا. وقال نرجو من المركز المزيد من الاهتمام بحلايب لخصوصيتها, حيث نعمل في ظل وضع صعب للغاية، لوجود جزء كبير من أرضنا محتلاً، ومازلنا في حاجة للمزيد من المشروعات حتى نتمكن من تغيير المنطقة ونهيئها بالصورة التي نطمح بها مما يعتبر أكبر التحديات التي تواجه المحلية، وثمن السمري جهود والي الولاية الذي لم يبخل على المحلية سواء كانت بالزيارات المتواصلة أو الدعم المتصل.

الانتباهه.

‫3 تعليقات

  1. الان مصر تقيم سد لتخزين مياه الامطار والسيول ، علما بان مصر كلها ليس بها امطار ، فماذا نحن فاعلون

  2. مصر تقيم سد لتخزين مياه الامطار والسيول فى شلاتين ؟؟؟ تقيم سد في أرضنا ؟؟؟ الى متى هذا السكوت من حكومتنا ؟؟؟

  3. الى متى هذا الزل والهوان قاطعوا كل ما هو مصرى اغلقوا الحدود اطردوا السفير الغوا اتفاقية مياه النيل وهذا اضعف الايمان