سياسية

لجنة مختصة لإعداده دستور السودان.. عودة جدل (الديمومة)

يعد الدستور الانتقالي للعام 2005م، (نيفاشا) هو الدستور الساري في السودان، منذ التوقيع عليه ضمن بنود نيفاشا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، فالإتفاقية تضمنت نصاً يسمح باستمرار دستور العام 2005م، حال انفصل الجنوب بموجب حق تقرير المصير الوارد في ذات الاتفاقية والمحدد له العام 2011م بعد الفترة الانتقالية بستة أعوام، وما حدث هو أن الجنوب انفصل بدولته في استحقاق تقرير المصير بعد أن صوت مواطنو الجنوب لخيار الانفصال والاتجاه جنوباً بدولتهم، واستمر العمل بالدستور الانتقالي وسط مطالبات متكررة بصياغة دستور جديد يتوافق مع المتغيرات الجديدة في السودان، إلى أن قام الحوار الوطني الذي شاركت فيه مجموعة كبيرة من القوى السياسية، وتم الاتفاق على صياغة دستور جديد تتفق عليه القوى السياسية كأحد أهم توصيات الحوار الوطني، ومع ذلك ما زال الجدل قائماً بشأن الدستور الدائم.

مراجعات متصلة

وحملت صحف الخرطوم أمس أن رئيس الجمهورية عمر البشير أشار إلى مراجعات ستعكف عليها الدولة في الأيام القادمة متصلة بالممارسة السياسية سواء على تنظيم الأحزاب أو الانتخابات، وأماط الرئيس اللثام عن المشاورات المكثفة لإعداد دستور دائم للبلاد، مؤكداً توجيهه برفع التوصيات المتعلقة بالحكم والإدارة وإصلاح الدولة إلى الآلية المرتقبة لإعداد الدستور، وتوقع البشير خلال حديثه أن تتسع المشاركة في حوار واسع ومتخصص ومهني في إعداد دستور البلاد وصياغة وتحديد مسارات إقراره وإجازته، مشيراً إلى أن إعداد الدستور لن يستثنى أحداً في المشاركة وفق الوثيقة الوطنية إلا من أبى.

وكشف البشير أن الأيام المقبلة ستشهد مشاورات مكثفة لإعداد الدستور الدائم، بعد أن ظلت البلاد تحكم بدساتير مؤقتة ردحاً من الزمان.

مخالف للحوار

الحديث عن الدستور الدائم للسودان، أعاد الجدل مرة أخرى بعد أن تم الإعلان عن قرب إنشاء لجان مختصة للإعداد للدستور، أغلب الاختلافات أبدتها القوى المشاركة في الحوار الوطني، وقال القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر إن ما تم الاتفاق عليه في الحوار الوطني هو تكليف مجلس تأسيسي منتخب غرضه الأساسي الإعداد للدستور واستفتاء الشعب السوداني عليه، وقال كمال عمر خلال حديثه لـ(الصيحة) إن الدستور هو عقد الدولة وإنه متفق عليه بنص الحوار الوطني وليس حقاً للمؤتمر الوطني ليقرر فيه كما يشاء، وشدد عمر على حق اللجنة العليا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني في القيام بالإعداد للدستور، مؤكداً على أن الإعداد للدستور سيكون بعد العام 2020م، بسبب تقيد العملية بالجمعية التأسيسية المنتخبة، وبعض الترتيبات الأخرى كالحريات والمفوضيات، خاصة مفوضية الانتخابات ومحاربة الفساد والإصلاح الإداري، والخدمة المدنية، ونفى كمال عمر أن يكون ما طرح بشأن الإعداد للدستور قد جاء في مخرجات الحوار الوطني، وزاد بأن الدستور مرهون بقيام انتخابات حرة وانتخاب لجنة تأسيسية، خاصة وأن السودان ما زال يعاني من ويلات الحرب وتعنت بعض القوى السياسية ونفورها من الحوار.

بين خيارين

فيما شدد الخبير القانوني رئيس حزب العدالة أمين بناني على أن الدستور الدائم يعقد بواسطة لجنة تأسيسية منتخبة، ويعرض على برلمان منتخب، وقال بناني خلال حديثه لـ(الصيحة) إن البرلمان الحالي لا يعتبر منتخباً بسبب التعيين الذي تم فيه بعد الحوار، وطالب بناني بضرورة قيام انتخابات حرة ونزيهة ومتفق عليها توكل لها مهام الإعداد للدستور، وزاد بناني بأن الحوار لم يعد مغرياً كما كان بسبب عدم تحقيق غاياته حتى اللحظة، وعن ما دار بشأن تكوين لجنة للإعداد للدستور قال “بناني” إن اللجنة من الممكن أن تكون فنية فقط، إذا أراد حزب المؤتمر الوطني ذلك، وقال إن الإجراء بهذه الطريقة يعتبر غير قانوني وخطأ سياسياً يخالف ما تم الاتفاق عليه في الحوار، مشيراً إلى أن الوضع الحالي غير مهيأ لانتخابات حرة ونزيهة، وأضاف أن ما تم يعتبر إخراجاً سيئاً لنوايا سيئة..

لجنة خاصة

بينما نفى الخبير القانوني القيادي بالمؤتمر الوطني الفاضل حاج سليمان أن يكون الإعداد للدستور قبل انتخابات 2020م غير قانوني، وقال الفاضل في حديثه لـ(الصيحة) إن السودان ما زال يعمل بدستور العام 2005م رغم انتهاء أجله، وشدد الفاضل على ضرورة الاتفاق على لجنة الدستور خاصة بعد الاتفاق السياسي الذي تمخض عن الحوار الوطني الذي جرى بين القوى السياسية، مؤكداً على أنه من الأفضل أن تصل البلاد إلى انتخابات 2020م عبر دستور متفق عليه، وأن ذلك لا يتنافى مع الحوار والاتفاق السياسي في ظل وجود الهيئة التشريعية القومية المنتخبة بشقيها المجلس الوطني ومجلس الولايات التي يحق لها تشكيل جمعية تأسيسية للإعداد للدستور، وزاد الفاضل بأنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الدستور فمن الممكن أن تجرى انتخابات العام 2020م في ظل الدستور الحالي، حال تعذر الاتفاق على دستور مجمع عليه من القوى السياسية والحركات المسلحة.

الصيحة.