حوارات ولقاءات

النائب الأسبق للرئيس”جعفر نميري”، “أبو القاسم محمد إبراهيم” يحكي في أخطر اعترافات

مايو اختلفت مع الشعب وما في زول ولا قائد أعلي من الشعب لأنه هو الفيصل النهائي

كنا نتوقع قيام انتفاضة ، كنا نقوم بنصح النميرى (لكن ماخلى واحد فينا قاعد)…!!

حاجات كتيرة قصمت ظهر ثورة مايو ، ما حاجة واحدة..!

لم تقف سنواته التي تخطت الثمانين عاماً حائلاً بينه وبين قوته وحزمه اللذين اتصف بهما طوال فترة الحكم المايوي ومناداته بـ (رجل المدرعات القوي) كشفت عن حجم شراسته في الدفاع عن النظام والذود عن حماه، كيف لا وهو الذي ظل مشاركاً حتى نهاية الستينات من القرن الماضي في التحضير لإنقلاب 25 مايو 1969م، وقد كان له سهم كبير عندما شارك بكتيبة المظلات التي أسهم في تأسيسها، وكان لها الدور الأكبر في نجاح الحركة الانقلابية، ليتدرج بعدها من خلال عمله حتى أصبح النائب الأول لرئيس الجمهورية.
ظل الرائد “أبو القاسم محمد إبراهيم” ، يدافع وينافح عن فترة مايو، طيلة حوارنا معه الذي (اقتلعناه منه عنوة) عقب رفضه الجلوس إلينا لمرارات، عدة مرات، لنجتر معه ذكريات مايو الثورة، وصولاً للانتفاضة التي أطاحت بها، قبل ان يؤكد على أن الحديث عن الانتفاضة لا يعينه في شيء، فيما كان يلقي باللائمة بين الحين والأخر على الرئيس جعفر نميري وتلك السياسة التي قصمت ظهر مايو وأطاحت بها في أكبر ثورة شعبية عرفتها البلاد.
بعض المحاور التي تمكنا من طرحها على ضيفنا الكريم، وفق ما سمح لنا بها هو، وإن كنا نعلم ان الجلوس إليه، يضفي الكثير من الألق والمتعة ،ويجعلنا نخرج بثر المعلومات، فكانت الأسطر التالية.

*مرحب بك سعادتك؟
أهلا وسهلاً

دعنا نقلب معك بعض الأوراق عن ثورة مايو منذ قدومها، وحتى انتفاضة ستة أبريل التي توافق ذكراها اليوم؟
دعي الذين قاموا بالانتفاضة يحدثوك عنها، (أنا ما بقعد ليها، شوفي ناسا يكلموك عنها).

عفوا .ولكننا سنتاول مايو الثورة وليس الانتفاضة وحدها؟
ماذا تريدين أن تقولي عن مايو، ثورة مايو (راحت زمان) والانتفاضة قاربت على الأربعين عاما، وعمري الآن ثمانون عاماً (يعني أنا جدك) ..هناك الكثير من الأحداث الذاكرة لا تسعفني لاستعادتها.

*ربنا يعطيك العافية، ويمد في عمرك، إن شاء الله؟
ويعافيك

على الرغم من أن مايو (راحت زمان) كما ذكرت، إلا أنها تظل باقية وخالدة في ذاكرة ووجدان الشعب السوداني؟
تظل خالدة بإنجازاتها، (وهسة السودان دا فيه شنو غير إنجازات مايو)، الجنوب وتم فصله، (في بلد بتقسم!!) .الجنوب جزء من السودان والآن الشمال بحاجة للجنوب وكذا الجنوب بحاجة إلينا، (هسة نحن مافقدنا أرض عزيزة وتاريخ عزيز للسودان).

*بالتأكيد فقدنا؟
طيب حقو تكتبوا أنتم لماذا تم فصل الجنوب؟ هل الجنوب فصل عن الشمال لأنه مسيحي، أم وثني؟ أم لأن به مسلمون سود؟ الجنوب جزء من السودان ومن تاريخه (الجنوب الليلة مبهدل والشمال مبهدل).

*بغض النظر عن الممارسات السياسية التي أدت لانفصال الجنوب، إلا أنه أصبح واقعاً لانريد الخوض في غماره الآن، لأن المقام مقام (مايو) والانتفاضة التي أطاحت بها؟

*هسة مايو دي فيها زو ل غير “أبو القاسم” موجود في الساحة (كدي فتشي)؟!.
لايوجد؟
إذن مايو تذهب أم لا؟!
بالتأكيد تذهب؟
خلاص مايو ذهبت وظلت إنجازاتها.

*هل كانت هناك بعض المؤشرات لاندلاع ثورة تطيح بمايو؟
بالتأكيد كنا نتوقع أن تحدث انتفاضة على نظام مايو، لأن مايو كانت نظاماً سياسياً في وقت تعج فيه البلاد بـ(الصراع السياسي)، وهذه سنة الحياة، والساحة وقتها كانت تتأرجح مابين الحراك والسكون (تنوم وتصحا)، ولا يوجد هناك من لا يتغير، الأحزاب والقيادات تتغير(ناس تمشي وناس تجي، وما في حتة في الدنيا ما بحصل فيها تغيير سياسي)، مايو كانت مثلها ومثل التنظيمات الأخرى.

*ما الذي حدث حتى يخرج الشعب بتلك القوة؟
والله طبعا مايو حدث فيها خلافات داخلية، (مايو عملت نظام مشى فترة، وما نفع)

*لماذا تأخر الرئيس نميري في عمل المعالجات؟
في بلادنا المتخلفة، بلاد العالم الثالث تقبع الدول على حافة الاقتصاد والمشاكل السياسية والتخلف، ولذلك أي هنات في تكوين هذه الدول تؤدي على الفور لتفككها وتمزيقها، وهذا ما حدث مع ثورة مايو (قعدت أطول فترة وعملت أضخم إنجازات في السودان، لكن في الآخر اختلفت واتفرتقت وانتهت).

*لم يكن بالإمكان معالجة تلك المشاكل؟
النظام الشوري الذي خلقه مجلس قيادة ثورة مايو تغير، وأصبح نظاماً جمهورياً حزبياً قائداً وعنده أجهزته.

*ماهي القشة التي قصمت ظهر ثورة مايو؟
(في حاجات كتيرة ما حاجة واحدة) منها طبيعة التخلف السياسي الموجود.. لم يكن الوعي السياسي بالمستوى الكافي، أنت بلد متخلف وامكانياته الاقتصادية ضعيفة ويتأثر بالمساعدات الخارجية سلباً وإيجاباً.. (واصلو الظروف لما تخلق نفسها ما بتلقى ليها سبب) واسألي الشعب السوداني لماذا خرج في الانتفاضة مطالباً برحيل ثورة مايو في وقت خرج مؤيداً لها؟ بالتأكيد نتيجة لسلبيات في النظام.

*ماهي سلبيات مايو من وجهة نظرك؟
كثيرة، نحن بعد انتقلنا لرئاسة الجمهورية، عقب تبديل قيادة مجلس الثورة قيادة جماعية أصبحت هناك جمهورية ونظام ديمقراطي جديد ومجالس، لكنها كانت بحاجة لمشاركة أوسع وحرية أكثر (ويظهر أنه كان بدري على الحكاية دي إنها تحصل).
لو أن الرئيس نميري عاد للبلاد وقت الانتفاضة، هل يمكن أن ينصلح الوضع؟
حتى لو أنه عاد فإن الوضع لن يتغير، لأن الشعب بلغ مستوى من الغضب جعله يثور بأكمله ضده، (ودي حاجة ما بنكرها زول) الشعب كان وقتا ما، مؤيدا لنميري ولسياساته، ولكن عقب تغيير النظام وأصبحت البلاد جمهورية، تغير نميري وبدأت سياساته بالمقابل تتغير وبدأت الوجوه القائدة تتغير، ولذلك فإنه كان من الصعب حل الأزمة لأنها بلغت مداها.

*الشعب كان على حق؟
الشعب دائماً على حق، ودائماً هو الفيصل النهائي، وهو الذي يغير الأنظمة.

*البعض تحدث عن تدخلات خارجية عجلت برحيل مايو، وتحديداً الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وذلك عندما طلب من الرئيس جعفر نميري عدم العودة للسودان، مؤكداً له انتهاء الأمر، في وقت كان يستعد فيه الأخير للعودة للبلاد وحل المشكلات؟
ليس لدي علم بحقيقة هذه التفاصيل، الناس تحدثوا عنها، ولا أعرف حقيقتها، لكن ما أعرفه أن هناك خللاً، لأن الشعب لن يثور في وجه قائده إلا لأسباب قوية.

*ما هو تقيمك لفترة حكم مايو؟
أفضل فترة حكم وأحسن فترة إنجازات، السودان كان وطن واحد وكبير وكان متقدم.

*لكن بالمقابل قامت أقوى انتفاضة أطاحت بها؟
(خلاص معناها في خطأ) لأنه عقب هذه الانتصارات جميعها، والايجابيات التي كانت في فترة حكم مايو (يجي النظام يزول بالسهولة دي، معناها في خطأ)، أي نظام يأتي وينحج ثم يرتخي وتدخله خلافات وهكذا، في باديء الأمر كان لمايو أساس تقوم عليه، ولكن عندما تغيرهذا الاساس إختلفت مع الشعب (وما في زول ولا قائد أعلى من الشعب).. مايو إزدادت سلبياتها عقب تغيير النظام إلى رئاسة الجمهورية، الفترة التي كنا فيها أعضاء مجلس ثورة كان الناس يسيرون بخطى واثقة أكثر، وانجازات والتصاق مع الجماهير أكثر.

*توقعتم النتيجة إذاً؟
(كيف ما إتوقعناها، إنت قاعد في الحكم دا مافي حاجة عند الناس ما بتحس بيها).

*لماذا لم تقدموا لنميري النصح وتخبروه بتوقعاتكم تلك ؟
كنا نقوم بنصحه (لكن ماخلى واحد فينا قاعد).

*أصبح ديكتاتورياً؟
أيوة ..حتى بالنسبة لنا نحن أعضاء مجلس الثورة لم نكن قريبين منه، (وما كان دايرنا نكون قريبن منه، وجاب أتيام تانية شغلا معاه حتى تأيده).

*قام بإبعادكم لأنكم تنصحونه، أم لسبب آخر؟
أبعدنا لأننا قدمنا له النصح، نحن لم نكن معه عندما أصبح رئيس جمهورية، نحن عندما قمنا بتغيير النظام إلى رئاسي، (قلنا يمكن أن تكون أكثر استقراراً من مجلس قيادة الثورة)، لأن مجلس الثورة يمكن أن تحدث فيه خلافات، (قلنا أحسن يكون رئيس جمهورية مرتبط بالشعب بصورة مباشرة) وتم تكوين مجلس وطني وتنظيم سياسي وهكذا وذهبنا وجلسنا في منازلنا ولم نتمسك بشيء،( العينو نميري عينو والما عاينو ما عينو) خلاص قلنا إنه أدى دوره في الدولة وقام بتكوين نظام لديه رئيس وأجهزة.

*تعني أن نميري لم يحفظ الجميل لمجلس قيادة الثورة؟
معليش..(نحن ما عملنا جميل لي زول، نحن عملنا جميل للوطن) وذهبنا ولم نطلب شيء قلنا يجب أن يستمر النظام الجمهوري، يذهب نميري ويأتي بعده آخر ينتخبه الشعب وتنتهي المسألة وتبقى مسألة طبيعية.

هل توقعتهم تغييره بعد أن جعلتوه في رئاسة الجمهورية ؟
والله لم نتوقع أن يتغير، كان قائداً محبوباً جداً ويجد تأييداً واسعاً من الشعب، وله نظام دقيق ومنظم فيه تنظيمات جماهيرية وفئوية واجتماعية واقتصادية، وله أجهزة واعية جداً تعمل معه، لكنه للأسف لن يقم بتشغيل النظام جيداً، فعقب انتهاء مجلس قيادة الثورة أصبح حوله آخرون، ونحن لم نلق عليه أي قيد (ومشينا زينا وزي الشعب).

حوار ـ هبة محمود سعيد
المجهر السياسي.

‫3 تعليقات

  1. نميري عليه رحمة الله رغم إختلافنا معه في كثير من الأشياء إلا أن أيام أو سنين حُكمه الأولى كانت رائعة جداً ومليئة بالإنجازات ولكن عند إلتفاف الكيزان حوله بقيادة الهالك الترابي عليه لعنة الله حياً وميتاً أدت إلى هذا الدرك السحيق ولمن لا يعرف نميري من الأجيال الحالية فقد كان نظيف اليد عفيفاً لم تمتد يده إلى أموال الشعب بتاتاً وقد كان غداؤه الويكة بالكسرة وعشاؤه الفول بزيت السمسم وحتى وفاته لم يكُن يملك قطعة أرض ناهيك عن الفيلل والقصور التي يسكنها اللصوص وحاشيتهم حالياً ونحنُ شعب غير محطوط إطلاقاً فلو قُدر له الرجوع إلى السودان كان سوف يسحق أخوان الشيطان ولن تقوم لهم قائمة أبد الدهر ولكن هذه مشيئة الله ولا راد لمشيئته سبحانه وتعالى. نسأل الله ونحنُ في خواتيم أعمارنا أن يرينا الله في أخوان الشيطان يوماً عبوساً قمطريرا قبل أن نوارى الثرى.

  2. انا كنت عضو اللجنة المركزية لاتحاد شباب السودان لمنطقة غرب النيل (امدرمان ) خلال الفترة من ١٩٧٦ و حتي ١٩٧٩ .. عارضنا وقتها الصلح مع المدعو / الصادق المهدي و عارضنا انضمام الجبهة الاسلامية اللعينة للنظام ..بل طالبنا بسجنهم و اعدام قادتهم ..لاننا كنا نستشعر الخطر ..و لكن للاسف الشديد لم نجد اذانا صاغية ..و كان الرءيس شبه مغيب !! و رايتم جميعا النهاية