تحقيقات وتقارير

الجرافات المصرية في السودان .. الصيد في المياه (العكرة)

يبدو أن خبر القبض على مراكب الصيد المصرية في السواحل السودانية لم يعد خبراً مثيراً للاهتمام في ظل تعدد الحالات المماثلة؛ ففي كل مرة تضبط القوات السودانية قارباً أو جرافة مصرية في الساحل الشمالي لمدينة بورتسودان، آخرها توقيف السلطات بمحلية حلايب لـ3 مراكب صيد مصرية داخل المياه السودانية بعد اختراقها الحدود البحرية لممارسة الصيد، في وقت برأت فيه محكمة سودانية 36 صياداً مصرياً من ذات التهمة، ووفقاً لمصادر (السوداني) فإن ثمة قوات مصرية اخترقت الحدود واقتادت 12 معدناً سودانياً شمال غرب أوسيف، ما يشي بأن حرب التصريحات والإعلام تحولت إلى مساحة أخرى وبأسلوب آخر..

محاولات ومغامرات:
فالقاهرة -وفقاً لتقارير إعلامية- قضت على معظم ثرواتها البحرية في سواحلها وشواطئها على البحرين (الأحمر والأبيض)، فلم تجد مناصاً من الاتجاه جنوباً.. وعملت بشكل رسمي للحصول على أذونات لممارسة الصيد القاري بالجرافات عبر اللجنة الولائية المكونة بمدينة بورتسودان وفقاً لاشتراطات معلومة.. في مقابل ذلك تكررت محاولة التسلل للسواحل السودانية خفيةً لممارسة الصيد بشكل غير قانوني، بيد أن يقظة الأجهزة العسكرية والأمنية المناط بها حماية الحدود البحرية السودانية ظلت في الآونة الأخيرة تُضيِّق الخناق على الاختراقات المصرية؛ فخلال يومين ألقت سلطات محلية حلايب القبض على ثلاثة مراكب صيد مصرية داخل المياه السودانية.. وطبقاً لمعلومات (السوداني) فإن المراكب اخترقت الحدود البحرية السودانية لممارسة الصيد في الساحل السوداني بطرق غير شرعية، إلا أن القوات البحرية تمكنت من ملاحقتها والقبض عليها وتم إيقاف طاقمها المكون من (٣٢) شخصاً، سبق ذلك إحباط القوات البحرية بمحلية جبيت المعادن محاولة جرافة مصرية (مركب صيد كبير) ممارسة الصيد بمحمية دنقناب قبالة جزيرة مقرسم.
قصة براءة:
وعلمت (السوداني) أن الجرافة المكون طاقمها من (37) بحاراً على متنها سمك يزن حوالي ٤٥ طناً، وأوضح وزير الثروة السمكية بولاية البحر الأحمر العقيد عبد القادر محمود الشاذلي في تصريحات سابقة، أن الجرافة المضبوطة هي واحدة من الجرافات المصدق لها بالجرف في الساحل السوداني، وتم القبض عليها في طريق عودتها من بورتسودان إلى مصر بعد أن خرجت من مسارها، مشيراً إلى أن الكمية المضبوطة من الأسماك هي ذات الكمية المصدقة لها، لكن المخالفة تمثلت في خروجها من مسارها وممارسة الصيد في مكان غير مصدق به.
وكشف الشاذلي أن الجرافة هي واحدة من أصل ١٨ جرافة مصرية مصدق لها من قبل وزارة الثروة السمكية بولاية البحر الأحمر، تمارس الجرف بالساحل السوداني هذا الموسم. وطبقاً للمعلومات فإن السلطات احتجزت الجرافة بمرسى محمد قول ودونت بلاغات في مواجهة طاقمها وأحيلت البلاغات من نيابة البحر الأحمر إلى محكمة جنايات بورتسودان التي قضت في جلستها الخميس الماضي بالإفراج عن 36 منهم وأبقت الاتهام في مواجهة قائد المركب محمد علوش الذي أقر بمسؤوليته الكاملة بقيادة المركب، وقال صاحب الجرافة إبراهيم الداش وفقاً لتقارير إعلامية أمس، إن المحكمة المنعقدة في مدينة بورسودان، قضت ببراءة 35 صيادًا، إضافة إلى ميكانيكي المركب، من تهمة اختراق ساحل الدولة، بينما لم تحسم بعد موقف “المركب” أو رئيسه محمد علوش. وأوضح صاحب المركب أن المحكمة قضت بالقرار السابق؛ بسبب خلو ساحة الصيادين من أي اتهامات، وأنهم لم يخترقوا الساحل أو يتجاوزوا القوانين، بل لجأوا للاحتماء من نوة الكرم الكبرى التي تصاحبها رياح تزيد سرعتها عن 30 عقدة بحرية، وارتفاع في الأمواج متجاوزًا 4 أمتار حينها. وأشار إلى أن ذلك أمر متبع حيث تلجأ مراكب الصيد إلى المناطق الضحلة تجنباً للرياح والأمواج العالية، وأضاف: “يرجع قرار المحكمة بتأجيل محاكمة رئيس المركب وتحديد موقفها للاثنين المقبل، تجنباً لرفع المفرج عنهم قضية على الدولة”، وقال: “إذا أخذنا إفراجاً للجميع بالمركب ورئيسه سنرفع قضية من أجل السمك الذي صدناه وانتهى مصيره بالتلف”.
وكشف عن أن القانون الدولي يتيح لمالك المركب أو وكيل المركب المنوب عنه رفع دعوى قضائية يطالب فيها بتعويض مادي عن أطنان السمك التي تعرضت للتلف، خلال احتجازهم بميناء محمد قول، خاصة وأنه تم اصطيادها بطريقة شرعية، من المياه الإقليمية السودانية، وبمرافقة 4 مندوبين من الثروة السمكية، بعد موافقات رسمية وسداد 12 ألف دولار لإدارة الثروة السمكية هناك، وتوقع أن تقرر المحكمة في جلسة الاثنين المقبل توقيع غرامة على رئيس المركب علوش والمركب أيضاً. ولفت إلى أنه يطمئن يومياً على الصيادين وهم بخير ومتواجدون في استراحة بمدينة بورسودان، وكان المركب “محمد الداش”، خرج في رحلة صيد منتصف ديسمبر الماضي من ميناء برنيس للصيد في المياه الإقليمية للسودان، وعلى متنه 37 صيادًا بينهم رئيسه والميكانيكي، وعقب انتهاء رحلتهم التي استغرقت شهرًا وهم في طريقهم للعودة احتجزوا بالسودان.

منذ 84:
من جهته أكد رئيس اتحاد الصيادين بولاية البحر الأحمر حسن منيب هجينة في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن السودان سمح بالصيد للجارة مصر بطرق قانونية ووفقاً لاشتراطات وضوابط دقيقة ليحقق بذلك مكاسب عديدة أكبرها وأبرزها الاستفادة من استثمار ثروته السمكية وتوفير سوق معقول لمصر تبتاع منه ما تحتاجه من أسماك، مشيراً إلى أن الجرافات المصرية تعمل منذ العام 1984م في الحصول على تراخيص لممارسة الصيد بالجرف في السواحل السودانية نظير دفع مبالغ مالية للسودان مع الالتزام بالضوابط والاشتراطات المتفق عليها.
استراتيجية الخرطوم:
وكشف منيب عن استراتيجية حكومة البحر الأحمر بدعم من والي الولاية علي أحمد حامد لسودنة النشاط في الجرف القاري وتمكين القطاع الخاص السوداني من امتلاك جرافات للاستفادة من ثروة البلاد السمكية. وأعلن رئيس اتحاد الصيادين رفضه المطلق لاختراقات مراكب الصيد المصرية للحدود السودانية، وأضاف: “نحن فتحنا الباب أمام الصيد بالطرق الرسمية فلمَ يأتوننا متلصصين؟”.
وأشار إلى أن السودان وطن يحترم جيرانه وأنه حتى عند القبض على المراكب المخترقة للحدود تتم معاملتهم بشكل كريم ووفقاً للقانون. وأبدى منيب امتعاضه لحديث صاحب الجرافة المحتجزة برفع دعوى ضد السودان للمطالبة بالتعويض عن السمك الذي تعرض للتلف في الجرافة، وأضاف: “الجرافة صحيح اصطادت بطريقة رسمية لكنها خالفت القانون بدخولها للمحمية ويجب على أخوتنا المصريين احترام القانون السوداني وعدم تجاوز حدودهم”.

المعاملة بالمثل:
اختراق الحدود واعتقال معدنين سودانيين من قبل القاهرة، بدا أمراً مستفزاً للبعض، وطالب مراقبون السلطات السودانية بمعاملة مصر بالمثل، منادين بضرورة تشديد العقوبات وتغليظ الإدانة حتى لا تتكرر الاختراقات وألا تمنح أي تسهيلات أو معاملة خاصة لمخترقي الحدود السودانية. ويذهبون إلى أنه كثيراً ما تعتقل السلطات المصرية سودانيين من داخل الأراضي السودانية لكنها لا تعلن عنهم ولا تخضعهم لمحاكمة عادلة ولا تعاملهم معاملة كريمة، وأكدت مصادر متطابقة في حديثها لـ(السوداني) أمس، حدوث اختراق جديد للجيش المصري للحدود السودانية الخميس الماضي واقتيادها (١٢) سودانياً يعملون في مجال التعدين التقليدي بوادي العلاقي شمال غرب أوسيف، دون إعلان أي أسباب أو مكان احتجازهم، كما تشن حملات كبيرة من وقت لآخر داخل مثلث حلايب على السودانيين المقيمين من غير أبناء قبائل البشارييين والعبابدة – السكان الأصليين – بغرض مضايقتهم وإجبارهم على الخروج من مناطق المثلث إلى السودان في إطار سعيها لتمصير السكان بالترغيب والترهيب، وطالب المتابعون والمراقبون بتغيير استراتيجية التعامل السوداني للمخالفين المصريين للقوانين السودانية.

تقرير: عبد القادر باكاش
السوداني

‫3 تعليقات

  1. الذي يفقع المرارة كيف يسمح لجرافات أجنبية بالصيد الجائر داخل حدودنا؟؟ وعلى أي أساس تمنح لهم تصاريح؟؟ وفي نفس الوقت يتم القبض على أي سوداني يقوم بالصيد بالقرب من حدود مصر وليس داخلها ويودع السجن وتتم مصادرة مرابك الصيد وبما تحمله؟؟؟؟؟ ما هو رأي والي الولاية التي أصبحت مستباحة للمصريين ومخابراتهم بالرغم أن الوالي جاء من خلفية أمنية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! افيقوا أيها المسؤولين النائمين في الخرطوم وبورتسودان.

  2. بالمناسبة كلمة جرافة دي براها تفقع المرارة وترفع الضغط والسكرى
    اوقفوا اي تصديق لجيران السؤ .
    اشتروا بواخر ولو بالدين وسددوا قيمتها من مواردها _ هسي دي دايرة ليها درس عصر يا حكومة البحر الاحمر ؟.