كوش نيوز: تروي كواليس حفل “ود الأمين” الشهير
جمهور محترم لفنان عبقري، هذا كان أول وصف فريق (كوش نيوز) الذي غطى حصرياً حفل فنان السودان الأول الأستاذ ” محمد الأمين” الذي يحلو لمعجبيه بلقب “الباشكاتب” أمسية الجمعة 16 مارس 2018 على مسرح نادي الضباط بالعاصمة السودانية الخرطوم.
تزين مسرح نادي ضباط قوات الشعب المسلحة في إنتظاره بإنارة باهرة قبل عدة ساعات من حضوره إلى المسرح، كما أخذ جمهوره مقاعدهم، والذين ضاق بهم المكان على رحابته فظل البعض واقفاً على أرجله طوال ساعات الحفل، ظهر “الباشكاتب” بأناقته الكاملة التي تعود جمهوره عليها حوالي التاسعة مساءاً، وسط تصفيق وتحية من الحشود التي جاءت من كل حدب وصوب،لتستمع للفن الأصيل الذي طالما تعطشت إليه، إلى أن شرع في آداء إحدى درره أغنية“زاد الشجون” التي شاركه الجمهور ترديدها بصوت عال إهتز به المسرح،توقف ود الأمين عن الغناء وأطبق يديه قائلاً :ماهو يا تغنوا انتو يا اغني أنا، مما يبدو أن ترديد الجمهور قد أفسد مزاجه، ولكن سرعان ما عاد إلى مداعبته لجمهوره في بقية الحفل وهم يرددون معه (ياحاسدين غرامنا) التي ختم بها الحفل، الذي قارب دخله النصف مليار جنيه سوداني في أكبر دخل لفنان سوداني.
لاقت تداعيات هذا الحفل إهتماماً واسعاً من عدة وسائل إعلام عربية ومحلية وكتاب كبار ومشاهير ومستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي الذي كان فيها الحذث الأبرز،عقدوا مقارنة بين موقفه مع جمهوره وبين فنانين عرب كبار أمثال ككوكب الشرق ” أم كلثوم” و”عبدالحليم حافظ” وقعوا في مواقف مشابهة مع جمهورهم وإن اختلفت ردة الفعل.
ولد الفنان السوداني محمد الأمين حمد النيل الطاهر الإزيرق فى 20 فبراير 1945م ، ومنذ صغره وهو بعد لم يتجاوز الرابعة من العمر كان يدندن بصوته ويلحن بل عندما يطلب شيئاً وهو فى هذه السن الطفولية، كان يطلبه بشكل لحن ومنذ نشأته كان متعلقاً بالفن والموسيقي وفي تحركات طفولته ما بين أهله ودار أبيه وأعمامه في ود مدني تارة وفي (ود النعيم) إحدى ضواحي ود مدني حيث الجذور، ومنذ صباه كان يهوى العزف على آلة (المزمار)، وفي نهاية الخمسينات من القرن الماضى بدأ محمد الأمين بتعلم آلة العود، ويرجع الفضل في ذلك الى الاستاذ السر محمد فضل الذي درس محمد الأمين كيفية العزف على العود، كما كان مُدرسه فى المرحلة الابتدائية بمدرسة الشرقية الأولية.
تميزت تجربة “ود الامين” ببعد رسالي ونضالي وثوري وهو ما أكسبها عافيتها، ومميزها عن كثير من التجارب الغنائية التي دارت جلها في فلك شكوى ونجوى الحبيب وغنج المحبوبة، ليغيب الوطن والناس عن تجاربهم وسط سطوة الخصل المسدلة وأزقة الحب الضيقة وتعسيلة المحبوبة ودلالها وأجندتها الغرائزية.
فبمثلما كانت ثورة اكتوبر بتفجرها فى العام 1964م انطلاقة للشارع السودانى، فإنها بكل تأكيد بمثابة (انطلاقة) وصرخة مبلاد للمبتدئ حينها محمد الأمين، ففي الاحتفال الذي أقيم بمدني بمناسبة ثورة اكتوبر، وبحضور الفنان محمد وردي وعدد كبير من المسؤلين بإذاعة ام درمان، قدم ابو اللمين نشيد (أكتوبر 21) للشاعر الصحفي فضل الله محمد الطالب -حينها- بجامعة الخرطوم، وصاحبه الاستاذ محمد وردي بالعزف على العود في نشيد أصبح الصبح، هذا النشيد ساهم بشكل بارز في إنطلاقة محمد الأمين وشجعه على العودة مجددًا الى الخرطوم وتسجيل النشيد، لتفتح الإذاعة أبوابها له لتسجيل كل أعماله الوطنية والعاطفية، ويعتلي قمة الفن في السودان.
أبومهند العيسابي
الخرطوم (كوش نيوز)